التقرير الأول حول متابعة توصيات الدورة الثانية للاستعراض الدوري الشامل 2014 – مصر”

التقرير الأول حول متابعة توصيات الدورة الثانية للاستعراض الدوري الشامل 2014 – مصر”

01 يناير – 31 أغسطس 2016

 يصدره

“تحالف منظمات المجتمع المدني من أجل الاستعراض الدوري الشامل”

في إطار مشروع

“الاستعراض الدوري الشامل كأداة لتحسين السياسات العامة خلال المرحلة الانتقالية”

(الممول من الاتحاد الأوروبي)

 

“هذا الإصدار تم تنفيذه بمساعدة الاتحاد الأوروبي. مضمون هذا الإصدار هو مسؤولية مؤسسة ماعت للسلام والتنمية وحقوق الإنسان ولا يمكن بأي حال أن يعتبر انعكاسا لرؤي الاتحاد الأوروبي”

تمهيد

يسعي  هذا التقرير  لمتابعة التقدم في تنفيذ التوصيات التي قبلتها الحكومة المصرية (كليا أو جزئيا) خلال خضوعها لعملية المراجعة الدورية الشاملة، والتي اعتمد تقريرها في مارس 2015، حيث يغطي التقرير التطورات ذات الصلة خلال الفترة من يناير وحتى نهاية أغسطس 2016.

تمثلت أبرز ملامح تلك الفترة في إنعقاد البرلمان المصري الذي تم انتخابه نهاية 2015 ، ليكتمل هيكل  المؤسسات الدستورية المصرية لأول مرة منذ يناير 2011   ، وقد انهي البرلمان المصري خلال الفترة التي يغطيها التقرير دور انعقاده الأول ، ضمن دورة برلمانية تستمر خمس سنوات وتنتهي بنهاية عام 2020 ، ومنذ بداية 2016 انتقلت سلطة التشريع كاملة إلى البرلمان المنتخب ، كما انتقلت إلى البرلمان المنتخب – لأول مرة في التاريخ المصري منذ ثورة 1952 – سلطة منح  الثقة للحكومة المصرية  أو حجبها عنها ، فضلا عن حزمة الصلاحيات الأخرى المتوارثة للمؤسسة البرلمانية المصرية والمتمثلة في إقرار الموازنة العامة والسياسة العامة للدولة ، واستخدام مجموعة كبيرة من الأدوات الرقابية في مواجهة السلطة التنفيذية .

خلال الفترة التي يغطيها التقرير أيضا ( يناير– أغسطس  2016)  شهدت مصر ” ضغوطا ” إقتصادية شديدة الصعوبة ، وذلك على خلفية الأزمة الاقتصادية العالمية وتراجع حركة التجارة وتباطوء معدلات النمو الاقتصادي العالمي وهو ما أثر بالسلب على  موارد  الدخل القومي المصري المرتبطة بحركة التجارة العالمية  ،  وبالتوازي لعب الإرهاب دورا سلبيا مؤثرا في إنهاك الاقتصاد المصري ، من خلال تأثيره المباشر على القطاع الرئيسي لجلب العملة الأجنبية للبلاد وهو قطاع السياحة .

فخلال الفترة التي يغطيها التقرير شهدت مصر  تداعيات خطيرة لواقعة تفجير طائرة ركاب روسية على يد الجماعات الإرهابية في أكتوبر 2015 ، مما أدى لتوجيه ضربة موجعة لقطاع السياحة المصري ، ألقت بآثارها السلبية على سعر العملة المحلية ، وعلى معدلات البطالة والتضخم وغيرها من الجوانب الاقتصادية .

وقد كان لكل هذه العوامل تأثير ملموس على قدرة الحكومة على الوفاء بعدد من التوصيات ذات الصلة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية  ، خاصة في ظل انخراط الدولة في برنامج للإصلاح الاقتصادي بمعاونة صندوق النقد الدولي ، وهو البرنامج الذي استهدف خفض الإنفاق الحكومي ، ومن ثم  نتجت عنه أثار جانبية من أهمها رفع الدعم بشكل جزئي عن  عدد من الخدمات الاجتماعية ، وهو ما رفع من معدلات التضخم  وزاد شعور المواطنين بالأزمة الاقتصادية

على مستوى الحقوق المدنية والسياسية ، لا زال هناك جدل كبير في الشارع المصري متعلق بتقييم أداء الحكومة والبرلمان ، ومدى الالتزام بتوصيات الاستعراض الدوري الشامل ذات الصلة ، ففي حين يمثل الإرهاب والعنف تحديا رئيسيا يدفع الدولة بشكل مستمر لاتخاذ إجراءات احترازية قد تؤثر سلبا على حزمة الحقوق والحريات العامة ، إلا إنه في ذات الوقت هناك تجاوزات تحدث أحيانا من جهات إنفاذ القانون ، وهناك تعسف في استخدام بعض القوانين المنظمة لبعض الحقوق المدنية السياسية  خاصة قانوني  التظاهر ومكافحة الإرهاب ، فضلا عن بروز حالات متعددة لاستخدام العنف من بعض صغار موظفي الشرطة ضد المواطنين ، وهي الحالات التي أثارت ضجة في الشارع وأحيل معظم مرتكبيها لجهات التحقيق .

في  ذات السياق ، لا يمكن إغفال الأوضاع الإقليمية بالغة السوء وتأثيرها على أوضاع حقوق الإنسان في مصر ، ففشل ثورات الربيع العربي في دول الجوار وتحولها لحروب أهلية طاحنة ، والتدخلات السلبية للقوى الدولية والإقليمية ، كلها أدت إلى ” ضعف ” الطلب على الإصلاح الديمقراطي ، وترتيب أولويات قضايا حقوق الإنسان لدى شرائح واسعة من المواطنين ، فهناك تخوفات لدي البعض من الدخول في مصير تلك الدول ، وهو الأمر الذي  تستغله  بشكل سلبي بعض الأطراف المحسوبة على السلطة وتقوم بتأجيل وترحيل بعض قضايا الإصلاح المهمة لمراحل لاحقة .

وسوف  نعرض فيما يلي  تقييما لمدى التقدم في الجوانب المختلفة لحقوق الإنسان ، والتي كانت موضوعات لعدد كبير من التوصيات المقدمة للحكومة المصرية خلال خضوعها للمراجعة الدورية الشاملة .

الإجراءات الخاصة بالإطارين التشريعي والمؤسسي ([1])

يتضمن الدستور المصري الذي أقر في يناير 2014 نصوصا توفر حماية لمجموعة كبيرة من الحقوق والحريات العامة ، والكثير  من هذه النصوص  يتلاقي بشكل واضح مع التوصيات التي قبلتها الحكومة المصرية، ومن ثم فقد كان يعول على البرلمان المصري أن يحول تلك النصوص الدستورية إلى قوانين وتشريعات خلال دور انعقاده الأول الذي انتهي مطلع سبتمبر 2016 .

إلا أن الواقع  يشهد بأن البرلمان لم ينتهي من إقرار غالبية تلك القوانين والإصلاحات التشريعية المطلوبة ، وفيما عدا  قانون  بناء وترميم الكنائس  الذي كان مطلبا دستوريا ، فإن مجموعة كبيرة من القوانين الأخرى لم يتم الانتهاء منها بعد  خاصة قانون الجمعيات الأهلية ، العدالة الانتقالية، والمفوضية المستقلة للانتخابات، ، وقوانين النقابات المهنية، ومفوضية منع التمييز، وقانون النقابات العمالية ، كما لم يعمد البرلمان حتى الآن لتعديل قانون تنظيم التظاهرات والاحتجاجات السلمية  وقانون مكافحة الإرهاب اللذان يتسببان في احتقان واضح بين القوي السياسية المصرية .

الحق في الحياة ومكافحة الإرهاب[2]

على الرغم من الانتشار الواسع للتنظيمات الإرهابية في المنطقة ، إلا أن الفترة الأخيرة شهدت نجاحا نسبيا ملحوظا لأجهزة الدولة المصرية في محاصرة الإرهاب والعنف الذي استشري عقب ثورة 30 يونيه 2013 ، وقللت كثيرا من معدلات تكرار حوادثه وحققت نجاحات ملموسة في تقويض قدرات التنظيمات الإرهابية في سيناء ، وهي التنظيمات التي أظهرت شواهد الأحداث تلقيها دعما سياسيا ولوجيستيا وتمويليا وإعلاميا من قوى إقليمية وجماعات سياسية إسلامية في الداخل والخارج .

ومع ذلك فلازال  الإرهاب يشكل المصدر الرئيسي لانتهاكات الحق قي الحياة والحق في التنمية ،   حيث يستهدف الإرهاب اضعاف الاقتصاد وضرب النشاط السياحي الذي يعتبر احد أهم ركائز الاقتصاد الوطني خاصة فيما يتعلق بجلب العملة الأجنبية ، وربما تكون تأثيرات تفجير الطائرة الروسية في أكتوبر 2015 خير دليل على ذلك .

