مداخلة مؤسسة ماعت بخصوص مقتل جورج فلويد على يد شرطي امريكي

مقدم إلى: الدورة 44 لمجلس حقوق الانسان

مقدم من: مؤسسة ماعت للسلام والتنمية وحقوق الانسان (ذات المركز الاستشاري بالمجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للأمم المتحدة).

عن: الولايات المتحدة الامريكية

بشأن:

تمهيد

تُدين مؤسسة ماعت للسلام والتنمية وحقوق الإنسان (مصر) العنف المُستخدم من قبل رجال الشرطة الأمريكية ضد المواطنين الامريكين من أصحاب البشره السوداء، وتستنكر المؤسسة وحشية الشرطة الأمريكية فى التعاطى مع الأقليات العرقية فى الولايات المتحدة الامريكية، فقد حدث أن أوقف رجل شرطة أمريكى مساء يوم 25 مايو 2020، رجل يُدعى جورج فلويد، 46 عاماً، وقد أظهر فيديو مصور مُدته عشر دقائق، شرطياً أبيض، يثبت فلويد أرضاً، ضاغطاً بإحدى ركبتيه على عنقه، فيما كان فلويد يردد “لا أستطيع أن أتنفس”، وقد وقعت تلك الحادثة فى نفس اليوم ذاته لانتشار فيديو يظهر امرأة بيضاء في نيويورك، تستدعي الشرطة للقبض على رجل أسود، بعد خلاف حول كلبها، وهو ما يظهر تمييزاً عنصرياً ضد الأقليات العرقية فى بلد تتدعى أنها مهد الحريات ومنبع الديمقراطية.

وتُقدم مؤسسة هذه المداخلة للإشارة إلى خطورة وتنامى العنف المُستخدم من قِبل قوات الأمن الأمريكية ضد أصحاب البشرة السوداء، وهو ما يستدعى تحقيقاً جاداً فى تلك القضية، وتود المؤسسة أن تلفت انتباه المجلس الموقر إلى أنها لم تكن الحادثة الأولى من نوعها، فهى واحدة من بين مئات القضايا والحوادث التى تُبرز التفرقة العنصرية فى المجتمع الأمريكى، وجرائم القتل بحق المواطنين “السود” من أصول أفريقية على يد قوات الشرطة، وهو ما يعززه تصريحات الرئيس الأمريكى، ترامب، ضد “السود”، والتى تأتى تصريحاته ضدهم مليئة بالعنصرية، وفضلاً عن أن البيانات الأولية تظهر أن الأمريكين السود أكثر عرضة للوفاة بفيروس كورونا المستجد “كوفيد 19″، وهو ما يُشير بلا أدنى شك إلى تفاقم العنصرية والتفاوتات الاقتصادية فى الولايات المتحدة بسبب الجائحة.

وحشية الشرطة الامريكية في التعامل مع الأقليات العرقية من “السود”

توفي جوروج فلويد، 46 عاماً، والذى كان يعمل حارساً فى أحد مطاعم مدينة مينابوليس، مساء يوم 25 مايو 2020، وهي أكبر مدن ولاية مينيسوتا الأمريكية، وقد أوقفته الشرطة الأمريكية خلال بحثهم عن مشتبه به فى عملية تزوير، وقد أظهر شريط مصور مدته عشر دقائق، شرطياً أبيض، وهو يتعامل بوحشية مع رجل من أصول أفريقية، وهو فلويد، والذى ثبته الشرطى على الأرض، وقد ضغط على عنقه بإحدى ركبتيه، وكان فلويد يُردد “لا أستطيع التنفس”، حتى فارق الحياة، وهو نفسه اليوم الذى انتشر فيه فيديو لأمرأة بيضاء فى نيويورك، وهى تستدعى الشرطة للقبض على رجل أسود، بعد خلاف حول كلبها[1].

وفى سياق متصل، فلم تكن تلك الحوادث هى نادرة فى تاريخ الشرطة الأمريكية، فقد تم قتل 1014 شخص أسود على يد قوات الشرطة الأمريكية فى العام 2019، ووفقاً للدراسات، فالأمريكين السود أكثر عرضة لأن يقعوا ضحايا للشرطة مقارنة بالأعراق الأخرى، وقبل حادثة مقتل فلويد بيومين، قتل رجل أسود على يد ضابط شرطة أبيض، في خطوة جديدة من شأنها إحياء لأيام وفصل طويل من التفرقة العنصرية، وفيما يتعلق بحادثة فلويد، فقد أعلنت السلطات بأنه تم فصل رجال الشرطة الأربعة، الذين شاركوا في الواقعة، ومن بينهم الضابط الذي شوهد وهو يضغط بركبته على عنق فلويد الذي كان ممداً على الأرض[2].

