نحو هيئة فاعلة ومستقلة للإشراف على الانتخابات

 

نحو هيئة فاعلة ومستقلة للإشراف علالانتخابات

 

ورقة سياسات

تصدرها

“وحدة تحليل السياسة العامة وحقوق الإنسان”

التابعة لمؤسسة

ماعت للسلام والتنمية وحقوق الإنسان

في إطار مشروع

“الاستعراض الدوري الشامل كأداة لتحسين السياسات العامة خلال المرحلة الانتقالية”

19 نوفمبر 2016

 

“هذا الإصدار تم تنفيذه بمساعدة الاتحاد الأوروبي. مضمون هذا الإصدار هو مسؤولية مؤسسة ماعت للسلام والتنمية وحقوق الإنسان ولا يمكن بأي حال أن يعتبر انعكاسا لرؤي الاتحاد الأوروبي”
  • تمهيد

تعتبر مصداقية العمليات الانتخابية ونزاهتها مرتبطة بشكل وثيق بنظم ادراتها وكيفية عمل تلك النظم وقد حددت  اللجنة العالمية المعنية بالديمقراطية والانتخابات والأمن, في تقريرها الصادر عام 2012، خمسة تحديات رئيسية تواجه إجراء الانتخابات بنزاهة في كافة الدول وكان اهم هذه التحديات عدم وجود هيئات إدارة انتخابات مهنية وذات كفاءة تتحلى بالاستقلال التام في تصرفاتها  .

وفي إطار اهتمام “وحدة تحليل السياسة العامة وحقوق الإنسان” بمؤسسة ماعت للسلام والتنمية وحقوق إلانسان بالتوصيات التي تم تقديمها لمصر في ضوء الاستعراض الدوري الشامل وموقف الحكومة المصرية من التوصيات وفي ضوء تنفيذ المؤسسة لمشروع “الاستعراض الدوري الشامل كأداة لتحسين السياسات العامة خلال المرحلة الانتقالية”، الممول من الإتحاد الأوروبي خلال 2016-2017 ، فقد اهتمت المؤسسة بتسليط الضوء علي تلك القضية من خلال ورقة توضح أهم نماذج وأنواع الهيئات المنوطة بها إدارة العمليات الانتخابية وتطرح من خلالها بعض التوصيات اللازمة لإنشاء الهيئة.

وقد تناولت الورقة   من خلال عدة محاور ،  تطور إدارة العملية الانتخابية ، ثم عرض لبعض نماذج الإدارة الثلاث المستقلة ، الحكومية ، والمختلطة ، كما اهتمت الورقة بعرض أهم المبادئ التي يجب أن تحكم عمل تلك الإدارات والإطار الحقوقي المنظم لعملها وفي محور منفصل تناولت الورقة صلاحيات ومهام هيئات الانتخاب وتمويلها ، وعرضت الورقة النظام الحالي لإدارة الانتخابات في مصر ومدي احتياج مصر لإنشاء هيئة وطنية مستقلة للانتخابات واختتمت الورقة ببعض التوصيات التي يجب أن تتوفر لإدارة الهيئة لمساعدتها علي ضمان استقلاليتها واستمرار عملها بكفاءة وتعزيز دورها في التواصل مع الهيئات الانتخابية علي مستوى العالم لتطوير أدائها.

  • تطور ادارة العملية الانتخابية

تعتبر الانتخابات من أهم  الفعاليات الديمقراطية المباشرة. وهي مهمة إدارية شديدة التعقيد يتم تنفيذها في جو مشحون سياسيًا.  بهدف اختيار شخص لتولي منصب رسمي، أو قبول أو رفض اقتراح سياسي بواسطة التصويت المباشر فيما يعرف بالاستفتاء.

الهدف الأساسي من الانتخابات هو الوصول إلى المشاركة السياسية التي تفضي للاستقرار السياسي والاجتماعي ولتهيئة ظروف ملائمة للنمو والتقدم، والقضاء على الانفراد بالسلطة والحد من القرارات الفردية العشوائية التي لا يوافق عليها المجتمع. ويشترط في النظام البرلماني عموماً التأكيد على حقوق الأفراد وتجنب التعدي عليها من الدولة مهما كانت أكثريتها البرلمانية، لأن حقوق الفرد وحريته شرط أساسي لنجاح العملية البرلمانية التي تستند عليه، ولذلك ينص على هذه الحقوق في الدساتير ويمنع المساس بها.