وخلال الفترة التي يغطيها التقرير ( يناير – أغسطس 2016) شهدت الساحة المصرية عدة عمليات إرهابية كان أبرزها ما يلي:-

  • قيام عدد من الأشخاص بإطلاق النار على حافلة للسياح الاسرائيليين أمام فندق الأهرامات الثلاثة ، ولم يؤدى الحدث إلى وقوع أية إصابات وقد أعلن تنظيم داعش عن تبني الهجوم.
  • قيام مجموعة من الشباب بالهجوم على فندق بالغردقة مستخدمين أسلحة بيضاء ، ما أدى إلى إصابة ثلاثة سياح ومقتل المهاجم.
  • قيام عناصر إرهابية منتمية لتنظيم داعش بالهجوم على كمين العتلاوى بوسط العريش فى شمال سيناء مصر باستخدام أسلحة نارية وقد أدى الهجوم إلى مقتل 8 من عناصر الشرطة وإصابة 10 من عناصر الشرطة.
  • قيام مجموعة إرهابية بنصب فخ للأمن المصري عن طريق استدراجهم لشقة بحي الهرم بمحافظة الجيزة وحال وصول الشرطة المصرية حدث تفجير بالشقة مما أدى إلى مقتل 10 من الشرطة وإصابة 20 آخرين وقد تبني تنظيم ولاية سيناء التابع لداعش العملية.
  • قامت العناصر الإرهابية المتواجدة بشمال سيناء – مصر باستهداف نقطة تمركز أمنى لعناصر القوات المسلحة بسيناء عن طريق عبوة ناسفة انفجرت في الكمين المتواجد بالشيخ زويد وقد أدى ذلك لمقتل ثلاثة جنود.
  • قامت عناصر تنظيم داعش بتفجير تجمع لقوات الشرطة بالقرب من المركز الثقافي العماني بالقاهرة – مصر ولم يسفر الحادث عن أي ضحايا.
  • قامت عناصر تابعة لتنظيم بيت المقدس بالهجوم على كمين الصفا بقسم ثالث العريش بسيناء – مصر حيث بدأ الهجوم بتفجير سيارة مفخخة في مكان تواجد الكمين مع قصف بالآر بى جى على الكمين وإطلاق الرصاص عليهم حتى تم تدمير الكمين وبعد ذلك قاموا بسرقة أسلحة الشرطة وبطاقاتهم التعريفية مما أدى إلى قتل 18 فرد من الشرطة المصرية وقد تبنى تنظيم بيت المقدس الحادث الإرهابي.
  • قامت مجموعة تدعي كتائب حلوان باستهداف سيارة تقل مجموعة من ضباط وأفراد الشرطة أثناء قيامهم بمهمة رسمية حيث قامت المجموعة الإرهابية بإطلاق النار علي السيارة ، ما أدى إلى مقتل 8 رجال الشرطة المصرية.

التعاون مع الآليات الدولية لحقوق الإنسان[3]

عزز الدستور المصري في مادته رقم 93 هذا التوجه حيث نصت المادة علي أن ” تلتزم الدولة بالاتفاقيات والعهود والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان التي تصدق عليها مصر، وتصبح لها قوة القانون بعد نشرها وفقاً للأوضاع المقررة.”  وفي هذا الصدد فقد انضمت مصر الي مجموعة أصدقاء اتفاقية مناهضة التعذيب، التي تعتبر محفلا دوليا غير رسمي لتعزيز الجهود العالمية للقضاء على جريمة التعذيب وتشجيع كافة الدول التي لم تنضم بعد لاتفاقية مناهضة التعذيب على الانضمام لها وتنفيذها.

ولكن رغم تأييد مصر لمجموعة من التوصيات التي قدمت في شأن انضمام مصر لحزمة جديدة من المعاهدات والاتفاقيات الدولية إلا أن مصر لم  تقم بتفعيل هذه التوصيات حتى الآن ومنها تقديم التقارير المتأخرة إلى هيئات المعاهدات ذات الصلة بهذه التقارير .

ايضا عدم انضمام مصر إلي بعض المعاهدات الدولية رغم مطالبة الجماعة الحقوقية من الحكومة الانضمام إليها التزاما بتعهداتها أمام مجلس حقوق الإنسان  كما لم يتم حتي الآن  إنشاء مكتب إقليمي للمفوضية السامية بالقاهرة، أيضا لم تحرص الحكومة حتي الآن  علي التعاون مع المكلفين بولايات في إطار الإجراءات الخاصة.

الحرية والآمان الشخصي[4]

اقر الدستور المصري في باب الحقوق والحريات مجموعة كبيرة من المواد  منها المواد “51 ، 52 ، 53 ،54” التي تحمي  الحرية والأمان الشخصي، كما حفظ القانون هذه الحريات العامة حفاظا علي أمان وتأمين الشخص ، إلا انه في حقيقة الأمر تستمر بعض الانتهاكات لهذه الحقوق ، والتي تصنع تحديا كبيرا في مجال الحق في الحرية والتمتع بالأمان الشخصي ويأتي علي رأس ذلك التوسع الكبير في الحبس الاحتياطي ، مع استمرار ظاهرة سوء معاملة المحتجزين في بعض مقار الاحتجاز.

ومن الظواهر السلبية التي تم رصدها في هذا الإطار خلال فترة إعداد التقارير بروز  بعض  حالات لاعتداء رجال شرطة من صغار الرتب على مواطنين لدرجة أدت لوفاتهم ، حيث قام أمين شرطة بقتل مواطن في منطقة الدرب الأحمر بوسط القاهرة ، وأخر قام بقتل مواطن في مدينة الرحاب على أطراف القاهرة ، فضلا عن بعض الحالات لوفاة محتجزين وتوجيه  اتهامات لضباط وأفراد شرطة بالاعتداء عليهم .

وعلى الرغم من أن غالبية هذه الحالات تم إحالتها لجهات التحقيق وصدر في كثير منها عقوبات رادعة على مرتكبيها ، إلا أن الإطار القانوني المنظم لعمل جهاز الشرطة ، ومواد قانون العقوبات التي تضمن الحد من تلك الممارسات تبدو ضعيفة للغاية وتحتاج إلى تعديل لضمان محاصرة الظاهرة ووصول الضحايا وذويهم لآليات الانتصاف ومعاقبة مرتكبي الجرائم بصورة رادعة تؤدي لعدم تكرارها .

حالات الاختفاء القسري

نتيجة قيام بعض الأفراد في الأجهزة الأمنية إتباع قواعد احتجاز مخالفة تتعمد تأخير استجواب وعرض المحتجزين علي النيابة العامة ، أيضا قيام بعض الجهات الأمنية بعدم الإفصاح عن أماكن المحتجزين بخلاف القانون والدستور إلي ظهور مصطلح الاختفاء القسري  وهو ما دفع عدد من الأسر بالتقدم  ببلاغات إلي بعض المؤسسات الحقوقية من اجل التصدي لهذه الظاهرة والتي تلقي منها المجلس القومي لحقوق الإنسان عدد 266 بلاغا عن حالة إدعاء باختفاء أو تغيب، قام المجلس علي إثرها بمخاطبة وزارة الداخلية – قطاع حقوق الإنسان حيث أفصحت وزارة الداخلية موقف 238 بلاغا مع استمرارها في فحص ومتابعة باقي الحالات المرسلة، حيث تبين انه هناك عدد 143 فرد من المبلغ عنهم محتجز احتياطيا علي ذمة قضايا ، كما أوضحت الوزارة أن هناك 27 حالة تم الإفراج عنها عقب التأكد من سلامة موقفهم وعدم تورطهم في أعمال مخالفة للقانون ، وأكدت الوزارة أيضا  وجود عدد 44 حالة تبين بعد الفحص أنه لم يتم ضبطهم أو اتخاذ إجراءات قانونية حيالهم ، ومن المرجح أن غيابهم يعود إلى تركهم محل إقامتهم خوفا من الملاحقة الأمنية أو الانضمام للجماعات التكفيرية ، وكذلك تبين وجود عدد  8 حالات أفاد الرد الوارد من الوزارة بشأنهم بأنه “بعد إجراء التحريات الميدانية تبين تواجد المذكورين بمحل إقامتهم وعدم صحة اختفائهم قسريا ” ، كما تبين أيضا 9 حالات لهاربين ستة منهم مطلوب ضبطهم على ذمة قضايا ، والحالات الثلاثة الباقية لفتيات تبين أنهم هاربين من ذويهم ، كما تبين أن هناك عدد  6 حالات  تغيب لمواطنين محرر بشأنهم محاضر شرطية  بخلاف 4 حالات تبين مصرعهم أثناء مهاجمتهم لكمائن الشرطة بالعريش.

أوضاع اللاجئين

ومن ناحية أخري مازالت إشكالية ارتفاع أعداد اللاجئين إلي مصر هربا من الصراعات المسلحة التي تحدث في بعض الدول العربية والإفريقية تمثل تحديا كبيرا لحالة حقوق الإنسان خاصة الحق في الحياة والأمان الشخصي مستمرة وبشكل متضاعف.

