fbpx

تحسين التشريعات والإجراءات للنهوض بالمسئولية الاجتماعية للشركات

 “تحسين التشريعات والإجراءات للنهوض بالمسئولية الاجتماعية للشركات”

ورقة سياسات

تصدرها

“وحدة تحليل السياسة العامة وحقوق الإنسان”

التابعة لمؤسسة

ماعت للسلام والتنمية وحقوق الإنسان

في إطار مشروع

“الاستعراض الدوري الشامل كأداة لتحسين السياسات العامة خلال المرحلة الانتقالية”

يوليو 2017

 

“هذا الإصدار تم تنفيذه بمساعدة الاتحاد الأوروبي. مضمون هذا الإصدار هو مسؤولية مؤسسة ماعت للسلام والتنمية وحقوق الإنسان ولا يمكن بأي حال أن يعتبر انعكاسا لرؤي الاتحاد الأوروبي”

تمهيد

تعتبر المسئولية الاجتماعية من أهم الواجبات الواقعة على عاتق الشركات والمؤسسات الوطنية وهي التزام مستمر من قبلهم بالمساهمة في تطوير وتحسين المستوى الثقافي والتعليمي والاقتصادي والصحي لأصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وذلك من خلال توفير الخدمات المتنوعة التي من شأنها رفع مستواها بصفة خاصة والمجتمع وتغير الصور السلبية السائدة بصفة عامة.

 

وفي ضوء اهتمام مؤسسة ماعت للسلام والتنمية وحقوق الأنسان بمتابعة التزامات الحكومة المصرية بتعهداتها الدولية في مجال حث الشركات على المشاركة في عملية التنمية البشرية الشاملة استناداً إلى مبدأ المسؤولية الاجتماعية للشركات وذلك في ضوء مشروعها “الاستعراض الدوري الشامل كأداة لتحسين السياسات العامة”، تقدم المؤسسة هذه الورقة في محاولة منها تقديم مقترحات تشريعية وإجرائية وتوصيات للجهات المنوطة بالمسئولية المجتمعية لمساعدتها على الاضطلاع بدورها في تنمية الدولة المصري.

وتتناول الورقة القضية من خلال عدد من المحاور، أولها شرح لمفهوم المسئولية الاجتماعية والجهود الدولية ذات الصلة، ثم المسؤولية الاجتماعية للشركات في مصر, الأطر الدستور والتشريعية والحقوقية الناظمة للمسئولية الاجتماعية للشركات تجاه المجتمع, وبعض التوصيات للنهوض بالمسئولية الاجتماعية للشركات.

المحور الأول: المسئولية الاجتماعية مفهومها وأبعادها وأنواعها

أولا: مفهوم المسؤولية الاجتماعية

هناك تعريفات متعددة لمصطلح المسئولية المجتمعية، إلا أن أكثر المفاهيم قبولا هو المفهوم الذي يتبناه البنك الدولي والذي يعرفها على أنها ” التزام أصحاب النشاطات التجارية بالمساهمة في التنمية المستدامة من خلال العمل مع موظفيهم وعائلاتهم والمجتمع المحلي والمجتمع ككل لتحسين مستوى معيشة الناس بأسلوب يخدم التجارة ويخدم التنمية في آن واحد.”

ويعد من قبيل المسئولية الاجتماعية جميع الأنشطة التي تساهم فيها الشركات بشكل تطوعي لتحقيق تنمية على أساس اعتبارات أخلاقية واجتماعية، وبالتالي فإن المسؤولية الاجتماعية تعتمد على المبادرات من الشركات دون وجود إجراءات ملزمة قانونيا.

في أغلب المجتمعات (خاصة المجتمعات الغربية التي نشأت فيها فكرة المسئولية الاجتماعية) يتم ممارستها بطريقة تطوعية، وليس هناك قوانين محددة تنظمها، بل متروكة بالكامل لتقدير الشركات ذاتها، وهذه الفلسفة هي التى جعلت الاتحاد الأوروبي يعرف المسئولية الاجتماعية على أنها مفهوم تقوم الشركات بمقتضاه بتضمين اعتبارات اجتماعية وبيئية في أعمالها وفي تفاعلها مع أصحاب المصالح على نحو تطوعي.

ويركز الاتحاد الأوروبي على فكرة أن المسئولية الاجتماعية مفهوم تطوعي لا يستلزم سن القوانين أو وضع قواعد محددة تلتزم بها الشركات للقيام بمسئوليتها تجاه المجتمع.

ومن خلال التعريفات السابقة نستخلص أن المسؤولية الاجتماعية للشركات، عمل تطوعي وليس إلزامي، يعكس سياسة واستراتيجية الشركات لتحقيق مصلحة جميع الأطراف، ونعنى بذلك أن هناك عوائد وحوافز فعلية تعود على الشركة من جراء التزامها الاجتماعي كما يعود على المجتمع، ويستفيد من ذلك حملة الأسهم والعاملين والعملاء والمستهلكين والمجتمع ككل[1].

وتختلف أشكال المسؤولية الاجتماعية للشركات نظرًا لاختلاف الجهة المستفيدة من تلك المسؤولية، وعلى سبيل المثال وليس الحصر المسؤولية تجاه المستهلك هو إنتاج منتج مطابق للمواصفات العالمية، واتجاه الشركات إلي  خلق فرص عمل، مع العمل على رفع كفاءة العمالة المحلية، وتجاه الموظفين تنحصر فى الأجور وبرامج تدريبية لتنمية مهارات العاملين وتوفير نظام تأمين، وأيضا تجاه  البيئة من حيث الاهتمام بموافقة الصناعة للشروط البيئية، وتجاه  المجتمع، عن طريق حل مشكلات تتعلق بالأمومة والصحة وأطفال الشوارع والفقر والبنية التحتية للدولة ككل بهدف تحسين البيئة المحيطة بالمواطن[2].

