محفوفاً بالمخاطر عمل الصحفيين في دول النزاع بمنطقة الشرق الأوسط

مقدمة

لايزال الصحفيون في دول النزاع بمنطقة الشرق الأوسط عرضه للانتهاكات الحقوقية الجسمية إذ يتعرضوا للاعتقالات والمحاكمات غير العادلة بما في ذلك من إصدار أحكام مسيسة بالإعدام، ناهيك عن انتشار حملات تشويه السمعة والتهديدات التي تصل إلى حد التهديد بالقتل في أغلب الأحيان، فضلاً عن استمرار المضايقات والاعتداءات البدنية ضد الصحفيين أثناء مزاولة أنشطتهم ولمجرد محاولتهم تسليط الضوء على الأزمات التي يمر بها المواطنين في تلك الدول، إذ يؤدي الصحفيون دورًا حيويًا في الكشف عن الحقيقة ومساءلة أطراف النزاع بشكل علني في سياق الانتهاكات المرتكبة بتلك النزاعات المسلحة، وعلى هذا النحو دأبت جميع الأطراف المتحاربة في تلك المناطق من حكومات وجماعات مسلحة على فرض قبضتها الحديدية على حرية الصحافة فهي تعمل كل ما في وسعها لكتم أصوات أولئك الذين يكشفون الحقيقية من الصحفيين عن الانتهاكات الحقوقية المرتكبة، كما يتم ممارسة الترهيب والتخويف تجاه الصحفيين والإعلاميين في مناخ يسود فيها غياب المساءلة إذ  أصبحت سياسة الإفلات من العقاب عن جرائم الصحفيين هي العرف السائد، فالثابت الوحيد تجاه الصحافة والصحفيين في دول النزاع بمنطقة الشرق الأوسط هو الخطر المتزايد لدرجة لا يستطيع فيها الصحفيون ممارسة عملهم بمنتهي الأمان والحرية والشفافية، فتصنف كل من سوريا وليبيا واليمن والعراق وفلسطين المحتلة وهي دول النزاع الأساسية بالشرق الأوسط على أنها أخطر الأماكن عملاً بالنسبة للصحفيين على مستوى العالم.

في غضون ذلك تشير التقديرات الحقوقية أن ممارسة العمل الصحفي في مناطق الأزمات والنزاعات بالشرق الأوسط محفوفًا بالمخاطر وينطوي على خطورة شديدة لا سيما عندما يتعلق الأمر بكشف الانتهاكات التي تقوم بها المليشيات والجماعات المسلحة من دون الدول التي لا تلتزم بأي مواثيق أو معاهدات حقوقية ينص عليها القانون الدولي لحماية المواطنين، فعلى سبيل الذكر يشير تقرير منظمة مراسلون بلا حدود لعام 2021 عن حرية الصحافة على مستوى العالم إلي تدنى مستويات حرية الصحافة في دول النزاع بمنطقة الشرق الأوسط إذ تحتل فلسطين المحتلة المرتبة رقم 132 يليها العراق 163 ثم ليبيا 165 و اليمن 169 وأخيرًا سوريا 173 وذلك من أصل 180 دولة يقيس فيها حرية الصحافة على مستوى العالم ، التي أصبحت الحلقة الأضعف في ظل النزاعات المسلحة بمنطقة الشرق الأوسط.