وقد ارتفع بشكل عام أعداد اللاجئين العرب والأفارقة الفارين من مناطق نزاعات وحروب أهلية مسلحة  وقد أشار رئيس الجمهورية في بداية  عام  2016  إلى أن عدد اللاجئين إلي مصر يزيد عن خمسة ملايين فرد ،  ويعاني الكثير من هؤلاء من صعوبات ذات طبيعة معيشية واجتماعية، وكذا من صعوبات أمنية علي الرغم من إقرار الدستور في المادة 91 والمادة 93 التزام الدولة بالمواثيق الدولية في معاملة اللاجئين وأيضا عدم تسليم اللاجئين السياسيين. وتشتمل معاناة اللاجئين علي صعوبات في تجديد الإقامات أو في الحصول عليها أصلاً، ما جعلهم ضحايا لمافيا النصب بدعوى الهجرة غير النظامية إلي جنوب أوروبا مما شكل خطرا كبيرا علي حقهم في الحياة أيضا ، وقد تعرض عدد كبير من اللاجئين للاحتجاز  في  الاقسام والمراكز الأولية  بتهم استعمال وثائق مزورة، ورغم التوجه الإيجابي للنيابة العامة والجهات الأمنية المختصة بالإفراج عنهم وعدم ترحيلهم، لكن لا يسمح لهم باستعادة وثائقهم أو الحصول على أي أوراق ثبوتية بما يشكل تهديداً لإمكانية الحياة والحصول على الأرزاق أو تلقي المساعدات، فضلاً عن التهديد المفتوح بإعادة التوقيف لعدم وجود أوراق ثبوتية.

الحق في التعليم[5]

قامت مصر خلال الفترة التي يغطيها التقرير بالعمل علي تطوير التعليم ورفع مستواه طبقا لما اقره الدستور في مواده أرقام “19 ، 20 ، 21 ، 22 ، 23 ، 24 ، 25  ، 238 ” وذلك علي مستوي المباني والمناهج ، وإطلاق مدارس المتفوقين للعلـوم والتكنولوجيـا ، كما تم إنشاء مركز للابتكار والإبداع للاهتمام بالموهوبين والمبتكرين مع إنشاء قاعدة بيانات خاصة بالبحث العلمي للتعليم ما قبل الجامعي   ، كما عملت الدولة علي تنفيذ برامج لمحو الأمية أدت إلي خفض نسب الأمية للشريحة العمرية 10 سنوات فأكثر خلال العام الحالي بنسبة 1% لتصل إلى نسبة 20.6% من إجمالي عدد السكان. وعلي مستوي التعليم الجامعي تم خلال الفترة التي يغطيها التقرير استعادة الاستقرار الأمني داخل الجامعات،  كما تم توقيع 69 اتفاقية ثنائية بين جامعات مصرية وأجنبية لتبادل الخبرات العلمية.

ورغم  اهتمام الدولة بإجراء إصلاحات جوهرية على التعليم، إلا  أن عدد النمو في بناء المدارس ضعيف ، لكن الأكثر صعوبة هو استمرار توقف العملية التعليمية بين نقص كفاءة واهتمام المعلمين، وسوء الإدارة، وانفلات السلوك التربوي، وتردي مستوى المناهج الدراسية، وغياب أو انعدام الأنشطة الرياضية والثقافية، وتفاقم مشكلة الدروس  الخصوصية والتي تشكل عبء كبيرا علي  كاهل الأسرة المصرية.

كما شهدت الفترة التي يغطيها التقرير ظاهرة تسريب امتحانات الثانوية العامة حيث فقدت وزارة التربية والتعليم السيطرة على تسريب الامتحانات مما تسبب في غياب تكافؤ الفرص وتحقيق العدالة، وعرض الأمن القومى للخطر لأن الثانوية العامة تحدد مستقبل وطبيعة عمل الأجيال المقبلة .

وعلى صعيد التعليم الجامعي والدراسات العليا،  تتواصل الإشكاليات المتعلقة بالوفاء برواتب أعضاء هيئات التدريس، لاسيما الفروق الكبيرة بين الفئات داخل هيئة التدريس في ذات الجامعة وذات الكلية، ويظل للإشكاليات السياسية تبعاتها على الجامعات، فضلاً عن مظاهر الانحياز لبعض الفئات في تيسير الالتحاق بالجامعات، أيضا برزت أزمة جديدة في مواجهة الحريات الطلابية بعد إبطال انتخابات الاتحاد العام لطلاب مصر.

الحق في الصحة[6]

نص الدستور المصري لعام 2014 علي الحق في الصحة لجميع المواطنين دونما استثناء حيث  تعطى المادة (18) الحق لجميع المواطنين دون تميز في الحصول على الرعاية الصحية المتكاملة  وفي هذا الإطار أعلنت الحكومة عن صياغة مشروع قانون التأمين الصحي  ليسري على جميع المواطنين في كل الفئات العمرية بجميع أنحاء الجمهورية . مع قيام الدولة بتحمل اشتراكات المؤمن عليهم من غير القادرين ، الا ان القانون لم يرسل الي البرلمان ولم  يقم البرلمان بدوره التشريعي في اقرار هذا القانون حتي صياغة هذا التقرير.

كما اعتمدت الدولة تفعيــل حملـة قوميـة واسـعة النطـاق للقضــاء علـي أمـراض الكبـد و فيـروس سي مــن خلال  منظومــة عمــل كاملــة تضــمنت توســيع دور مؤسســات المجتمــع المــدني، و أطلــق صــندوق تحيــا مصــر ومن خلال إستراتيجية سريعة لتنفيــذ برنــامج مكافحــة وعــلاج فيــروس (ســي) بالتنسيق مع وزارة الصحة والسكان.

وحثي الآن مازال غياب الشفافية في القطاع الصحي وعدم وجود رؤية حقيقية للتطوير وخطة زمنية محددة ، احد أهم المشكلات التي تؤدي إلي فقدان ثقة المواطن في قطاع الخدمات الصحية الحكومية واتجاهه نحو القطاع الخاص الذي يتكبد فيه مبالغ طائلة ، وهو ما لا يستطيع الغالبية العظمي من الشعب  الوفاء به.

أيضا غياب دور المجلس الأعلى للصحة المشهر  بموجب قرار رئاسي ويرأسه وزير الصحة ،  في تحديد الاتجاه الذي سوف تسلكه السياسة الصحية والتنسيق الشامل بين القطاع الصحي وغيره من القطاعات والأطراف الأخرى المعنية من داخل القطاع الصحي وخارجه.

ورغم المقومات التي تتمتع بها البلاد لتطوير منظومة صحية فاعلة وقادرة، فإن الواقع يعكس تدهوراً  مريعاً في شتى جوانب الخدمات الصحية، سواء تلك التي تتحملها الموازنة العامة، أو تلك التي تتم خارجها. ففي كثير من الحالات، يضطر المرضى للاعتماد على مساندة طبيب خاص لتيسير علاجه المكلف عبر إحدى المستشفيات العامة المجانية أو ذات الأسعار الرمزية، لا سيما فيما يتصل بإجراءات الجراحات البسيطة أو المعقدة، بل وحتى في الحصول على رعاية صحية مناسبة داخل المستشفى، بما في ذلك الحصول علي أسرة للمرضى الذين يحتاجون رعاية زمنية. ورغم ضعف جودتها وتدني مستوى الخدمة، ترتفع تكلفة الخدمات الطبية الخاصة على نحو لا تطيقه غالبية السكان في ظل غياب الرقابة عليها، وهو ما يدفع العديد من الفئات القادرة على السفر طلباً للخدمات الصحية والرعاية الطبية في الخارج، سواء لضمان جودة الخدمة، أو لتقليل التكلفة بالمقارنة مع نظيرتها داخل البلاد.

 وفي ذات السياق اعتمد البرلمان موازنة الدولة للعام المالي الجديد 2016-2017 دون قيام الحكومة باقرار النسب المقررة للصحة دستوريا في المادة  18  حيث نصت المادة علي ان تلتزم الدولة بتخصيص نسبة من الإنفاق الحكومي للصحة لا تقل عن 3 % من الناتج القومي الإجمالي تتصاعد تدريجيًا حتى تتفق مع المعدلات العالمية. كما  أن المادة 238 من الدستور تنص على أن تضمن الدولة تنفيذ التزامها بتخصيص الحد الأدنى لمعدلات الإنفاق الحكومي على التعليم، والتعليم العالي، والصحة، والبحث العلمي المقررة في هذا الدستور تدريجيًا اعتبارًا من تاريخ العمل به، على أن تلتزم به كاملًا في موازنة الدولة للسنة المالية 2016/2017 (أي أن الدولة يجب عليها تخصيص نسبة 3% من الناتج القومي في موازنة 2016-2017). وبما أن الناتج المحلي الإجمالي هو قيمة السلع والخدمات في الاقتصاد القومي التي تنتجها الدولة داخل إقليمها وحدودها، كما أن الناتج المحلي الإجمالي (طبقًا للموازنة المقدم من وزارة المالية) حوالى 3.24 تريليون جنيه، وبالتالي يجب ألا تقل موازنة الصحة عن 97 مليار جنيه في موازنة 2016 – 2017، لكن للأسف المخصص للصحة هو 48.9 مليار فقط (أي نصف النسبة الدستورية تقريبًا). وهو ما يعد خرق من قبل الحكومة للدستور وهو ما اقره البرلمان للاسف.