والانتخابات من ناحية أخرى تزود السلطة السياسية بالمشروعية المطلوبة لأنها تضمن تمثيل السلطة السياسية للمجتمع بكافة طبقاته وطوائفه واتجاهاته عبر الأفراد الممثلين لهم ويشاركون في اتخاذ القرار. وعليه فالتمثيل الشعبي يسهل على السلطة السياسية مهمة اتخاذ القرارات المصيرية في المواقف التاريخية الحاسمة، لأن الأمة كلها، وليس فرداً أو أفراداً معينين، تتحمل مسؤوليتها عبر التمثيل أو التصويت في اتخاذ هذه القرارات.

والانتخابات لم تكن شيئا مستحدثا على الإطلاق كما يظن البعض، بل إن النظام الانتخابي موجود منذ فجر التاريخ، ولكن في الدول التي احترمت شعبها وقررت أن يكون هناك نظام ديمقراطي فى الحكم. وكانت موجودة فى روما القديمة واليونان القديمة فقد عرفت الانتخابات في وقت مبكر من القرون الوسطى، فكان يتم من خلالها تحديد الإمبراطور المقدس أو بابا الكنيسة الكاثوليكية، وهو ما دلت عليه عملة الانتخابات والتى كانت توزع على الناخبين فى روما القديمة.

وفى عام  920 م فى ولاية تاميل نادو بالهند، استخدمت أوراق النخيل لإتمام عملية الاقتراع، حيث يكتب اسم المرشح على ورق النخيل ويتم وضعه داخل وعاء طيني. كما عرف العرب ايضا الانتخابات واستخدموها قديما لاختيار الخليفة الذي يريدونه، حيث أجريت الانتخابات وتم اختيار خلفاء المسلمين مثل عثمان بن عفان، وعلي بن أبى طالب.

ونظرا لإهمية الانتخابات في الفاعليات الديمقراطية فإن ادارتها تحتاج الي مهارات خاصة للقيام بها ومن الافضل أن تسند مسؤولية الفعاليات الانتخابية لهيئة أو جهة محددة أو أكثر. بحيث تستطيع  تلك الجهة  والتي قد تتخذ أشكالًا وأحجامًا مختلفة، وكذلك تسميات مختلفة منها مثلا  “مفوضية الانتخابات”، “الإدارة العامة للانتخابات”، “المجلس الانتخابي”، أو “وحدة الشؤون الانتخابية” .ويستخدم مصطلح الإدارة الانتخابية للدلالة على الهيئة المسؤولة عن إدارة العملية الانتخابية. ادارة العملية الانتخابية بالكامل دون تقصير وبشفافية ونزاهة.

وقد كانت تدار الانتخابات سابقا باشراف كامل من الحكومة نفسها ، او وزارة تابعة لها الي ان بدأ ظهور فكرة الهيئات الانتخابية منذ منتصف الثمانينيات وكانت هيئات مختلطة ، ثم تطورت الي هيئات انتخابية مستقلة ، وذلك بسبب الاهتمام الكبير من وسائل  الإعلام ومراقبي الانتخابات ، ايضا كان لظهور منظمات عالمية وإقليمية تعمل علي تعزيز الديمقراطية احد الامور التي ادت الي اسناد ادارة الانتخابات الي جهة محايدة بعيدة عن الحكومة.

  • نماذج الادارة الانتخابية

يخضع تصميم اي نموذج لإنشاء هيئة لادارة الانتخابات في اي بلد علي مستوي العالم الي عدة معايير تستند في مجملها  الي  ما ينظمة دستور وقانون هذه الدولة الا انه في اغلب دول العالم تنقسم نماذج ادارة  الانتخابات الي ثلاثة انواع وهي :-

  • النموذج المستقل

ويكون هذا النموذج عبارة عن هيئة مستقلة تماما تقوم علي تنظيم إدارة الانتخابات وتعمل كمؤسسة منفصلة ومستقلة عن السلطة التنفيذية للحكومة،  وأعضاؤها والعاملين بها هم جميعهم ليسوا ذوي صلة بالسلطة التنفيذية. ويكون لها ميزانيتها الخاصة وتدير نفسها بنفسها ولا تخضع لأي مسائلة من اي جهة تابعة للسلطة التنفيذية داخل الدول التي تعمل بها وتخضع فقط للسلطة التشريعية والقضاء. كما ان هذا النموذج من هيئات ادارة الانتخابات يتمتع باستقلالية مالية تامة .  وقد اعتمد هذا النموذج عدد من الدول ذات الديمقراطيات الحديثة مثل  جنوب أفريقيا، إندونيسيا، أرمينيا، كوستاريكا، أستونيا، البوسنة والهرسك، بوركينا فاسو، كندا، جورجيا، الهند، ليبيريا، موريشيوس، نيجيريا، بولندا، تايلند والأوروجواي.