ثانيا: أبعاد المسؤولية الاجتماعية

تتشكل المسئولية الاجتماعية من أبعاد مختلفة عدة جوانب منها الاقتصادي والاجتماعي والبيئي والأخلاقي أيضا، وتتمثل المسؤولية الاجتماعية في مجموعة الأنشطة، الطوعية التي تقوم بها المؤسسات الربحية ، وتفي ببعض الاحتياجات التي قد لا تعود بالمنفعة المباشرة على المؤسسة وتسعى المؤسسات المسؤولة اجتماعيا نحو الاهتمام بالمجتمع من خلال الجمع بين الاهتمامات الاقتصادية، والقانونية، والأخلاقية، والإنسانية في استراتيجياتها التسويقية، ويعتبر الجانب الاقتصادي والجانب القانوني هما الأكثر فعلا من جانب المؤسسات ، بينما نري أن اهتمام المؤسسات بالجانبين الأخلاقي والإنساني يكاد يكون معدوما.

  • البعد الاقتصادي

يشير البعد الاقتصادي إلى أن قطاع الأعمال عليه الالتزام بأن يكون منتجا، ومربحا، ويلبي الحاجات الاستهلاكية للمجتمع، ويعتمد نمط المسؤولية الاقتصادية على وجهة النظر التي تركز فيها المنظمات على هدف تعظيم الربح، وان المساهمات الاجتماعية لا تعدو عن كونها نواتج عرضية للبعد الاقتصادي وهي الخصم من الوعاء الضريبي للمؤسسة.

  • البعد الاجتماعي

فالمسؤولية الاجتماعية ببعدها الاقتصادي تتمثل أولا بتحقيق الربح الذي يمكن المنظمة من تغطية التكاليف المستقبلية، فإن لم تتمكن من تغطية التكاليف من خلال تحقيق الأرباح فإنها لن تتمكن من تلبية أي مسؤولية اجتماعية أخرى. ويعبر البعد الاجتماعي للمسؤولية الاجتماعية عن مجموعة المعايير الأخلاقية والقيم الاجتماعية السائدة في المجتمع عن طريق احترام العادات والتقاليد ومراعاة الجوانب الأخلاقية في الاستهلاك، لهذا يتم التركيز على المنتجات والخدمات المقدمة بما يتوافق ونوعية الحياة في المجتمع، كما يتم التركيز على تقديم الحاجات الأساسية في المجتمع[3]

  • البعد القانوني

يعبر البعد القانوني عن التزام المؤسسات بالقوانين، والتشريعات، والأنظمة التي تسنها الدولة التي تعد بمثابة تشجيع، والتزام المنظمات بأن تنتهج سلوك مسؤول، ومقبول في أنشطتها، ومخرجاتها المقدمة للمجتمع، وان لا ينتج عنها أي ضرر، ولا ينعكس هذا السلوك على حدود علاقة المنظمة مع المجتمع فقط، بل يعمل على حماية المنظمات بعضها من بعض من جراء أساليب المنافسة غير العادلة التي قد تحصل. وتتضمن المسؤولية الاجتماعية عدة عناصر ببعدها القانوني، منها قوانين حماية المستهلك من الغش، وتشمل أيضا حماية البيئة من التلوث، ومنع الاستخدام غير المنظم للموارد، والتخلص من النفايات، … الخ

  • البعد البيئي

يمثل البعد البيئي ضرورة ملحة يجب أن تقوم بها المؤسسات خاصة تلك التي تترك اثأر على البيئة المحيطة بها مثل مصانع الأسمنت ومصانع البتروكيماويات وخلافة من المؤسسات التي تؤثر على البيئية تأثيرا مباشر أو غير مباشر، لابد للمؤسسة أن تراعي الآثار البيئية المترتبة على عملياتها ومنتجاتها والقضاء على الانبعاثات السامة والنفايات، وتحقيق أقصى قدر من الكفاءة والإنتاجية من الموارد المتاحة وتقليل الممارسات التي قد تؤثر سلبا على تمتع البلاد والأجيال القادمة.

ثالثا: مجالات المسئولية الاجتماعية

تتعدد أنواع المسئولية الاجتماعية ولكن يمكننا القول إنها هي كل ما تقوم به الشركات، أياً كان حجمها أو مجال عملها، طواعية تجاه المجتمع. وتشمل أنواع المسئولية الاجتماعية للشركات على عدة محاور أهمها الالتزام بمراعاة حقوق الإنسان وخاصة حقوق العاملين وفقا للأنظمة والقوانين المتبعة، أيضا المشاركة في النهوض بمستويات الرعاية الصحية والبيئية، وتطوير المجتمع المحلي، ونرصد هنا مسئولية الشركات في ثلاث محاور هي

  • مسئولية الشركات تجاه العاملين فيها

حيث يعتبر قيام الشركة بالاستثمار في قطاع الموارد البشرية في الشركة استثمارا حقيقيا تجني ثماره الشركة على المدي القصير والبعيد، حيث تمثل العمالة مجالا داخليا من مجالات المسئولية الاجتماعية، تلتزم الشركة فيه بتوفير الخدمات اللازمة لتحسين جودة حياة العاملين وذلك من خلال عدة برامج مثل برامج التدريب ومساعدة العاملين الراغبين في إكمال دراستهم العليا بهدف تنمية مهاراتهم الفنية والإدارية، أيضا تعتبر المساهمة في التأمينات الاجتماعية عن العاملين بنسبة معينة من رواتبهم وأجورهم للحصول على مرتب تقاعد مناسب بعد الخروج على المعاش  احد أدوار الشركات في المسئولية الاجتماعية تجاه العاملين داخل الشركة، كما يعد من اهم أنشطة المسئولية الاجتماعية للشركات هي الاشتراك في نظام تأميني خاص بالمشاركة مع العاملين بهدف توفير الرعاية الصحية والعلاج بالمستشفيات ولدى الأطباء، وتوفير الأدوية الطبية للعاملين وعائلاتهم، أيضا يعتبر من أنشطة المسئولية الاجتماعية لشركات القطاع الخاص تجاه العاملين هو توزيع حصة على العاملين من الأرباح السنوية للشركة بهدف رفع مستوي انتماء وولاء العاملين للشركة.