الحق في السكن [7]

تعد مشكلة الإسكان في مصر واحدة من أكبر المشكلات الاجتماعية والاقتصادية، والتي استفحلت على مدى الأربعة عقود الماضية لتشبه الإخطبوط بأسبابها المتداخلة والمتشابكة فيما بينها وما صاحبها من انتشار ظواهر عديدة وانفجار أنماط الإسكان العشوائي والإسكان المجازى وهو سكن الأماكن غير المعدة أصلا للسكن مثل سكن القبور والمحال والجراجات والمراكب والعشش وغيرها من أنماط الإسكان المجازى، بالإضافة الي انتشار الظاهرة الخطيرة لانهيار العقارات.

وبالرغم من أن الدولة تواصل جهودها طبقا للمادة”78″ من الدستور لتوفير الحق في السكن الآدمي ، ومساعيها لتنفيذ مشروع رئيس الجمهورية لبناء مليون وحدة سكنية جديدة بحلول العام 2020 بمعدل  200 ألف وحدة سكنية سنوياً إلا أن هناك شكوى من المتقدمين لحيازة وحدات الإسكان المتوسط والإسكان الاجتماعي من ارتفاع قيمة الوحدة السكنية رغم نظام السداد على أقساط، حيث تبلغ قيمة المتر المربع للوحدة حوالي  4400 جنيه، وهو ما يضعها فوق قدرة الكثير من الشرائح المتوسطة الأكثر حاجة إليها،  وهو ما يؤكد حاجة الدولة لتوجيه اهتمام أكبر بالإسكان الاجتماعي على نحو يشمل الشرائح الدنيا من الطبقة الوسطى.

كما تابعت الدولة توفير قطع أرض للبناء في المجتمعات الجديدة للقادرين على إنشاء مساكن مستقلة، وهي الأراضي التي تلقى رواجاً هائل وإقبالا شديد من قبل بعض ميسوري الحال.

كما شهدت مصر ارتفاع متواتر ومتكرر في قيم فواتير خدمات الكهرباء ومياه الشرب والصرف الصحي كان مثار شكوى أكبر من جانب قطاعات غفيرة من المواطنين، ورغم تراجع  الحكومة عن موجة غلاء أسعار هذه الخدمات في الفترة من سبتمبر إلى نوفمبر 2015 ، إلا أنها عادت و أقرتها هذا العام  .

كما شهدت الفترة التي يغطيها التقرير نقطة مضيئة من الدولة التي نفذت مشروع «تحيا مصر» بحي الأسمرات السكنى بالمقطم، التي تضم ما يناهز 11 ألف وحدة سكنية مخصصة لنقل القاطنين في عشوائيات الدويقة وعزبة خير الله وإسطبل عنتر ، ويعتبر هذا المشروع اعتراف من الدولة المصرية بحقوق أهالي العشوائيات التي تم إهمالها على مدار سنوات وعقود سابقة، وأن هذا المشروع هو تجديد للثقة في دولة تعترف بحقوق مواطنيها في الحياة الكريمة والآدمية.

الحق في العمل[8]

اقر الدستور المصري لكافة المواطنين الحق في العمل في المواد رقم 12 والتي نصت علي ” العمل حق ، وواجب ، وشرف تكفله الدولة. ولا يجوز إلزام أي مواطن بالعمل جبراً، إلا بمقتضى قانون، ولأداء خدمة عامة، لمدة محددة، وبمقابل عادل، ودون إخلال بالحقوق الأساسية للمكلفين بالعمل “. وأيضا المادة رقم 13 والتي نصت علي أن ” تلتزم الدولة بالحفاظ علي حقوق العمال، وتعمل على بناء علاقات عمل متوازنة بين طرفي العملية الإنتاجية، وتكفل سبل التفاوض الجماعي، وتعمل على حماية العمال من مخاطر العمل وتوافر شروط الأمن والسلامة والصحة المهنية، ويحظر فصلهم تعسفياً، وذلك كله على النحو الذي ينظمه القانون.”

الا انه وبرغم هذه المواد تظل معدلات البطالة في الارتفاع ، وبصفة خاصة بين الشباب  والخرجين الجدد ، حيث قدر الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء البطالة  بنسبة 12.8 %  بعد أن كانت الأرقام السابقة بين 9 و 11 بالمائة،  وتبلغ التقديرات الغير رسمية إلي أن البطالة تصل إلي ما يزيد عن 20%

وترتفع معدلات البطالة بين الشباب والنساء لتصل إلى نحو 25 بالمائة، وخاصة بين الخريجين حملة الشهادات الجامعية والدراسات العليا.

كذلك مازالت هناك بعض قطاعات العاملين في الدولة والقطاع العام غير مشمولة بتطبيق الحد الأدنى للأجور، وبالاستناد إلى اعتبارات إجرائية غير موضوعية، بما يقدر بنحو 800 ألف من العاملين من بين قرابة 6.5 مليون عامل.

وفي سياق مختلف تظل أزمة البطء الشديد في إقرار قانون جديد أو تعديل قانون النقابات تماشيا مع المادة 76 من الدستور سببا قويا في إضعاف تلك النقابات التي تمثل العمال مما يؤثر علي دورها في الارتفاع بمستوي قدرتها علي حماية حقوق العاملين وتنظيم وترتيب مصالحهم والتواصل مع الجهات التشريعية والتنفيذية من اجل حماية حقوق العمال. ورغم ارتفاع معدلات النمو إلا أن عدم كفاية التعليم والجمود الهيكلي في سوق العمل أديا إلى تباطؤ نمو التشغيل مما نتج عنه ارتفاع معدلات البطالة وسوء الأحوال الاجتماعية نتيجة الظروف السياسية التي تمر بها خاصة مع التباطوء الشديد في السياحة الخارجية ما أدي إلي إغلاق العديد من المنشآت السياحية وتسريح العمالة.

حرية الرأي والتعبير[9]

نص الدستور المصري علي حرية الرأي و التعبير وحرية البحث العلمي وحرية الصحافة بثلاثة مواد هم المواد “65، 66، 67 ” إلي جانب تخصيصه المواد رقم 70، 71، 72   وهي المواد الخاصة بحرية الصحافة و استقلاليتها وحظر الرقابة عليها أو مصادرتها وحرية إصدارها وحق الصحفيين في الحصول علي المعلومات.

وعلي الرغم من هذه المواد الدستورية التي كفلت حرية الرأي والتعبير إلا انه هناك تراكمات متعددة من التحديات التي تعيق تعزيز وحماية حرية الرأي والتعبير  و خلال الفترة التي يغطيها التقرير، والتي شملت محاولات بعض جهات الدولة لتقليص الهامش المتاح وإعادة العمل بالعقوبات السالبة للحريات، والتباطؤ في تشكيل الهيئات الإعلامية المسئولة بموجب الدستور في ظل إلغاء وزارة الإعلام على نحو عمق الجدل الإعلامي، واستمرت قضايا الحسبة الدينية والسياسية تطال العديد من المثقفين والسياسيين.

وقد ظهرت محاولات تقويض الاعلام والصحافة في يوليو من العام 2015 ، وعلي خلفية بعض الأحداث الإرهابية  تبنت وزارة العدل مشروع قانون يضيق الحريات الإعلامية ويعيد العمل بالعقوبات السالبة للحريات بالمخالفة للدستور والقانون، ورغم أن مجلس الوزراء رفض تبني المشروع في ضوء اعتراضات نقابة الصحفيين وجماعات حقوق الإنسان، فقد تم تغليظ الغرامات المالية في جرائم النشر بصورة كبيرة، غير أن النص التجريمي جاء فضفاضاً للغاية على نحو يسمح بتجريم مجرد مخالفة البيانات الرسمية العسكرية والأمنية وهو ما يعد تضييقاً على حريات تداول المعلومات، ولم تستجب الدولة للدعوات بأهمية ضبط الصياغة القانونية للنص. وكانت الجهات القانونية في وزارة الشئون القانونية ولجنة الإصلاح التشريعي قد انتهت من إعداد مشروع قانون تداول المعلومات، لكنها ضيقت نطاق المشاورات حول القانون الذي يُفترض أن يؤسس للشفافية، والذي يتطلب مشاورات موسعة مع أوسع قطاعات مجتمعية ممكنة لا سيما القطاعات صاحبة المصلحة.

كما نص دستور 2014 على تأسيس مجلس وطني مستقل للإعلام، وهيئة للصحافة، وهيئة للإعلام المرئي والمسموع، وهي الأجهزة التي من المخطط أن تشكل الجسم الرئيسي لإشراف مستقل ومحايد وموضوعي على الإعلام العام والخاص. فضلاً عما فرضته خارطة المستقبل في 3 يوليو 2013 من ضرورة وضع وتفعيل ميثاق شرف للإعلاميين يتوافق المجتمع على أهميته للحيلولة دون حدوث الفوضى الإعلامية السائدة. وقد تفاقمت أزمة الأداء الإعلامي خلال الفترة التي يغطيها التقرير على نحو يستمر في الحيلولة دون تمكين المجتمع من تكوين آراء حرة في قضايا الشأن العام، حيث تواصلت جهود الإعلام الخاص المهيمن على معدلات عالية للمشاهدة في تبني خطاب ذا طبيعة أحادية يستهدف في الأغلب حماية الدولة ونظامها السياسي من النقد الشعبي، وممارسة ردود الأفعال على نقد وسائل الإعلام الخارجية لأداء الدولة بأكثر مما تستدعيه الضرورة، وأحياناً الهجوم بصورة غير مباشرة على قرارات  حكومية محددة إذا ما خالفت المصالح التي تمتلك الوسائل الإعلامية، وجميعها عناصر أسهمت في إثارة قدر كبير من الجدل في الشارع المصري .