وفى ذات الإطار السابق من انتهاكات الشرطة الأمريكية ضد السود، ففى العام 2018، تم قتل شاب اسود، بحوالى 20 رصاصة أطلقها رجال شرطة على موقف للسيارات لسوبر ماركت فى ولاية كاليفورنيا الأمريكية، وفى العام 2016، أطلقت الشرطة الأمريكية الرصاص على رجل أسود فى مينابوليس بعد ساعة من إعلان وزارة العدل الأمريكية أنها فتحت تحقيقاً فى مقتل رجل أسود على يد ضابطى شرطة فى باتون روج بولاية لويزيانا، وفضلاً عن مقتل 102 مواطنًا أسود على الأقل خلال عام 2015، بمعدل شخصين تقريباً أسبوعياً، وبمعدل شخص واحد من بين 3 مواطنين سود قتلوا كان غير مسلح، وقد أظهرت التقارير أن 37% من المواطنين غير المسلحين الذين قتلتهم الشرطة كانوا من المواطنين السود الذين يمثلون جميعا 13% من سكان الولايات المتحدة الأمريكية[3].

العنصرية ضد المواطنين”السود” في ظل جائحة كورونا

أظهرت البيانات الأولية الصادرة عن بعض الولايات أن الأمريكيين السود أكثر عُرضة للوفاة بفيروس كورونا المستجد “كوفيد 19″، وهو ما يعد إشارة سيئة إلى  تفاقم العنصرية والتفاوتات الاقتصادية في الولايات المتحدة بسبب الجائحة، وقد أكدت الإحصائيات الصادرة عن مسؤولى الصحة  في شيكاغو العدد الكبير لضحايا الفيروس من الأمريكيين السود بالمدينة، حيث يمثل السود في شيكاغو نصف حالات الإصابة بالفيروس في المدينة وأكثر من 70% من الوفيات، رغم أنهم يشكلون 30% من السكان، وقال مسؤولون في ولاية شيكاغو الأمريكية، إنه حتى 5 أبريل كانت 1824 حالة من أصل 4680 حالة مؤكدة بالفيروس في الولاية من المقيمين السود، وذلك بالمقارنة مع 847 أبيض و 478 من أصل إسباني و126 من سكان شيكاغو الآسيويين؛ وفضلاً عن تنامى أعداد المصابين السود فى بقية الولايات؛ بسبب العنصرية والتى أدت لنقص الاستثمار في مجتمعات الأمريكيين الأفارقة وسوء الرعاية الصحية للسكان بشكل عام[4].

وفى ذات الإطار السابق، فيمكن إرجاع أسباب ارتفاع الوفيات لدى الأمريكين السود بالولايات المتحدة الأمريكية إلى أن السود بسبب العنصرية والتهميش الذين يعانون منه، وفضلاً عن تردى الوضع الاقتصادى والاجتماعى؛ فهم أكثر عرضة لمشاكل القلب والضغط والسكري، وتود المؤسسة أن تؤكد على أن نظام الرعاية الصحية في الولايات المتحدة الأمريكية سىء جداً، ويؤثر على السود بشكل أكبر، وذلك بجانب عوامل البيئة المحيطة، حيث يعيش الأمريكيون السود فى مناطق مزدحمه، ويرتبط فيها الناس ارتباطاً وثيقاً مع بعضهم، إلى جانب قلة المساحات الخضراء، وأماكن ممارسة الرياضة البدنية، بالإضافة لشحاحة الخيارات الغذائية الصحية، وانخفاض مستويات الدخل لديهم، وفضلاً عن أن المهن التي يعمل فيها السود عموماً هي أكثر عرضة للإصابة بفيروس كورونا، حيث أنهم  يشكلون النسبة الأكبر من عمال الأغذية وسائقي الحافلات، والميكانيكيين، وعمال المصانع، وعمال نقل البضائع وغيره، وذلك مقارنة بالوضع الاقتصادى والمهن المتميزة التى يعمل بها البيض فى الولايات المتحدة الأمريكية[5].

وتدعو مؤسسة ماعت الولايات المتحدة الأمريكية إلى ضرورة التدخل من أجل وضع حلول نهائية للقضاء على مشكلة التمييز والعنصرية ضد الأقليات العرقية، وكذلك العمل على تحسين الأوضاع الاجتماعية والصحية والاقتصادية للسكان الأمريكين من أصول أفريقية.