  • مسئولية الشركات تجاه البيئة المحيطة

تضطلع وزارة البيئة المصرية بدورها الفاعل في رعاية وحفاظ البيئة المصرية من الملوثات وذلك عبر طرق متعددة منها قياس ورصد نسبة  الملوثات الناتجة عن مخلفات المصانع، إلا أنه يقع على عاتق الشركات جزء كبير من المسئولية في هذا المجال خاصة في منع التلوث ومواجهة الأضرار البيئية الصادرة عن الإشعاعات والانبعاثات الصادرة من المصانع  نتيجة عمليات الإنتاج أو تلوث المياه وتجريف الأراضي بسبب مقالب النفايات وغيرها من مصادر التلوث بهدف القضاء على المشكلات البيئية المجتمعية التي يعاني منها معظم أفراد الشعب، احد اهم أنواع المسئوليات الاجتماعية للشركات خاصة الصناعية .

  • مسئولية الشركات تجاه المجتمع

يعتبر هذا النوع من المسئولية اهم الأنواع خاصة وأن قيام الشركات بتقديم أنشطة تتعلق بمجالات النفع العام لأفراد المجتمع، ومشاركة الحكومة في تقديم تلك الأنشطة يؤدي إلى سرعة القضاء على المشكلات الاجتماعية وهذا سوف يخلق مناخا جاذبا للاستثمار ويوفر الاستقرار الاجتماعي لفئات الشعب وتعتبر اهم هذه الأنشطة هي التبرعات للمؤسسات والجمعيات الخيرية والمنظمات غير الحكومية لتمويل وتوفير احتياجات الأهالي المحتاجين داخل مجتمع محلي معين.

أيضا يعد من أبرز الأنشطة التي يجب أن تضطلع بها الشركات هي تمويل مجالات التعليم والتبرعات للطلبة المحتاجين، وتشجيعهم على مواصلة دراساتهم العليا في الداخل والخارج.

كما يعد من اهم مجالات المسئولية الاجتماعية هي قيام الشركات بدعم الصحة والعمل على إقامة مستوصفات طبية، وغرف عمليات كاملة في بعض المستشفيات والمساهمة في إقامة مستشفيات للأمراض الخطرة والمتوطنة، أيضا الالتزام بتعويض الأفراد عن أي أضرار تلحق بهم نتيجة العمل بالشركة أو الأفراد في محيط عمل الشركة حال تأثرهم من الانبعاثات الصادرة عن الشركة.

كما يعد قيام الشركات بتنظيم محافل رياضية وثقافية وعلمية واحدة من اهم الأنشطة التي يجب أن تهتم بها الشركات في إطار مسئوليتها الاجتماعية تجاه الدولة بهدف رفع وعي ومهارة الأطفال في المجتمع.

رابعا: الجهود الدولية في مجال المسئولية المجتمعية

هناك عدد من المبادرات الدولية الهامة التي تستهدف دعم وترويج وتطوير المسئولية الاجتماعية للشركات، ومن المهم الإشارة إلى أن كثير من الشركات الكبرى العاملة في مصر وخارج مصر تحرص على أن تتماشي مع هذه المبادرات نظرا لما تجنيه من امتيازات سبق الإشارة إليها، لذا فمن المهم التعرض لهذه المبادرات والتي يمكن تلخيص أهمها فيما يلي: –

  • الميثاق العالمي للأمم المتحدة:

في عام 1999 صدر ” الميثاق العالمي” وهو مبادرة دولية دعت بمقتضاها الأمم المتحدة الشركات للتحلي بروح المواطنة المؤسسية، وزيادة مساهمتها في التصدي لتحديات العولمة، والمشاركة الطوعية في التنمية المستدامة. وقد تضمن هذا الميثاق عشرة مبادئ في نطاق حقوق الإنسان ومعايير العمل وحماية البيئة ومكافحة الفساد. وبالتوقيع على هذا الميثاق تؤكد الشركات على التزامها بمسئوليتها الاجتماعية وفقا لمبادئ هذا الميثاق.

وتجدر الإشارة إلى عدم وجود معايير محددة للتعرف على مدى التزام الشركات بتنفيذ المبادئ العشر للميثاق العالمي. فقد تدعى الشركات الالتزام بها دون وجود أي معايير أو شواهد تدل على ذلك أو التأكد من تحقق هذا الالتزام. كما يرى البعض أن هذه المبادئ تتعلق بحقوق الإنسان وحقوق العمال والبيئة ومكافحة الفساد، ومن ثم لا يمكن أن يكون الالتزام بها طواعية، بل لابد أن يكون هناك نوع من الالتزام القانوني بها.

  • إرشادات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية للشركات متعددة الجنسيات:

 تمثل هذه الإرشادات، التي صدرت عام 2001، أكثر أدوات المسئولية الاجتماعية للشركات شمولا وتتمثل في التعليمات التي توجهها الحكومات إلى الشركات عابرة القارات والتي تعمل في البلدان التي التزمت بهذه التوصيات. وتهدف هذه التوجيهات إلى التأكد من أن هذه الشركات تحترم السياسات والنظم الاجتماعية السائدة في البلدان التي تعمل بها، وذلك لتشجيع المساهمة الايجابية للقطاع الخاص في النشاط الاقتصادي والاجتماعي والبيئي من أجل تحقيق التنمية المستدامة.

وتعد هذه التوجيهات الوحيدة المتكاملة التي تحكم تصرفات الشركات عابرة القارات. وعلى الرغم من أن هذه التوجيهات غير ملزمة إلا أنها تفيد بدرجة كبيرة في توفير الثقة بين الشركات عابرة القارات من ناحية والبلدان التي تعمل بها والعاملين فيها من ناحية أخرى. وتغطي هذه التوجيهات حقوق الإنسان والإفصاح عن المعلومات ومكافحة الفساد والضرائب وعلاقات العمل والبيئة وحماية المستهلك وحماية المنافسة.