ويوفر هذا النموذج  من اشكال ادارة الانتخابات بيئة جيدة تستطيع من خلالها تطوير ورفع قدرات العاملين بها  كما انها تتميز بعدم التقيد بأفراد او جهات معينة لإدارة الانتخابات حيث انها تستطيع انتداب من تراهم كفء للعمل بها ، بخلاف تمتعها بشكل كامل في ميزانيتها ومواردها المالية مما يدفعها الي تنفيذ كافة فاعلياتها بحرية ويرفع مستوي تركيزها في الاشراف وادارة العملية الانتخابية كاملة دون الاستناد الي اي جهة اخري .

ولكن كنتيجة لاستقلالها التام تكون ﻣﻌﺰﻭﻟﺔ ﻋﻦ ﺩﻭﺍﺋﺮ ﺍﻟﻘﺮﺍﺭ المتعلقة ﺑﺎﻷﻃﺮ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻭﺍﻻﻧﺘﺨﺎﺑﻴﺔ مما يؤدي الي افتقار هذا النموذج الي الدعم السياسي الكافي لضمان استمرارية التمويل نتيجة ارتفاع كلفة العمل بهذا النموذج  لأن ﺍﻻﺳﺘﻘﻼﻝ ﺍﻟﺘﻨﻈﻴﻤﻲ  الكامل يوجب عدم  ﺍﻻﺳﺘﻔﺎﺩﺓ ﻣﻦ المؤسسات والدوائر  التنفيذية او الاعتماد علي اي منها  ﻟﻠﻤﺴﺎﻋﺪﺓ في ﺗﻨﻔﻴﺬ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺎﺕ ﺍﻻﻧﺘﺨﺎﺑﻴﺔ

  • النموذج الحكومي

ويكون هذا النموذج  تابع  السلطة التنفيذية من خلال اسناد تنظيم وادارة العملية الانتخابية برمتها الي احد الوزارت وغالبا ما تكون وزارة الداخلية او العدل  او غيرها  ويكلف احد الوزراء او العاملين داخلها برئاسة هذا النموذج  ويخضع  رئيس النموذج الي المسائلة امام الوزير المسئول عن الجهة المشرفة  كما تكون ميزانية تلك اللجنة او الهيئة المشرفة علي العملية الاتخابية ضمن ميزانية الجهة المسؤولية ايضا.

وتعتمد دول مثل الدانمارك، سنغافورة، سويسرا، بريطانيا  والولايات المتحدة الأميركية. الي مثل هذا النموذج في الانتخابات حيث تسند هذه الدول تنظيم وادارة الانتخابات الي السلطات المحلية داخل كل اقليم . بينما تعهد الولايات المتحدة الامريكية وبريطانيا الي هيئة تسمي ” هيئة الانتخابات المركزية ” صياغة وتنسيق السياسات العامة للعملية الانتخابية

ويتمتع هذا النموذج من ادارة الانتخابات بقدرة كبيرة من الخبرة خاصة علي مستوي العاملين فيه نتيجة ضمان استمرار العمل به غير انه يتمتع ايضا بدعم وتنسيق حكومي عالي المستوي مما يساعدة علي النجاح في مهمته. الا انه يعاني بالطبع من عدم المصداقية لدي جميع المشاركين في العملية الانتخابية من غير التابعين للسلطة التنفيذية ومؤيديها مما يجعله تحت ضغط سياسي متواصل من قبل المعارضة ، بخلاف خضوع هذا النموذج الي السلطة التنفيذية  من حيث التمويل ﻭﺭﺳﻢ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺎﺕ ﺍﻻﻧﺘﺨﺎﺑﻴﺔ.

  • النموذج المختلط

تعتمد فرنسا ، اليابان  ، أسبانيا ، السنغال ، ومالي. هذا النموذج من اشكال ادارة الانتخابات والذي يتكون من عنصرين يشكلان بالاساس شكل مزدوجا  للإدارة العملية الانتخابية وهما  هيئة مستقلة تضطلع بمهام وضع السياسات العامة للانتخابات وتقوم بالرصد والاشراف علي العملية الانتخابية وتكون مستقلة تماما عن السلطة التنفيذية ولا تتبع اي جهة تنفيذية وتخضع للمحاسبة والمسؤلية للجهة التشريعية والقضائية. والعنصر الثاني هو هيئة خاصة للدولة تكون مختصة بتنفيذ العملية الانتخابية وبالطبع تكون منبثقة عن احدى الوزارات وتخضع لها محاسبيا وفي ظل النموذج المختلط تقوم هيئة إدارة الانتخابات الحكومية بتنظيم وتنفيذ العمليات الانتخابية، وذلك بإشراف من قبل هيئة إدارة الانتخابات المستقلة.