الحق في التجمع السلمي[10]

نصت  المادة 54 من الدستور المصري على أن الحرية الشخصية حق طبيعي مصونة ولا تمس ، والمادة (55) تنص على أن كل من يقبض عليه أو تقيد حريته يجب معاملته بما يحفظ كرامته ، وتنص المادة 65 على أن حرية الرأي والفكر مكفولة ولكل إنسان حق التعبير عن رأيه بالكتابة والتصوير أو غير ذلك من وسائل التعبير والنشر، والمادة 73  تنص على :  للمواطنين حق تنظيم الاجتماعات العامة والمواكب والتظاهرات وجميع أشكال الاحتجاجات السلمية غير حاملين سلاحًا من أي نوع، بالإخطار على النحو الذي ينظمه القانون.

وتستطرد المادة لتؤكد علي أن حق الاجتماع الخاص سلميًا مكفول، دون الحاجة إلى إخطار سابق، ولا يجوز لرجال الأمن حضوره أو مراقبته، أو التنصت عليه.  والمادة 74 تنص على : للمواطنين حق تكوين الأحزاب السياسية، بإخطار ينظمه القانون ، ولا يجوز مباشرة أي نشاط سياسي، أو قيام أحزاب سياسية على أساس ديني، أو بناءً على التفرقة بســبب الجنــس أو الأصـل أو على أسـاس طائفي أو جغرافي، أو ممارسة نشاط معاد لمبادئ الديمقراطية، أو سرى، أو ذي طابع عسكري أو شبه عسكري ، ولا يجوز حل الأحزاب إلا بحكم قضائي.

وعلي الرغم من أن هناك ترسانة من القوانين المقيدة لهذا الحق والتي استخدمت في مواجهة التحركات والتظاهرات السلمية منذ زمن طويل حتي الوقت الراهن إلا أن الحكومة المصرية برئاسة عدلي منصور الرئيس المؤقت في نوفمبر 2013 أصدرت القانون رقم  107  لسنة 2013 الذي منع ممارسة حق التظاهر والتجمع السلمي وأخل بمضمونهما ، حيث  يمتلئ القانون بالمصطلحات الفضفاضة التي يمكن من خلالها منع هذا الحق  ،  مثل المساس بتعطيل الإنتاج أو بالدعوة إليه  أو بالنظام العام أو تعطيل مصالح المواطنين أو إيذائهم أو تعريضهم للخطر أو الحيلولة دون ممارستهم لحقوقهم وأعمالهم أو التأثير على سير العدالة أو المرافق العامة أو قطع الطرق أو المواصلات، كما وسع القانون في العقوبات الماسة بالحرية التي حددها ما بين سنتين و7 سنوات سجنا لمخالفة بنوده.

كما أصدر رئيس الجمهورية الحالي “عبدالفتاح السيسي” في أكتوبر من العام 2015  قرار بقانون لتأمين وحماية المنشآت العامة والحيوية يجيز للقوات المسلحة مشاركة جهاز الشرطة في حماية وتأمين تلك المنشآت، على أن يسري هذا القرار لمدة عامين فقط.  وبموجب القانون الجديد، تحال الجرائم التي ترتكب ضد هذه المنشآت إلى النيابة العسكرية لعرضها على القضاء العسكري للبت فيها.

وعلي الرغم  من قبول مصر بعض التوصيات الصادرة بشأن تعديل بعض أحكام القانون رقم 107 والمعروف بقانون تنظيم التظاهر إلا انه حتي الآن لم تتخذ الدولة أي إجراءات حقيقية لتعديل هذا القانون الذي تم تطبيقه علي عدد كبير من المواطنين أثناء قيامهم بالتظاهر ضد بعض سياسيات النظام الحالي خاصة فيما يتعلق بالتظاهر ضد قرار النظام بالتنازل عن السيادة علي جزيرتي تيران وصنافير.

الحق في حرية تكوين ونشاط التنظيمات الاهلية[11]

نص الدستور المصري علي حرية تكوين المنظمات الأهلية بكافة أشكالها وذلك من خلال المادة 75 و المادة 76 التي تعطي الحق في إنشاء النقابات والاتحادات العمالية بحرية وعلي أساس ديمقراطي ،  والمادة 77  تنظم حق إنشاء النقابات،   وعلي الرغم من هذه المواد إلا أن المجتمع المدني المصري  تعرض لأزمات متعددة منذ قيام ثورة الخامس والعشرون من يناير حين ظهر علي الساحة جدل  شديد مابين معاناة الجمعيات والمؤسسات المشهرة طبقا لقانون 84 لسنة 2002 من مواد هذا القانون وأيضا بعض الشركات والمكاتب الحقوقية والعيادات الطبية – التي تعمل علي تأهيل المعنفين والمعنفات- والتي لا تعترف بالقانون وترفض الخضوع لولايته وما بين   إصرار  الحكومات المتعاقبة على عدم الاعتراف بوجود عمليات تضييق ضد المجتمع المدني  مع تمسك هذه الحكومات بحقها في تقنين أوضاع المؤسسات التي تعمل بميادين عمل  تتطابق وعمل منظمات المجتمع المدني الخاصة لقانون 84 واتهام الحكومات المتعاقبه بتلقي منظمات المجتمع المدني لتمويلات دون موافقة الجهات الرقابية تستخدم في أعمال قد تضر بالأمن القومي للدولة.

هذا وقد عانى المجتمع المدني المصري اثر التضييق الحكومي حيث  اتخذت الأنظمة المتعاقبة العديد من القرارات الإجرائية القانونية ضد بعض المؤسسات بادعاء قيامها بأنشطة من شأنها إضعاف الوحدة الوطنية أو أن نشاط هذه المنظمات يضر بالأمن القومي  دون تعريف واضح لمفهوم ومحاذير الأمن القومي ،  ومن ثم تم اتهام العديد منها خاصة تلك المسجلة كشركات أو مراكز محاماة علي أنها غطاء لتدخّل  دول أجنبية في شؤون الدولة الداخلية .

وقد عقد العلاقة بين الحكومات ومؤسسات المجتمع والسياسي. أن بعض الدول مارست بشكل منهجي تمويل عديد من هذه المؤسسات وأمدتها بمبالغ هائلة للتأثير على الممارسة السياسية.وهو ما خلق نوعا من الخلط ما بين العمل الحقوقي والسياسي  .

كما يلعب الأمن في مصر دورا هاما في الموافقة علي إشهار ورقابة عمل مؤسسات المجتمع المدني استنادا  علي بعض المواد  في قانون 84 لسنة 2002 والذي اشترط أن تكون المؤسسة أو الجمعية غير مخالفة للنظام العام والآداب ولا تهدد الأمن الوطني وهي الذريعة التي يتخذها الأمن دوما للتدخل في عمل المنظمات أو حتي عدم الموافقة علي إشهارها .

كما تعاني  منظمات المجتمع المدني في مصر من عدم الاستقلالية على جميع المستويات حيث أن التشريع الذي  تعمل تحته هذه المنظمات وهو قانون 84 لسنة 2002 أعطي الحكومة سلطة مكنتها من إحكام قبضتها على تلك المنظمات مما جعل المنظمات عرضة للتعنت  من قبل موظفي الجهة الإدارية مع وضع القانون العراقيل  أمام استقلالية تلك الجمعيات. علي الرغم من قيام كثير من الجمعيات والمؤسسات الأهلية بطلب تعديل قانون 84 لسنة 2002 وحتي قبل قيام ثورة 25 يناير حيث قامت  العديد من المنظمات الاهلية بإنشاء تحالفات لهذا الغرض واعداد مسودات لمشروعات قوانين بما يتناغم ويتفق  مع الاتفاقيات الدولية والتوصيات التي وافقت عليها مصر سواء في الاستعراض الدروري الشامل الذي خضعت له مصر في  دورته الاولي في العام 2010 أو الاستعراض الدوري الشامل في دورته الثانية في العام 2014.

وتخضع المنظمات الأهلية إلي جميع الأجهزة الرقابية المختلفة في الدولة، ويأتي في مقدمة هذه الأجهزة الجهاز المركزي للمحاسبات المسئول الأول عن المراجعة للموارد المالية وأوجه الإنفاق. ووزارة التضامن الاجتماعي التي تتمتع بالصلاحية الكاملة للإشراف والمراقبة الإدارية والمالية والفنية والاجتماعية علي هذه الجمعيات والمؤسسات وأنشطتها المختلفة وهي المسئولة عن المخالفات والمحاسبة عليها. ومن الجهة القانونية فإن القانون أعطي الحق للجهة الإدارية متمثلة في وزارة التضامن الاجتماعي في إغلاق أية جمعية أو دمجها في غيرها بحجج  مطاطة لا يمكن التحقق من صحتها  أو وضع معايير واضحة لهذه المخالفات مثل مخالفة النشاط للنظام العام  وتهديد الأمن القومي ومخالفة الآداب العامة وهي مصطلحات فضفاضة يجب تقنينها ووضع تعريفات واضحة لها .