  • الإعلان ثلاثي الأطراف للمبادئ المتعلقة بالشركات عابرة القارات والسياسة الاجتماعية لمنظمة العمل الدولية:

 صدر هذا الإعلان عام 1977 بهدف تشجيع المساهمة الايجابية للشركات عابرة القارات في دفع عجلة التنمية، وقد تضمن هذا الإعلان المبادئ المتعلقة بالجوانب الاجتماعية لنشاط هذه الشركات والتي يتعين عليها وعلى كل من الحكومات ومنظمات العمال احترامها.

وتشمل هذه المبادئ رفع مستوى التشغيل في البلدان المضيفة ومراعاة المساواة في المعاملة وإتاحة فرص التشغيل وتوفير عنصر الاستقرار والآمال للمشتغلين وتشجيع التدريب وتوفير ظروف مواتية للمعيشة والعمل والاهتمام بالعلاقات الصناعية. وتتسم هذه المبادئ أيضا بأنها غير إلزامية وأن تطبيقها يكون على نحو تطوعي. وقد تم تعديل هذا الإعلان أكثر من مرة ليتواكب مع المبادئ التي تتبناها منظمة العمل الدولية ولتجديد الالتزام بمبادئ الإعلان الأساسية.

 وقد أطلقت منظمة العمل الدولية خلال عامي 2006/2007 مبادرة جديدة للتأكيد على الدور المحوري الذي تلعبه المنظمة في تشجيع الشركات عابرة القارات على الالتزام بمبادئ الإعلان الثلاثي كأساس لسياستها الخاصة بالمسؤولية الاجتماعية للشركات وللبرامج التي تقوم بتنفيذها في هذا الإطار. كما تسعى المنظمة من خلال هذه المبادرة إلى توفير معلومات كافية عن تجارب البلدان والشركات المختلفة في مجال المسئولية الاجتماعية للشركات وتدريب الشركات في هذا المجال وتبادل الخبرات وتسهيل الحوار بين المنظمات الأخرى المعنية بهذا الموضوع.

  • برنامج محاضرات البنك الدولي عن المسئولية الاجتماعية للشركات وتأثيرها على تنافسية الشركات:

يقدم البنك الدولي من خلال شبكة المعلومات الدولية برنامجا للمحاضرات عن نماذج المسئولية الاجتماعية للشركات والممارسة العملية للشركات في هذا المجال وتأثيرها على تنافسيتها. وقد استفاد من هذا البرنامج التدريبي 20 ألف مشارك من تسعين بلدا. ويرجع اهتمام البنك الدولي بتقديم برامج تدريبية عن المسئولية الاجتماعية للشركات إلى عدم توفر المهارات والكفاءات لدى الشركات في البلدان النامية، خاصة الشركات المحلية، لتمكينها من الاضطلاع بمسئوليتها الاجتماعية.

المحور الثاني: المسؤولية الاجتماعية للشركات فى مصر

أولا: المسئولية الاجتماعية في مصر

في مصر يعد هذا المفهوم حديثا نسبيا، وبدأ الاهتمام به ومأسسته منذ سنوات قليلة (بعد سنة 2000)، وينصب بشكل رئيسي في الأنشطة التى تنفذها الشركات في بعض مجالات تنمية المجتمع كتحسين الخدمات العامة، دعم المؤسسات الخيرية والاحسانية، القيام ببعض أنشطة التعليم ومحو الأمية، التدريب الحرفي والمهني للشباب والنساء، تطوير المناطق غير المخططة، دعم ذوي الإعاقة والفئات المعرضة للخطر، تحسين الصحة العامة ودعم المؤسسات الصحية.

ولكن حتى الآن لم تبرز مساهمات للشركات خارج هذا الإطار، خاصة في مجالات دعم المجتمع المدني الحقوقي، التوعية بقضايا ذات طبيعة سياسية أو مدنية، فضلا عن أن غالبية الشركات التى تمارس المسئولية المجتمعية لا تضع قواعد مؤسسية حاكمة في هذا الصدد ولا تخصص معدلات ثابتة من أرباحها لهذا الغرض، وغالبا ما تركز على القضايا التى توفر دعاية إعلامية لهذه الشركات أو تخدم بشكل مباشر أغراضها الربحية ومجالات عملها الاقتصادية.

معظم الشركات في مصر تقوم بتنفيذ أنشطته من خلال جمعيات أهلية ذات طابع خيري مثل الأورمان ومصر الخير ورسالة، وعدد قليل من الشركات يتعاون مع جمعيات ذات طبيعة تنموية تركز على الشباب ” كمؤسسة إنجاز مصر “، أو بعض الجامعات والمؤسسات الأكاديمية أو حتى المؤسسات الحكومية، ولكن لا يوجد أي تعاون بين مؤسسات حقوقية وشركات.

بخلاف ذلك هناك شركات قامت بتأسيس مؤسسات أهلية تابعة لها لتتولى دور المسئولية المجتمعية، ومن أهم النماذج مؤسسة فوافون لتنمية المجتمع، مؤسسة محمد فريد خميس التابعة لشركة النساجون الشرقيون، مؤسسة بنك مصر لتنمية المجتمع، مؤسسة هرمس.

من أكثر المجالات التى تحظى باهتمام الشركات في مصر تطوير العشوائيات ويليها مباشرة مساعدة ذوي الإعاقة، ثم التدريب الحرفي للشباب، دعم قطاع الصحة والتعليم، وأخيرا مساعدة النساء المعيلات وأطفال الشوارع والأيتام، وهناك اهتمام محدود بقضايا ذات طبيعة مدنية كالعنف مثلا.