ففي فلسطين تصاعدت انتهاكات قوات الاحتلال الإسرائيلي بحق الصحفيين وذلك أثناء ممارستهم لعملهم المهني في تغطية الجرائم المتواصلة التي تقوم بها قوات الاحتلال الإسرائيلي والتي من أهمها عملية تهويد القدس والتغير الديمغرافي وتهجير المواطنين، وتنوعت هذه الانتهاكات ما بين الاعتقالات التعسفية وحالات الاعتداءات البدنية ومنع تغطية الصحفيين للانتهاكات الحقوقية التي يصحبها مصادرة المعدات والمواد الصحفية، وعلى هذا النحو تشير التقديرات الحقوقية إلي ارتكاب حكومة الاحتلال الإسرائيلي نحو 215 انتهاك للحريات الإعلامية خلال العام 2020، وفى العراق لا يختلف الأمر كثير حيث يتم استهداف الصحفيين بسبب قيامهم بعملهم بشتى الانتهاكات وكان أبرزها تهديدات المليشيات والجماعات المسلحة للصحفيين على خلفية عملهم الصحفي مما أجبر العديد من الصحفيين على ترك العمل الإعلامي خشية من الاعمال الانتقامية التي قد تقوم بها هذه الجماعات، في حين سجلت أحد التقارير الحقوقية وقوع 305 انتهاكات ضد الصحفيين والمؤسسات الإعلامية العراقية خلال العام 2020.

وعلى صعيد آخر لا يزال الصحفيون السوريون معرضين للخطر بشكل مهول على خلفية استهدافهم من قبل الجماعات والفصائل المسلحة التي تتصرف وكأنها سلطات حكومية تزيد من وتيرة الاختطاف والتهديد بحق النشطاء الإعلاميين والصحفيين، وتشير التقديرات الحقوقية إلي ارتكاب كافة الجهات المتنازعة السورية انتهاكات ضد الإعلاميين خلال العام 2020 بواقع 100 انتهاك بحق الصحفيين وأكثر من 15 محاولة وعملية قتل تصدرتها الفصائل المسلحة التابع للحكومة التركية في شمال شرق سوريا إضافة إلي حركة هيئة تحرير الشام، علاوة على ذلك وفى اليمن تصدرت جماعة الحوثي قائمة مرتكبي الانتهاكات ضد الصحفيين إذ تقوم باعتقال الصحفيين وإصدار أحكام ضدهم تصل إلي حد الإعدام في إطار محاكمات مسيسة تفتقر لأبسط القواعد والاجراءات القانونية للمحاكمة العادلة، كما توثق بعض التقارير الحقوقية وقوع 143 انتهاكاً ضد الحريات الصحفية والإعلامية في اليمن تضلع فيها كافة الجهات المتنازعة سياسيًا.

وفى ليبيا تتزايد الهجمات الشخصية على الصحفيين بوتيرة مقلقة إذ يتعرض الصحفيين والإعلاميين للتهديد من قبل المليشيات المسلحة يأتي هذا بالتزامن مع  عدم رغبة حقيقة للأطراف المتنازعة لضمان الحد الأدنى من حرية الصحافة بل على العكس تمامًا يحاول كل طرف فرض سيطرته على وسائل التعبير الصحفية المختلفة، في ضوء ما سبق من انتهاكات حقوقية جسمية يدفع ثمنها الصحفيين في دول النزاع بمنطقة الشرق الأوسط باعتبارهم الحلقة الأضعف في سلسلة النزاعات المسلحة بالمنطقة، تناقش مؤسسة ماعت للسلام والتنمية وحقوق الإنسان حالة حرية الصحافة  في كل من اليمن وفلسطين المحتلة والعراق وليبيا وسوريا باعتبارها دول للنزاع السياسي بمنطقة الشرق الأوسط يتعدد فيها الأطراف المسلحة خصوصًا الفاعلين من دون الدول والحركات الإرهابية والجهادية، إذ تعمل هذه الأطراف على تكميم أفواه الصحفيين عن طريق أساليب الترهيب والتخويف المختلفة والتي من بينها التهديدات اللفظية والاعتداءات البدنية التي تصل إلي حد القتل ناهيك عن الاعتداءات على المقرات الإعلامية وممارسة الاعتقالات التعسفية والاختطاف إضافة إلي إصدار الأحكام بناء على محاكمات غير عادلة.

 

مواضيع

شارك !

أضيف مؤخراً

محتوى ذو صلة

القائمة
arالعربية