الحق في المحاكمة العادلة [12]

نص الدستور المصري في باب سيادة القانون علي مواد تكفل الحق في محاكمة عادلة وهي المواد رقم 94 والتي نصت علي أن ” سيادة القانون أساس الحكم في الدولة. وتخضع الدولة للقانون، واستقلال القضاء، وحصانته، وحيدته، ضمانات أساسية لحماية الحقوق والحريات.” أيضا المادة 95 والتي تنص علي أن ” العقوبة شخصية، ولا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على قانون، ولا توقع عقوبة إلا بحكم قضائي، ولا عقاب إلا على الأفعال اللاحقة لتاريخ نفاذ القانون.” كما نصت المادة 96 علي أن ” المتهم برئ حتى تثبت إدانته في محاكمة قانونية عادلة، تكفل له فيها ضمانات الدفاع عن نفسه. وينظم القانون استئناف الأحكام الصادرة في الجنايات. وتوفر الدولة الحماية للمجني عليهم والشهود والمتهمين والمبلغين عند الاقتضاء، وفقاً للقانون والمادة رقم 97 التي نصت علي ” التقاضي حق مصون ومكفول للكافة. وتلتزم الدولة بتقريب جهات التقاضي، و تعمل على سرعة الفصل في القضايا، ويحظر تحصين أي عمل أو قرار إداري من رقابة القضاء، ولا يحاكم شخص إلا أمام قاضيه الطبيعي، والمحاكـم الاستثنائية محظورة.”

ورغم هذه المواد الدستورية التي تتوافق والمواثيق الدولية وأيضا توصيات الاستعراض الدوري الشامل إلا انه مازالت  هناك بعض الانتهاكات  المتعلقة بالحق في المحاكمة العادلة علي الرغم من أن مصر تتميز باعتبارها أكثر البلدان في المنطقة تمتعا باستقلال القضاء علي المستوي التشريعي وعلي مستوي ممارسة الاستقلالية الذي يحرص القضاة أنفسهم علي ممارسته ويرفضون بشكل قاطع وبات ونهائي أي محاولة لمحاباة السلطة الحاكمة فيه ، ولكن تظهر أزمة الحق في محاكمة عادلة نتيجة استمرار العمل ببعض المحاكمات العسكرية للمدنيين  رغم قصرها وتضيق العمل بها إلا أنها تعتبر سبباً في إثارة القلق، لا سيما نتيجة الإبقاء على هذه الممارسة بموجب نص دستور 2014 فيما يتعلق بالاعتداء على القوات المسلحة ومنشأتها. وأتاح ذلك إمكانية التملص من التضييق عبر قوانين مؤقتة صنفت منشآت مدنية باعتبارها منشآت عسكرية حال قيام الجيش بالمساهمة في تأمينها مع الشرطة مثل بعض محطات البنزين ومبني التليفزيون وبعض المباني الحكومية المدنية الأخرى . كما يتم استخدام المحاكمات العسكرية في بعض جرائم الإرهاب التي تستهدف محاولة إفشال الدولة

ايضا علي صعيد التقاضي ،  مازال  الوفاء بما فرضه الدستور من تسهيل الحق في التقاضي ومعالجة المشكلات التي نشأت قبل ثورة الخامس والعشرون من يناير  بتيسير حقوق التقاضي تأتي كنتيجة طبيعية لما هو عليه حال  دور المحاكم، وسلوك الموظفين المعاونين، وتراجع تقدير مهنة المحاماة، واعتبارات الكفاءة المهنية التي مست  مختلف القطاعات.

كما تطل برأسها دائما في مسألة الحق في محاكمة عادلة عدم إصدار قانون السلطة القضائية والذي يشكل العامل الأهم في تيسير الحق في التقاضي عبر ما يكفله من قدرة القضاء التامة على إدارة شئونه بالاستقلال التام، وتطوير مرافقه ووسائله، واصلاح أوضاعه الداخلية عن طريق انشاء شرطة قضائية مستقلة  ، وهو أمر لن يحدث في ظل التشريعات الحالية.

ومازال ايضاً التقاضي امام محاكم الجنايات يمثل درجة واحدة من إجراءات التقاضي ولأن محكمة النقض تعرف بانها طريق غير عادي من طرق الطعن في الاعادة ولا تعد من درجات التقاضي لأن مهمتها هي مراقبة تطبيق المحاكم لصحيح القانون علي الدعاوي المطروحة امامها “اول مرة ” وطبقاً للمادة 240 من الدستور تكفل الدولة توفير الامكانيات المادية والبشرية المتعلقة باستئناف الاحكام الصادرة في الجنايات وذلك خلال عشر سنوات من تاريخ العمل بهذا الدستور.

ومن الجدير بالذكر أن عامي   2014 /2015 قد شهد أكثر من 500 حكم بالإعدام الا ان محكمة النقض ألغت هذه الأحكام اعادت محاكمة المتهمين أمام دوائر اخري .

ويبقي الأمر يتعلق بمواد الجنح ومنازعات القانون المدني التي تتم علي درجتين لتحقيق أكبر قدر من الضمانة القانونية للمتهمين وللمدعين في مثل تلك القضايا.

معاملة السجناء وغيرهم من المحتجزين[13]

تشغل هذه القضية بشكل هائل حيزا كبيرا من انتهاكات حقوق الإنسان حيث تتكدس في مراكز الاحتجاز بصفة عامة ومراكز الاحتجاز الأولية بصفة خاصة أعداد كبيرة من المحتجزين علي خلفيات قضايا سياسية وجنائية فوق طاقتها الاستيعابية الحقيقية علي الأقل ثلاثة أضعاف في مراكز الاحتجاز الأولية ، وما يزيد عن الضعف في مراكز الاحتجاز مما يشكل مصدرا حقيقيا لمجموعة من الانتهاكات التي تحظرها الاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب .

وتاتي هذه الانتهاكات علي الرغم من إقرار الدستور المصري في مادته رقم 56 التي نصت علي أن ” السجن دار إصلاح وتأهيل. تخضع السجون وأماكن الاحتجاز للإشراف القضائي، ويحظر فيها كل ما ينافى كرامة الإنسان، أو يعرض صحته للخطر. وينظم القانون أحكام إصلاح و تأهيل المحكوم عليهم، وتيسير سبل الحياة الكريمة لهم بعد الإفراج عنهم.”

وتحسب لوزارة الداخلية أنها استمعت إلي بعض النصائح التي أسداها اليها بعض من جماعات حقوق الإنسان في مصر ومنها المجلس القومي لحقوق الإنسان وشرعت الوزارة في تركيب أجهزة تكييف هواء داخل بعض مقار غرف الاحتجاز الأولية في بعض الأقسام والمراكز خاصة في ظل الارتفاع المستمر في دراجات الحرارة خاصة في فصل الصيف.

كما شهدت حقوق المحتجزين انتهاكا آخر وهو قيام وزارة الداخلية باحتجاز بعضهم خارج مقار الاحتجاز الرسمية وقيام الوزارة باحتجاز بعض المواطنين علي خلفية قضايا تظاهر في مقار معسكرات الأمن المركزي وهو ما يعتبرا انتهاكا جسيما في حق المحتجزين.

وكانت وزارة الداخلية قد تبنت بناء سجون جديدة تتوافق والمعايير الدولية وأنشأت الداخلية المصرية خلال أقل من ثلاث سنوات عشرة سجون في مختلف أنحاء البلاد، هي “مجمع سجون جمصة، وسجن المنيا، وسجن شديد الحراسة المنيا، وسجن الصالحية بالشرقية، وسجن الجيزة المركزي ، وسجن النهضة بالقاهرة، وسجن 15 مايو بجنوب القاهرة ، وسجن أسيوط، وسجن مركزي جديد في محافظة البحيرة، وسجن مركزي بمديرية أمن القليوبية وذلك بهدف تقليل حالات التكدس المستمر نتيجة التوسع في حالات الاحتجاز.

وكانت هناك بعض الشهادات التي أدلي بها بعض المحتجزين بعد حكم المحكمة عليهم بالبراءة أو دفع غرامة أن المكان الذي تم احتجازهم فيه يتسم بأنه غير ادمي لا يستطيع الحيوان أن يعيش به، ولا يوجد به حتى دورة مياه، والمكان كله بلاط  وينام المحتجزون فيه علي البلاط ولا يوجد  أسرة أو أغطية للنوم

أيضا شملت الانتهاكات عدم وجود سيارات ترحيلات كافية لنقل المتهمين من والي مقار الاحتجاز أثناء عرضهم علي النيابة العامة أو نقلهم لمقر المحاكمة المنعقد للمثول أمامها وقد تم رصد حالات تكدس غير طبيعي في عربات الترحيلات التي تصل في بعض الأوقات إلي حمل ما يزيد عن 70 فرد داخل عربة لا تزيد حمولتها عن 30 فرد.