يعد قطاع البنوك الحكومية هو الأكثر التزاما بفكرة المسئولية المجتمعية ودعما لها، ويعد بنك مصر من أكثر الداعمين في هذا المجال يليه اتحاد بنوك مصر، ثم يأتي بعد ذلك قطاع الاتصالات حيت تأتي  شركة المصرية للاتصالات (وهي شركة حكومية) على رأسه.

أكد التقرير الأول الصادر عن الأمم المتحدة حول المسئولية الاجتماعية في مصر على أن 61 % من الشركات والمؤسسات الصناعية والاستثمارية في مصر لا تساهم في أي أنشطة داعمة للمجالات المتعددة من المسئولية الاجتماعية[4] وذلك لقصر مفهوم المسئولية الاجتماعية عند تلك الشركات في حين أن الشركات التي تعتنق مفهوم المسؤولية الاجتماعية يزيد معدل الربحية فيها 18% عن تلك التي ليس لديها برامج في المسؤولية. ويجب على هذه الشركات القيام بإصدار تقاريرها السنوية غير المالية والتي تحدد فيها آليتها بوضوح في المسئولية الاجتماعية، لتحقيق مبدأ الشفافية ومساعدة وسائل الإعلام على القيام بمسؤولياتها تجاه تلك الشركة أو لا، كما تشمل الشفافية في العمل، والبعد عن الفساد الإداري والمالي والأخلاقي.. إلى غير ذلك من العوامل التي يرتبط بعضها ببعض، وتشكل في مجموعها الأساس للمسئولية الاجتماعية للشركات[5].

ولكن على جانب أخر يشير التقرير إلى أنه بالرغم من أن عدداً محدوداً من الشركات في مصر هي التي تهتم بالمشاركة في التنمية إلا أن مشاركتها كان لها تأثر إيجابي في الواقع. وتشير الأرقام إلى أن مشاركة القطاع الخاص في التنمية رغم أنها اقتصرت على 39% فقط من إجمالي 574 شركة شملها التقرير استطاعت أن تسهم بحوالي 5.5 مليار جنيه في مجالات مكافحة الجوع والفقر المدقع والتعليم والبيئة والتنمية وهو رقم ضخم ومؤثر ويبرز أهمية مشاركة القطاع الخاص في التنمية من باب المسؤولية المجتمعية للشركات.

يشير التقرير الصادر عن برنامج الأمم المتحدة للتنمية بعنوان ” حلول قطاع الأعمال للتنمية البشرية ” إلى أن مساهمة الشركات التي شملها التقرير في مجالات التعليم والقضاء على الجوع والفقر المدقع بنسبة 11% لكل منهما من إجمالي المساهمات في حين أوضحت الأرقام أن المساهمة في مجالات تحسين صحة الأم والبيئة سجلت اقل معدل والذي بلغ 2%. كما أوضح التقرير أن معظم المبادرات للشركات كانت بدوافع إنسانية ودينية بالأساس وغالباً ما تكون منفصلة عن النشاط الأساسي التجاري للشركة.

والملاحظ أيضا وفقاً للتقرير هو أن الشركات الدولية المتعددة الجنسية هي الأكثر سخاءً في المشاركة والعطاء مقارنة بالشركات الوطنية وذلك لوجود ثقافة دولية راسخة تدعم التوجه نحو المشاركة المجتمعية. وهي حقيقة أثبتها وناقشها تقرير الأمم المتحدة للمسؤولية المجتمعية للشركات.  وأشار التقرير إلى أن الشركات الوطنية تلعب دوراً في المشاركة المجتمعية غالباً على المدي القصير ونتيجة لوجود مشكلات بعينها وحالات تجد الشركة أنه لزاماً عليها أن تلعب دوراً في التصدي للمساهمة في حلها. وهو ما يعني أن أغلب الأنشطة هي أساساً مقترنة بحالات فردية وبالعلاقات العامة ولكنها غير مستوعبة في إطار برامج للعمل تخدم احتياجات الاقتصاد والمجتمع بوجه عام[6].

ثانيا: استفادة الشركات من ممارسة المسئولية الاجتماعية؟

في ظل تزايد الاهتمام بمفهوم المسئولية الاجتماعية للشركات، يثور التساؤل حول الأسباب التي تشجع
الشركات على الالتزام بهذه المسئولية خاصة في ضوء ما تنطوي عليه من أعباء مالية ومادية. وتشير التجارب الدولية والوطنية إلى أن المزايا التي تعود على الشركات تتمثل فيما يلي: –

  1. تحسين سمعة الشركات والتي تُبنى على أساس الكفاءة في الأداء، والنجاح في تقديم الخدمات، والثقة المتبادلة بين الشركات وأصحاب المصالح ومستوى الشفافية الذي تتعامل به هذه الشركات، ومدى مراعاتها للاعتبارات البيئية واهتمامها بالاستثمار البشري. ويسهم التزام الشركات بمسئوليتها الاجتماعية بدرجة كبيرة في تحسين سمعتها
  2. تسهيل الحصول على الائتمان المصرفي خاصة في ضوء استحداث بعض المؤشرات التي تؤثر على القرار الائتماني للبنوك. وتتضمن هذه المؤشرات مؤشر داو جونز للاستدامة Dow Jones Sustainability Index (DJSI)  والذي أُطلق عام ١٩٩٩ ويُعنى بترتيب الشركات العالمية وفقا لدرجة مراعاتها للأبعاد الاجتماعية وللاعتبارات البيئية خلال ممارستها لنشاطها الاقتصادي، وبالتالي الشركات التى تمارس المسئولية المجتمعية يكون لديها فرصة أكبر في الحصول على التمويل من مؤسسات التمويل والبنوك الدولية.
  3. استقطاب أكفأ العناصر البشرية حيث يمثل التزام الشركات بمسؤوليتها تجاه المجتمع الذي تعمل به عنصر جذب أمام العناصر البشرية المتميزة خاصة بالنسبة للشركات عابرة القارات أو كبرى الشركات المحلية التي تعمل في مجالات متخصصة وتستخدم تكنولوجيا حديثة
  4. بناء علاقات قوية مع الحكومات مما يساعد في حل المشكلات أو النزاعات القانونية التي قد تتعرض لها الشركات أثناء ممارستها لنشاطها الاقتصادي
  5. حسن إدارة المخاطر الاجتماعية التي تترتب على قيام الشركات بنشاطها الاقتصادي، خاصة في إطار العولمة. وتتمثل هذه المخاطر في الالتزام البيئي واحترام قوانين العمل وتطبيق المواصفات القياسية، والتي تمثل تحديا للشركات، خاصة الصغيرة والمتوسطة
  6. الحصول على إعفاءات ضريبية: – فكثير من قوانين الضرائب تمنح إعفاءات للشركات على التبرعات التى تقدمها للمجتمع أو لمنظمات المجتمع المدني، وفي مصر ينص قانون الجمعيات الجديد ( 70 لسنة 2017 ) في المادة رقم 16 على  اعتبار التبرعات التى تقدم للجمعيات تكليفا على دخل المتبرع بما لا يزيد على 10% من صافى دخله.