  • المبادئ الحاكمة لعمل الادارة

يجب علي الادارة الانتخابية اي ما كان شكلها الحرص علي الالتزام ببعض المبادئ التي تحكم عملها بهدف ضمان شرعية ومصداقية الاستحقاقات الانتخابية التي تجري  تحت اشرافها ،  بغض الطرف عن شكلها وطبيعتها، وهوالأمر الذي يمكن تحقيقه من خلال الالتزام بمجموعة من المبادئ الأساسية وهي الاستقلالية، الحياد، النزاهة، الشفافية، الكفاءة، المهنية.

وتشكل هذه المبادئ العامة الأساس في إدارة العملية الانتخابية حيث أنها تتحلى بأهمية قصوي لضمان نزاهة العملية الانتخابية. ولا تأتي هذه المبادئ العامة من فراغ، فهي تستنبط من المعايير الدولية للانتخابات وتستند إلى الأطر القانونية المعمول بها في عدة دول ، كما تستند الي الممارسات والتجارب الانتخابية الناجحة في بعض الدول الاخري . وهو الامر الذي  يوجب النظر الي هذه المبادئ على أنها الإطار الأخلاقي الحاكم لتنظيم الانتخابات والقيام بأعمال الإدارة الانتخابية وذلك وفقا للبحث المنشور بشبكة المعرفة الانتخابية[1] وهي :

  • الاستقلالية

على الرغم من أن استقلالية الإدارة الانتخابية تشكل واحدة من أكثر المواضيع المثيرة للجدل في إدارة الانتخابات، إلا أنه لا يوجد حتى الآن توافق واضح حول ماهية تلك الاستقلالية ومعناها الحقيقي. وذلك إلى حد ما لكون تعبير “الاستقلالية” ينطوي على مفهومين مختلفين، يتعلق الأول بالاستقلالية التنظيمية عن السلطة التنفيذية (الإدارة الانتخابية المستقلة كأحد أشكال تلك الإدارة) بينما يدور الثاني حول الاستقلالية العملية المطلوبة في كافة الإدارات الانتخابية، بغض النظر عن شكلها، والتي تتعلق بعدم خضوعها لأية مؤثرات في قراراتها، سواء أتت من السلطة التنفيذية أو الجهات السياسية والحزبية الأخرى. ومن الواضح بأن كلا الأمرين يشكلان مسائل منفصلة كلياً عن بعضها البعض، حيث أن أحدها يتعلق بالمظهر والآخر بالجوهر، وهما في الاساس يعتبران وجهين لعملة واحدة.

ويجب هنا الاشارة الي انه لا يمكن باي حال من الاحوال تأكيد استقلال هيئات الادارة الانتخابية علي المستوي التنظيمي والمالي إلا من خلال الدستور و القانون وذلك من في النموذج المستقل والمختلط، وتعتبر أبسط الطرق لتحقيق هذه الاستقلالية  في القرار والفعل هي إيجاد إطار قانوني سليم يرسخ هذا الاستقلال كما هو  الحال في عدد كبير من الدول مثل المكسيك والأورجواي. والتي رسخ فيها الدستور مبدأ استقلال ادارة الانتخابات. وتعتمد مثلا بوركينافاسو والموزامبيق، ضوابطاً تفرض تعيين أحد قيادات المجتمع المدني لرئاسة الإدارة الانتخابية.

اما في النموذج الحكومي فيمكن ان تسقي ادارة الانتخابات الاستقلالية عن طريق تعيين أحد الشخصيات العامة البارزة والمحترمة، والمعروفة بحيادها السياسي وعدم استعداده للانسياق سياسياً، وذلك لرئاسة الدائرة أو المصلحة القائمة على إدارة الانتخابات ، مثل أيرلندا الشمالية

  • الحياد

ان تحقيق  نزاهة العملية الانتخابية ومصداقيتها ورفع مستوي قبول نتائجها ، يحتم علي هيئات الإدارة الانتخابية أن تعمل بحياد تام بالإضافة إلى تنظيمها للفعاليات الانتخابية باستقلالية كاملة ، وبدون ذلك تكون نزاهة العملية برمتها عرضة لفقد الثقة والفشل في بعض الاحيان، خاصة الاتهامات التي قد يتم توجيهها  اليها  من قبل الخاسرين.