أيضا شملت انتهاكات حقوق الإنسان بحق المحتجزين حقهم في لقاء ذويهم وهو الأمر الذي اكدتة شهادات بعض اسر المحتجزين علي ذمة قضايا مختلفة ببعض السجون حيث أكدت تلك الأسر  أن غلق الزيارة هو السمة الرئيسة في سجن العقرب علي سبيل المثال ، و الاستثناء هو فتحها، كما أن الزيارات – إذا ما تم فتحها- تتراوح مدتها ما بين دقيقة إلي ثلاث دقائق علي الأكثر في أفضل الأحوال.

كما أوضح بعض من ذوي المحتجزين أن الزيارات لا تتم إلا من خلف حائل زجاجي وعبر التليفون وذلك لجميع المسجونين حتي من هم رهن الحبس الاحتياطي. وذلك بالمخالفة للقوانين والدستور.

مكافحة الفساد[14]

نص الدستور المصري في  المادة 218 علي مكافحة الفساد من خلال تلك المادة التي نصت علي أن ” تلتزم الدولة بمكافحة الفساد، ويحدد القانون الهيئات والأجهزة الرقابية المختصة بذلك. وتلتزم الهيئات والأجهزة الرقابية المختصة بالتنسيق فيما بينها في مكافحة الفساد، وتعزيز قيم النزاهة والشفافية، ضماناً لحسن أداء الوظيفة العامة والحفاظ علي المال العام، ووضع ومتابعة تنفيذ الإستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد بالمشاركة مع غيرها من الهيئات والأجهزة المعنية، وذلك علي النحو الذي ينظمه القانون.”

وحتى الآن لا يوجد قانون خاص بمحاربة الفساد في مصر، ولكن يوجد نصوص في قانون العقوبات المصري تجرم الرشوة وإساءة استخدام المنصب واستخدام الموارد العامة لتحقيق مكاسب خاصة وأيضا تجرم الابتزاز.

ورغم هذه المادة الهامة التي اقرها الدستور إلا أن تقرير منظمة الشفافية الدولية الأخير أبان أن ترتيب مصر في مؤشر مدركات الفساد وصل إلي الرقم 88 من بين 168 دولة في العالم وقد تقدمت مصر 6 مراكز في التصنيف عن التقرير السابع

وفي ديسمبر 2014 أعدت مصر الإستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد وتشكلت لجنة برئاسة  رئيس مجلس الوزراء ومجموعة من الوزراء ورؤساء الهيئات المختصة بمكافحة الفساد ولكنها  في النهاية هي لجنة حكومية رسمية وتعاونها لجنة تنسيقية بها مجموعة من الخبراء القانونيين لكن ليس لهم أي دور فاعل.وجزء منها أن يكون في كل وزارة لجان لمكافحة الفساد إلا أن هذه اللجان مازلت حبر علي ورق.

 وبرغم كل ما سبق هناك  مشاكل عديدة في آليات مكافحة الفساد على الرغم من تزايدها  إلا أن الافتقار إلى الآليات الفعالة لحماية المبلغين عن المخالفات، إضافة إلى ضعف آليات تنفيذ القوانين واللوائح وضعف تطبيق الشفافية وانعدام إمكانية الوصول إلى المعلومات العامة ونقص أنظمة المتابعة وتضييق الحكومة على عمل منظمات المجتمع المدني وحرية الإعلام  تعتبر احد أهم أسباب انتشار الفساد .

كما تعتبر  مساءلة السلطة التنفيذية أمام البرلمان  من الأمور التي نادرا ما يتم تطبيقها بشكل تام، كما لا يوجد قانون محدد لمحاسبة الوزراء، إلا بعد سحب الثقة منهم أو تقديمهم الاستقالة كما تعتبر إجراءات حماية الشهود أو المبلغين غاية في التعقيد مما يصعب معها إمكانية حماية الشهود والمبلغين وينتج عنه عدم قيامهم بالتبليغ أو الشهادة في قضايا فساد.

وعلي الرغم من تعدد الأجهزة الرقابية التي تصل إلي 22  جهاز رقابي ، إلا أن القضاء علي الفساد بات مشكلة عويصة ، والمشكلة تكمن في أن معظم الأجهزة الرقابية مع حجمها وإمكاناتها لا تملك سلطة تحريك دعاوى قضائية و التحقيق وطلب التحريات والتحفظ على الأموال وإحالة الدعوى إلى محاكم الجنايات مباشرة إلا أن معدلات الإبلاغ عن الفساد في مصر لا تتجاوز 4 % .

ورغم وجود خطاب سياسي قوى في مواجهة الفساد ، إلا أن الإجراءات التشريعية  لا تسير بنفس القوة ، ومن ثم تظل الفجوة التشريعية قائمة ، وهو ما يضعف قدرة الدولة على محاربة الفساد .

مكافحة الاتجار بالبشر[15]

نص الدستور المصري في المواد رقم 60 و89 علي منع الاتجار بالبشر ومنع كافة صور الاسترقاق والعبودية  وتجارة الجنس  وهو ما يتوافق مع القانون رقم 64 لسنة 2010  في شأن مكافحة ومنع الاتجار في البشر ولائحته التنفيذية التي تضمنت كافة القواعد والضوابط التنظيمية التي تضمنت تنفيذ القانون بشكل فعال وقد اتخذت الحكومة المصرية في إطار مكافحة الاتجار في البشر، بعض الإجراءات الجيدة ومنها الانضمام إلي  إتفاقية مكافحة الرق، واتفاقية مكافحة الجريمة المنظمة ، وبروتوكول باليرمو لمكافحة وقمع ومعالجة الاتجار بالأشخاص خاصة النساء والأطفال. كما  اتخذت  الحكومة المصرية  العديد من الأطر المؤسسية لمكافحة ومنع الاتجار في البشر، عبر إنشاء اللجنة الوطنية التنسيقية لمكافحة ومنع الاتجار في البشر، وإنشاء صندوق مساعدة ضحايا الاتجار في البشر، وأعدت إستراتيجية وطنية شاملة لمكافحة الاتجار بالبشر، وقيام الدولة بالتعاون مع المجتمع المدني في إطار مخطط زيادة القدرة على التواصل مع كافة مختلف شرائح المجتمع.

وبالرغم من كافة الإجراءات التي اتخذتها الحكومة المصرية إلا أن ثمة مشكلة حقيقية تواجهها مصر خاصة علي مستوي اللاجئين السوريين الذين استقروا في مصر وما زالوا عرضة بشكل متزايد للاستغلال، بما في ذلك العمل القسري للأطفال، والاتجار بالجنس، والزواج من الفتيات والذي يمكن أن يؤدي إلى الاستغلال الجنسي والعمل القسري. كذلك الأمر بالنسبة للمهاجرين غير الشرعيين وطالبي اللجوء الذين يمرون بمصر في طريقهم إلى أوروبا بسبب عدم تسجيلهم في المفوضة السامية لشئون اللاجئين بمصر

حقوق المرأة[16]

تعتبر حقوق المرأة هي أكثر الحقوق التي التزمت الدولة بالدفع في تنفيذها بشكل كبير دستوريا وتشريعا ، ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل أن المرأة لأول مرة منذ فترة طويلة شغلت حيزا كبيرا في خطابات رئيس الدولة ولقاءاته إلا أن أوضاع المرأة رغم كل تلك المكاسب لا تزال تعاني من ضعف علي مستوي التمكين السياسي والعنف والتمييز ضدها وفقا للإحصائيات الرسمية والدولية.

ومن المكتسبات الملموسة التي حصلت عليها المرأة خلال الفترة التي يغطيها التقرير هي وصولها لمنصة القضاء، حيث عين القضاء المصري لأول مرة في فبراير 2015 سيدات كـ”قضاة منصة”، بعد موافقة مجلس القضاء الأعلى على تعيين دفعة جديدة من عضوات النيابة الإدارية وهيئة قضايا الدولة بمنصة القضاء بمحاكم الجنايات والجنح والنقض. بينما  لم يختلف وضع النساء كثيرا فيما يتعلق بمجلس الدولة، حيث لا تزال النساء مستبعدات من شغل المناصب بالمجلس، لرفضه تسليم الخريجات ملف شغل وظيفة مندوب مساعد بالمجلس. ورغم تقدم عدد من الفتيات المستبعدات بدعوى قضائية للمطالبة بحقهن في التعيين إلا أن مجلس الدولة عين دفعة 2013 في 18 سبتمبر 2015،  واقتصر على الذكور فقط بموجب قرار التعيين الجمهوري رقم 356 لسنة 2015.

كما حصلت النساء على أعلى نسبة تمثيل في تاريخ البرلمان وحصلن على ما يزيد عن 15 % من مقاعده بموجب الكوتة التي منحت لهن في قانون الانتخابات بالإضافة إلى تعيين الرئيس 14 سيدة ضمن نسبة 5% يعينها الرئيس.

وبالرغم مما سبق لم يتوقف مسلسل العنف ضد النساء والفتيات في مصر، وتعرضن للإيذاء النفسي والبدني داخل الأسرة وفي الشارع وداخل المؤسسات التعليمية وأماكن العمل، بحسب تقارير للمجلس القومي للمرأة، ونتائج المسح الاقتصادي للعنف القائم على النوع الاجتماعي لعام 2015.