ثالثا: دور الحكومة في اضطلاع الشركات بمسئوليتها الاجتماعية

قامت الحكومة المصرية في العام 2005 بمنح الشركات الخاصة ورجال الأعمال إعفاء جزئي من الضرائب التي تخضع لها أرباحها إذا ما قامت بالتبرع للأنشطة التي تندرج تحت المسئولية الاجتماعية، وقد أعفى قانون الضريبة على الدخل رقم 93 لسنة 2005 التبرعات والدعم الذي تدفعه الشركات للجمعيات الخيرية والمنظمات غير الحكومية في حدود نسبة %10 من أرباح هذه الشركات وهي نفس النسبة الذي أقرها أيضا قانون الاستثمار رقم 72 لسنة 2017.

كما قامت الحكومة المصرية بإنشاء المركز المصري لمسئولية الشركات والذي يهدف إلي رفع مستوى الوعي وبناء الالتزام وتعزيز مشاركة أصحاب المصلحة المتعددين لمسؤولية الشركات وممارسات الاستدامة وتتمثل مهمة المركز في تمكين الشركات من تطوير نماذج أعمال مستدامة، بالإضافة إلى تحسين قدرة الحكومة على تصميم وتطبيق ورصد السياسات المستدامة للمسؤولية الاجتماعية للشركات.

وأسس المركز في العام 2011 المؤشر المصري لمسئولية الشركات والمعني بتقييم الشركات من حيث حجم المعلومات التي تتحيها هذه الشركات بشكل اختياري عن ممارساتها في مجال حوكمة الشركات والبيئة والمسئولية الاجتماعية للشركات ويتم اختيار أفضل 30 شركة من بين هذه الشركات لتمثل المؤشر المصري لمسئولية الشركات. ويتم هذا التقييم للشركات من خلال ثلاث مراحل أساسية هي مرحلة التقييم الكمي، ثم مرحلة التقييم النوعي، ثم مرحلة احتساب النقاط المجمعة ثم يتم الإعلان عن ترتيب الشركات مما يعود على الشركة بالنفع علي تحسين سمعة الشركات، تسهيل الحصول على الائتمان المصرفي، استقطاب أكفأ العناصر البشرية، بناء علاقات قوية مع الحكومات.

كما تقوم وزارة الصناعة والتجارة بتقديم جوائز معنوية للشركات التي تحقق أفضل الممارسات في مجال المسئولية الاجتماعية كما يحدث منذ فترة طويلة في مصر وهو منح كأس الشركات سنويا من قبل.

المحور الثالث: الإطار الدستوري والتشريعي والحقوقي للمسئولية الاجتماعية

تتعدد الأطر الحاكمة للشركات في الاضطلاع بدورها في المجتمع وذلك وفق الدستور وبعض المواد القانونية التي تنظم مقدار مشاركة الشركات وأيضا ما قدم لدولة مصر في أثناء خضوعها لآلية الاستعراض الدوري الشامل وفقا لما يلي: –

  • الدستور

اهتم الدستور المصري لأول مرة بعد التعديلات الأخيرة في 2014 على إلزام الدولة بتحفيز القطاع الخاص للاضطلاع بمسئوليته تجاه البيئة المحيطة وتجاه المجتمع وذلك في المادة 36 [7]منه والتي نصت على ” تعمل الدولة على تحفيز القطاع الخاص لأداء مسؤوليته الاجتماعية فى خدمة الاقتصاد الوطني والمجتمع”

  • القانون

تعتبر أحد عوائق قيام الشركات بمسئوليتها تجاه المجتمع عدم وجود قانون صريح وواضح مختص بالمسئولية الاجتماعية وهو ما أدي إلى عزوف عدد كبير من الشركات عن القيام بدورها المجتمعي حيث اقتصرت المسئولية الاجتماعية علي عدد قليل جدا من المواد داخل قوانين الاستثمار الجديد رقم 72 لسنة 2017 وقانون الضريبة علي الدخل رقم 91 لسنة 2005 ، كما اكد القانون رقم 70 لسنة 2017 علي دور الشركات في التربع لجمعيات والمؤسسات الأهلية ، وهو ما أدي إلي عدم توفير مناخ ملائم لقيام الشركات بنشاطها في مجال المسئولية المجتمعية.

كما أدي عدم إقرار قوانين تتيح الإعلان بشفافية عن سياسات الحكومة المختلفة وتتيح توفير المعلومات وتحسين نظم الحكومة في الهيئات والإدارات المختلفة وتشجيع الشراكة بين القطاعين العام والخاص الاضطلاع بمسؤوليتها الاجتماعية تجاه مختلف أصحاب المصالح من خلال الحوافز الضرورية والامتيازات الخاصة بالمناقصات الحكومية لفترة محددة وربطها بتحقيق أهداف اجتماعية بعينها إلي عزوف الشركات عن المشاركة بفاعلية في دورها المجتمعي.