التصريحات العنصرية ضد السود من قبل الرئيس الامريكي “ترامب”

تستنكر مؤسسة ماعت التصريحات العنصرية التى تنقلها وسائل الإعلام عن الرئيس الأمريكى، دونالد ترامب، والتى يهاجم فيها بعض الدول الأفريقية مثل “هايتى”، والتى وصفها بأنها “حثالة”، وهو ما يعد تصريحاً ضمنياً من قِبل رأس السلطة فى الولايات المتحدة الأمريكية لاستخدام العنف ضد الأفارقة، وفضلاً عن كونه تصريح جارح للشعوب ذات الأصول الأفريقية فى الولايات المتحدة، وتجدر الإشارة إلى أن الرئيس الأمريكى قد قال من قِبل أثناء حملته الانتخابية، أنه ليس لديه ما يخسره تجاه الناخبين الأمريكيين من أصول إفريقية، وقد قال أيضاً إن “المناطق التى يسكنها السود قذرة وشديدة السوء”، وأن ظروفهم المعيشية لن تعرف إلا التحسن خلال حكمه، وبعد أكثر من ثلاث سنوات فى البيت الأبيض، لم يتوقف الرئيس ترامب عن إثارة الجدل بتغريدات عنصرية ومواقف سياسية تتهكم على أصحاب البشرة السوداء من الأمريكيين[6].

وفى سياق متصل، هاجم الرئيس الأمريكى، دونالد ترامب، أربع نائبات ديمقراطيات ينحدرن من أقليات، واستخدم ضدهن تصريحات عنصرية قبيحة[7]، وفضلاً عن هجومه على القس آل شاربتون، وهو زعيم تاريخى فى حركة الدفاع عن حقوق السود، ثم هجومه على النائب الديمقراطى عن مدينة بالتيمور بولاية ميريلاند إيلايجا كامينغز الذى يعد من بين رفقاء حركة كفاح ومسيرة مارتن لوثر كينج ضد العنصرية؛ ليظهر لقواعده الانتخابية أنه مرشح يمكن الاعتماد عليه[8]، وقد هاجم ترامب، كذلك عضوة الكونجرس السوداء ماكسن والتر، من ولاية كاليفورنيا، وهى المعروف عنها انتقادها المباشر لسياسات ومواقف ترامب، وغرد ترامب عنها بالقول “هى سيدة غير طبيعية ولديها إمكانيات عقلية شديدة الضعف، وهى مجنونة”، وفى مناسبات مختلفة هاجم ترامب نجم كرة السلة اللاعب الأسود لابرون جيمس، واستهدف كذلك مذيع ومقدم البرامج بشبكة سى إن إن دون ليمون، إضافة إلى مستشارته السابقة اوماروسا مانيجولت السوداء التى وصفها بأنها ليست أكثر من “كلبة”[9].

التوصيات

في الاخير تُدين مؤسسة ماعت للسلام والتنمية وحقوق الإنسان كل أشكال العنف الذى تمارسه قوات الشرطة الأمريكية ضد السود، وتدعو السلطات الأمريكية الفيدرالية إلى فتح تحقيق مستقل يبحث فى أسباب تزايد وتنامى أعمال العنف ضد الأقليات العرقية من السود، والعمل الفورى على معالجة تلك المشاكل بما يسمح للأقليات العرقية بالتمتع بكامل حقوقهم.

[1]  جورج فلويد: 11 وفاة أشعلت احتجاجات ضد “وحشية” الشرطة الأمريكية، بى بى سى، 29 مايو 2020. https://cutt.us/cFFow
[2]  «حادث مينيسوتا ليس الأول».. تاريخ عداء الشرطة الأمريكية والسود، الدستور، 29 مايو 2020, https://cutt.us/vQteO
[3]  نفس المصدر السابق ذكره.
[4]  العنصرية ضد سود أمريكا.. في كورونا أيضا، الخليج الجديد، 7 أبريل 2020, https://cutt.us/8k4RD
[5] “عنصرية كورونا”.. ارتفاع معدل وفيات السود بأمريكا.. لماذا؟، عربى 21، 11 أبريل 2020. https://cutt.us/9oE7x
[6]  ترامب والتصريحات العنصرية.. سجل طويل تجاوز حدود أميركا، الجزيرة، 16 يوليو 2019. https://cutt.us/PxgIE
[7] ترامب نموذجًا.. عن عنصرية الرؤساء في المجتمع الأمريكي، نون بوست، 16 يوليو 2019. https://cutt.us/WFB8z
[8] ترامب يواصل خطابه “العنصري” مستهدفا نائب ماريلاند، دوتش فيله، 28 يوليو 2019. https://cutt.us/cYfpw
[9]  العنصرية بالاختيار.. ترامب نموذجا، الشروق، 8 أغسطس 2019. https://cutt.us/9Ukpw

مواضيع

شارك !

أضيف مؤخراً

محتوى ذو صلة

القائمة
arالعربية