كما جاء تمثيل المرأة في الحكومات المتعاقبة  برئاسة المهندس شريف إسماعيل ضعيف وغير ملبي لأمال وطموحات الجماعات الحقوقية النسوية أو آمال الجماعة الحقوقية بصفة عامة حيث انخفض عدد الوزيرات في الحكومة الأولى له من خمس إلى ثلاث فقط.  وزاد عددهن إلى 4 وزيرات من إجمالي 35 وزارة، بما يمثل نسبة 11.4%. في التعديل الوزاري الذي أعلن عنه في مارس 2016  حيث تم تعيين امرأة واحدة من بين 10 وزراء جدد.

كما ظلت المرأة خارج حسابات النظام المصري تماما فيما يتعلق بتعينها في منصب المحافظ والذي مازال قاصرا على الرجال حتى الآن.

ولا يقتصر سوء تمثيل المرأة في الوظائف العامة على المناصب الوزارية فقط،  حيث تظهر نسبة الرجال في المناصب القيادية بالجهاز الإداري للدولة ضعف نسبة النساء، كما أن هناك فجوة نوعية في الأجور لصالح الرجال بنسبة  (13.8 %)

وعلي الرغم من التشريعات الايجابية التي اقرها المشرع المصري من تغليظ العقوبة علي من يقوم بعمليات الختان إلا انه مازالت مصر تحتل الصدارة من حيث معدلات انتشار ظاهرة ختان الإناث، ورغم جهود الحكومة لمحاربتها والتقليل من انتشارها، إلا أن هذه الجهود تفتقر لتطبيق ميداني فاعل في القرى والأرياف، ما يجعل من هذه الظاهرة كابوسا يهدد مستقبلهن.

أيضا عززت الحكومة المصرية موقفها تجاه التحرش حيث اقر المشرع معاقبة مرتكبها استنادا إلى المادتين 306 (أ)، و306 (ب) من قانون العقوبات. وقد تم بالفعل محاكمة متحرشين فيما سبق وفقا لهاتين المادتين، وتؤكد خريطة التحرش على وجوب الاستمرار في تطبيقهما. وقد تصل عقوبة مرتكب جريمة التحرش -سواء كان لفظيا، أو بالفعل، أو سلوكيا، أو عن طريق الهاتف أو الإنترنت إلى السجن لمدة تتراوح ما بين 6 أشهر إلى 5 سنوات بالإضافة إلى غرامة قد تصل إلى 50 ألف جنيه مصري.

حقوق الطفل[17]

اهتم الدستور المصري بالطفل في المادة رقم 80 والتي نصت علي أن ” يعد طفلا كل من لم يبلغ الثامنة عشرة من عمره ، ولكل طفل الحق في اسم وأوراق ثبوتية، وتطعيم إجباري مجاني، ورعاية صحية وأسرية أو بديلة، وتغذية أساسية، ومأوى آمن، وتربية دينية، وتنمية وجدانية ومعرفية. وتكفل الدولة حقوق الأطفال ذوى الإعاقة وتأهيلهم واندماجهم في المجتمع. وتلتزم الدولة برعاية الطفل وحمايته من جميع أشكال العنف والإساءة وسوء المعاملة والاستغلال الجنسي والتجاري. لكل طفل الحق في التعليم المبكر في مركز للطفولة حتي السادسة من عمره، ويحظر تشغيل الطفل قبل تجاوزه سن إتمام التعليم الأساسي، كما يحظر تشغيله في الأعمال التي تعرضه للخطر.

كما تلتزم الدولة بإنشاء نظام قضائي خاص بالأطفال المجني عليهم، والشهود. ولا يجوز مساءلة الطفل جنائيا أو احتجازه إلا وفقا للقانون وللمدة المحددة فيه. وتوفر له المساعدة القانونية، ويكون احتجازه في أماكن مناسبة ومنفصلة عن أماكن احتجاز البالغين. وتعمل الدولة على تحقيق المصلحة الفضلى للطفل في كافة الإجراءات التي تتخذ حياله.”

وعلي الرغم من إقرار الدستور إلا أن هناك حالات تعدي بالعنف علي الأطفال خلال فترة  التقرير ومنها مثلا :  ( 49 حالة تسمم – 11حالات طلق ناري – 13حالة عنف مدرسي – 17 حالة عمالة أطفال – 5 حالة عبوة ناسفة – 8 حالة مشاجرة – 67 حالة حوادث طرق– 15 حالة حريق – 1 حالة صعق بالكهرباء- 3 حالة عقره حيوان مفترس – 5حالة في حوادث أخرى وهي التي تم تسجيلها بخلاف الحالات التي لم يتم رصدها[18]

كما شهد العنف ضد الأطفال  عدد من حالات القتل التي تعرض لها الأطفال والتي وصلت لـ 70 طفل بينهم 3حالة قتل نتيجة عنف اسري، و2 حالة قتل نتيجة طلق ناري، و حالة قتل واحدة نتيجة عمالة الأطفال، وحالة أخري نتيجة عنف مدرسي، و25 حالة قتل نتيجة حوادث الطرق، و15 حالة قتل نتيجة حريق، و5 حالة قتل نتيجة قذيفة صاروخية، و12 حالة قتل في حوادث مختلفة، و3 حالة قتل نتيجة مشاجرة، و3 حالة قتل نتيجة تسمم.

وفي ذات السياق فقد شهد العنف ضد الأطفال حالات استغلال جنسي  تم رصد  مجموعة من  حالات  الاستغلال الجنسي بين الأطفال، منهم حالة واحدة  استغلال جنسي مدرسي، وثمان  حالات استغلال جنسي آخري، وحالتين استغلال جنسي داخل شبكة دعارة .


[1] – قدم لمصر في هذا الشأن عدد 53  توصية أيدت منهم مصر بشكل كامل عدد 36 توصية ، وأيدت بشكل جزئي توصية واحدة ، وردت بأنه اخذ به علم علي توصيتين اثنين فقط ، بينما لم يحظي بتأييد مصر عدد 14 توصية.
[2]  – قدم لمصر في هذا الشأن 8 توصيات أيدتهم مصر بالكامل
[3] – قدم لمصر في هذا الصدد عدد 14 توصية أيدت مصر منهم عدد 8 توصيات وأفادت انه اخذ علم علي عدد 6 توصيات
[4] – قدم لمصر في هذا الشأن عدد 55 توصية أيدت منهم مصر عدد 30 توصية بشكل كامل ، وأيدت عدد 13 توصية بشكل جزئي ، ولم يحظي بالتأييد عدد توصية واحده ، وعلقت مصر علي 11 توصية بأخذ علم.
[5] – قدم لمصر في هذا الشأن عدد 7 توصيات أيدتهم مصر بشكل كامل
[6]  – قدم لمصر في هذا الشأن عدد توصيتين اثنين وأيدتهم مصر بشكل كامل
[7]  – قدم لمصر في هذا الشأن توصية واحد وقد أيدتها مصر بشكل كامل
[8]   – قدم لمصر في هذا الشأن 7 توصيات وأيدهم مصر بشكل كامل
[9] قدم لمصر في هذا الشأن عدد 30 توصية أيدت  منهم مصر عدد 23 توصية بشكل كامل ، وأيدت بشكل جزئي عدد 7 توصيات
[10] – قدم لمصر عدد  14 توصية في هذا الصدد أيدت  منهم مصر 9 توصيات بشكل كامل  وأيدت بشكل جزئي عدد 6 توصيات
[11] – قدم لمصر في هذا الشأن  عدد 17 توصية أيدت منهم مصر عدد 12 توصية بشكل كامل ، وأيدت عدد 3 توصيات بشكل جزئي ، ولم يحظي بتأييد مصر عدد 3 توصيات 
[12] – قدم لمصر في هذا الشأن عدد 20 توصية أيدت منهم مصر بشكل كامل عدد 11 توصية بينما أبدت تأييدها لعدد 3 توصيات بشكل جزئي ، لم تحظي توصية واحدة بالتأييد ، وعلقت مصر علي عدد 4 توصيات بأخذ علم ، وصرحت مصر عن توصية واحدة بأنها تحتوي علي معلومات غير دقيقة
[13]–  قدم لمصر في هذا الشأن عدد 16 توصية أيدت منهم مصر عدد 9 توصيات ، وحظي 5 توصيات بالتأيد الجزئي ، ولم تؤيد مصر عدد 1 توصية 
[14] قدم لمصر عدد 7 توصيات بشأن مكافحة الفساد وأيدتهم مصر بشكل كامل
[15] – قدم لمصر عدد 12 توصية أيدتها مصر جميعها بشكل كامل
[16] – قدم لمصر في هذا الشأن عدد 77 توصية أيدت منهم مصر عدد 74 توصية بشكل كامل وأيدت 3 توصيات بشكل جزئي
[17] – قدم لمصر في هذا الشأن عدد4 توصيات أيدتهم مصر بشكل كامل
[18]   تقرير المؤسسة المصرية للنهوض بأوضاع الطفولة الصادر في يونيه 2016

 

 

مواضيع

شارك !

أضيف مؤخراً

محتوى ذو صلة

القائمة
arالعربية