حيث نص قانون الاستثمار[8] علي:

مادة 15 “يجوز للمستثمر تحقيقا لأهداف التنمية الشاملة والمستدامة تخصيص نسبة من أرباحه السنوية لاستخدامها فى إنشاء نظام للتنمية المجتمعية، خارج مشروعه الاستثماري، من خلال مشاركته فى كل المجالات الآتية أو بعضها:

1- اتخاذ التدابير اللازمة لحماية البيئة وتحسينها.

2- تقديم خدمات أو برامج فى مجالات الرعاية الصحية أو الاجتماعية أو الثقافية أو فى إحدى مجالات التنمية الأخرى.

3- دعم التعليم الفني أو تمويل البحوث والدراسات وحملات التوعية التى تستهدف تطوير الإنتاج وتحسينه بالاتفاق مع إحدى الجامعات أو مؤسسات البحث العلمي

4- التدريب والبحث العلمي

ويعد ما ينفقه المستثمر من مبالغ فى إحدى المجالات المنصوص عليها فى الفقرة السابقة بما لا يجاوز نسبة (10%) من أرباحه السنوية الصافية من التكاليف والمصروفات واجبة الخصم وفقا لنص المادة (23) (بند8 ) من قانون الضريبة على الدخل الصادر بالقانون رقم 91 لسنة 2005.

ويجوز للوزير المختص بالتنسيق مع الوزارات المعنية إنشاء قائمة لأفضل المشروعات الاستثمارية التى تقوم بأنشطة تنمية مجتمعية سواء من الناحية الجغرافية أو القطاعية أو غيرها ويعلن عنه للرأي العام.

وفى جميع الأحوال يحظر استخدام المشروعات أو البرامج أو الخدمات المقدمة بنظام المسئولية المجتمعية لتحقيق أغراض سياسية أو حزبية أو دينية أو تنطوي على تمييز بين المواطنين.

وتبين اللائحة التنفيذية للقانون ما يلزم من ضوابط وقواعد أخرى لتطبيق نظام المسئولية المجتمعية.

كما نص قانون الضريبة على الدخل[9] علي:

مادة 23 “يعد من التكاليف والمصروفات واجبة الخصم على الأخص، ما يأتي …….

بند 8: التبرعات والإعانات المدفوعة للجمعيات والمؤسسات الأهلية المصرية المشهرة طبقا لأحكام القوانين المنظمة لها، ولدور العلم والمستشفيات الخاضعة للإشراف الحكومي ومؤسسات البحث العلمي المصرية، وذلك بما لا يجاوز 10% من الربح السنوي الصافي للممول

قانون الجمعيات الأهلية رقم 70 لسنة 2017

أكد أيضا القانون رقم 70 لسنة 2017 ( قانون الجمعيات والمؤسسات الأهلية) علي مشاركة الشركات في المسئولية الاجتماعية وذلك وفق الفقرة الخامسة من المادة رقم 16 والتي نصت على أنه  ” اعتبار التبرعات التي تقدم للجمعيات تكليفا على دخل المتبرع بما لا يزيد على ( 10% ) من صافي دخله   “

ومما سبق يتضح أن النظم المطبقة الآن في شركات الأعمال لا تشتمل على طرق وأساليب خاصة بالمحاسبة عن أنشطة المسئولية الاجتماعية، وأن كل ما يتم الإعلان عنه في التقارير والقوائم المالية من معلومات خاصة بالأنشطة الاجتماعية لا تخرج عن حدود تلك التي أدت إلي أعباء مالية للأغراض الضريبية، ويتم الإعلان عنها على أساس أنها جزء من معلومات تتعلق بالأنشطة الاقتصادية، وليس بوصفها معلومات تتعلق بمدى ممارسة الشركة لمسئولياتها الاجتماعية، فعلى سبيل المثال، فإن قيمة التأمينات الاجتماعية التي تدفعها الشركة عن العاملين بها يتم الإفصاح عنها ضمن بنود الرواتب والأجور، أما المعلومات المتعلقة بالأنشطة الاجتماعية تجاه المجتمع ولا يترتب عليها أعباء مالية صريحة سواء كانت نتائجها إيجابية مثل الإنفاق على دراسة وتدريب بعض الطلبة وكفالة اليتيم، أو سلبية مثل مساهمة الشركة في تلوث البيئة نتيجة للأتربة والدخان المتطاير من ممارستها لأنشطتها فلا يتم الإفصاح عنها في القوائم المالية المنشورة عن الشركة.

  • توصيات الاستعراض

قدمت إلى الحكومة المصرية في الاستعراض الدوري الشامل الأخير، عدة توصيات تتعلق بضرورة حث الشركات في القطاع الخاص بشكل عام على ضرورة المشاركة في عملية التنمية البشرية الشاملة استناداً إلى مبدأ المسؤولية الاجتماعية للشركات، ووافقت الحكومة المصرية على جميع تلك التوصيات، وبالتالي تلتزم الحكومة بتنفيذها.  وهي: –

  • التوصية رقم 166-291 والتي تنص على “حثّ المؤسسات التجارية والقطاع الخاص على المشاركة في عملية التنمية البشرية الشاملة استناداً إلى مبدأ المسؤولية الاجتماعية للشركات، بطرق منها المبادرات الطوعية والأعمال الخيرية”، ومقدمة من دولة (سري لا نكا)؛
  • التوصية رقم 166-292 والتي تنص على “نشر مفهوم المسؤولية الاجتماعية لرأس المال وتوسيع نطاق فهمه، وتشجيع رجال الأعمال والقطاع الخاص على المساهمة في عملية التنمية البشرية الشاملة، بطرق منها المبادرات الطوعية والأعمال الخيرية” وقدمتها دولة (الإمارات العربية المتحدة)؛
  • التوصية رقم 166-293 والتي تنص على “بذل مزيد من الجهود لتعزيز المسؤولية الاجتماعية للشركات في المؤسسات الخاصة، وتشجيعها على تعزيز المبادرات الطوعية التي تسهم في التنمية البشرية للشعب المصري: وقدمتها دولة (فنزويلا (جمهورية – البوليفار)
  • التوصية رقم 166-294 والتي نصت على “تشجيع رأس المال الخاص على الإسهام في عملية التنمية الوطنية عن طريق تمويل الأعمال الخيرية” وقدمتها دولة (العراق)

المحور الرابع: التوصيات الختامية

ومما سبق يظهر إن المسئولية الاجتماعية لشركات القطاع الخاص في مصر أصبحت القضية الأكثر اهتماما في  مساعدة الحكومة علي الوفاء بالتزاماتها تجاه المجتمع  مما يجعل علي القطاع الخاص أن يؤدي دورا اكبر في رفع مستوى رفاهية المجتمع، والحفاظ على البيئة وذلك بهدف رغبته في المحافظة على سمعة طيبة للشركة في المجتمع  ولكي يحدث هذا فإن مؤسسة ماعت للسلام والتنمية وحقوق الإنسان تقترح عدد من التوصيات علي مستوي التشريعات وأيضا مجموعة من التوصيات للجهات التنفيذية بهدف  مساعدة الحكومة علي تعظيم دور المسئولية الاجتماعية للشركات من اجل النهوض بالمجتمع.

  • أولا توصيات على المستوي التشريعي
  • رفع حد الإعفاء الضريبي إلى 20 % من قيمة صافي الأرباح السنوية مقابل توجيهه إلى الأنشطة الاجتماعية وذلك بتعديل المادة 15 من قانون الاستثمار والمادة 23 بند 8 من قانون الضريبة على الدخل.
  • وضع تشريع شامل للمسئولية الاجتماعية للشركات: ينظم إنفاق الشركات وفقا لخطة الدولة في تطوير المجتمع مما يساعد على سد القصور في بعض القطاعات كالصحة والتعليم
  • مراعاة الإجراءات الميسرة لقيام الشركات بمسئولياتها الاجتماعية في اللوائح التنفيذية لقانوني الاستثمار والجمعيات والمؤسسات الأهلية الجاري إعدادهم حاليا
  • ثانيا: توصيات للجهات التنفيذية
  • قيام الحكومة المصرية على تطوير مجموعة المؤشرات للمسئولية الاجتماعية من خلال وزارة الاستثمار وذلك من أجل المقارنة وتقييم الأداء والدور الاجتماعي للشركات، مع إعطاء ميزات تنافسية للشركات الأكثر نشاطا.
  • قيام الحكومة بالإعلان بشفافية عن سياساتها المختلفة وتوفير المعلومات وإتاحتها وتحسين نظم الحكومة في الهيئات والإدارات المختلفة وتشجيع الشراكة بين القطاعين العام والخاص وذلك من خلال إعطاء الشركات مجموعة من الحوافز والامتيازات الخاصة بالمناقصات الحكومية لفترة محددة وربطها بتحقيق أهداف اجتماعية مخصصة.
  • تنظيم حملات واسعة النطاق للترويج لمفهوم المسؤولية الاجتماعية للشركات خاصة الصغيرة والمتوسطة بأهمية هذه البرامج وأثرها على أرباح الشركات في المدى المتوسط والطويل.
  • إعلان الحكومة عن ترتيب أولويات التنمية الاجتماعية التي يتعين على الشركات الراغبة في تنفيذ برامج مسئولية اجتماعية استهدافها وذلك وفق خطط منهجية سليمة معدة مسبقا.
  • ثالثا: توصيات للشركات
  • ضرورة الإيمان بقضية المسؤولية الاجتماعية نحو المجتمع
  • قيام الشركة بتحديد رؤية واضحة نحو الدور الاجتماعي الذي تريد أن تتبناه والقضية الرئيسية التي ستهتم بالعمل على المساهمة في معالجتها.
  • قيام الشركة بتخصيص مسؤول متفرغ لهذا النشاط مع تحديد الأهداف والمخططات المطلوبة
  • الاهتمام بجعل هذه البرامج الاجتماعية قائمة بذاتها مستقبلا وتعمل على تغطية مصروفاتها ذاتيا.
  • الحرص على تقديم هذه البرامج بأداء قوي ومتميز وجودة عالية.
  • حسن إدارة الجوانب الاجتماعية التي تبرز أثناء قيام الشركات بنشاطها الاقتصادي، وتتمثل هذه الجوانب في الالتزام البيئي واحترام قوانين العمل وتطبيق المواصفات القياسية

 

نسخة من ورقة السياسات

تحسين التشريعات والإجراءات للنهوض بالمسئولية الاجتماعية للشركات


[1] – المسؤولية الاجتماعية للشركات: التحديات والأفاق من أجل التنمية فى الدول العربية (دراسة منشورة 2011)  https://goo.gl/HWbF45
[2] – دور المسئولية الاجتماعية في تحسين أداء المنظمة دراسة منشورة 2013   https://goo.gl/hVgpGY
[3] دور الجودة في تعزيز أبعاد المسؤولية الاجتماعية في مؤسسات القطاع الخاص دراسة منشورة 2015  https://goo.gl/zoMKb3
[4]-المسئولية الاجتماعية للشركات والمنظمات. المواصفة القياسية ISO26000 “كتاب منشور 2015” https://goo.gl/Z99RF6
[5]– طبيعة المسؤولية الاجتماعية عند الشركات في الدول العربية (بحث منشور أكتوبر 2011) https://goo.gl/iwnped
[6] – تصريحات منشورة للدكتور ليلي إسكندر في 2013 حول المسئولية الاجتماعية للشركات”
[7] http://egelections-2011.appspot.com/Dostour/Dostour_update2013.pdf
[8]https://ar.scribd.com/document/350083634/21%D9%85%D9%83%D8%B1%D8%B1-%D8%AC#from_embed
[9]http://www.incometax.gov.eg/pdf/new-law.pdf

مواضيع

شارك !

أضيف مؤخراً

محتوى ذو صلة

القائمة
arالعربية