ويجب علي اي إدارة انتخابية تنظيم الانتخابات بحياد تام ،  وذلك دون لمراعاة النظام أو الشكل الإداري المتبع ، وروابط المسؤولية المفروضة عليها، وكذا مصادر تمويلها ومراقبتها، كما يجب علي هيئات ادارة الانتخابات التعامل مع كافة المشاركين في الانتخابات دون تمييز وبحد سواء ودول الميل الي مجموعات سياسية بعينها.

ويجب علي ادارة الانتخابات ان تعمل بكل جد في إقناع الجمهور بشكل عام بحيادها، وذلك من خلال عملها بشفافية مع دعم اساسي جاد لتسويق دورها  في تنفيذ واعلان الحياد وايضا الاعلان  الجهود المبذولة منها لتطوير آلياتها بشكل فعال.

  • النزاهة

تعتبر الجهة التي تدير الانتخابات هي  الضامن الأول لنزاهة وسلامة العملية الانتخابية ،  وتقع على أعضائها والعاملين فيها المسؤولية المباشرة لضمان ذلك. وللعلم يمكن تحقيق النزاهة بسهولة أكبر عندما تتمتع الهيئة التي تدير الانتخابات باستقلالية عملية وسيطرة كاملة على كافة جوانب العملية الانتخابية. وفي تلك الحالات التي يعهد فيها لمؤسسات أخرى تنفيذ بعض الأنشطة الانتخابية، يجب تخويل الإدارة الانتخابية صلاحيات كافية للإشراف على أعمال تلك المؤسسات للتحقق من عملها بما يتماشى مع أعلى معايير النزاهة.

  • الشفافية

  تعتبر الشفافية أحد اهم مبادئ العمل الصحيح لكافة فعاليات وأنشطة الإدارة الإنتخابية. وهي التي تؤدي الي تسهيل   عملية إدارة الانتخاب ومحاربة الفساد والاحتيال المالي أو الانتخابي وقطع الطريق أمام أي انطباع حول وجود هذه الممارسات.

ويعتبر اقرار الشفافية احد اهم عوامل الوقوف في وجه أي تقصير أو نقص في المؤهلات أو أية ممارسات لصالح ميول سياسية ما، وهو ما يدفع نحو رفع مستوي مصداقية العملية الإنتخابية ومستوي ثقة جمهور الناخبين في الجهة التي تدير العملية الانتخابية.

  • المهنية

تحتاج  العملية الانتخابية لمجموعة كبيرة من الانشطة والإجراءات التي تتعلق بالعملية مما يوجب توافر كادر مؤهل ومدرب على أفضل وجه، بما يمكن الادارة القائمة علي الانتخابات من تطبيق أعلى المعايير المهنية أثناء قيام كوادرها بتنفيذ مهامها الفنية.

 كما يجب ان تعتمد مهنية الإدارة الانتخابية التزام كافة العاملين بها بمبادئ العدالة ، والدقة والحرص على تقديم أفضل الخدمات في كل ما يقوم به، بالإضافة إلى حرص الكادر على تطوير قدراته ومهاراته.

  • سيادة القانون

يقف مدي نجاح الانتخابات إلى قبول مختلف المشاركين فيها بنتائجها على مستوي  شرعيتها وكيفية رضوخ الجميع بالنتيجة النهائية لها،  فإذا طعن المشاركون في الانتخابات ، فإن ذلك من شأنه تقليل ثقة الجمهور بشكل عام في تلك العملية. ولكي تتمكن الإدارة الانتخابية من تنظيم انتخابات تتسم بالشرعية الكاملة يجب عليها احترام القوانين وتطبيقها بشكل كامل وواضح مع تفسيرها تفسيرا معلوم للجميع .

أما إذا أخفقت الإدارة الانتخابية في احترام القوانين وتطبيقها على قدم المساواة وتقديم المبررات والمسببات القانونية لقراراتها وبكل وضوح، فقد يؤثر ذلك بشكل كبير على شرعية الانتخابات مما يدفع جمهور الناخبين الي التشكيك في النتائج النهائية لها.

كما يجب على الإدارة الانتخابية التحقق من تطبيق وتنفيذ مختلف القوانين المتعلقة بالعملية الانتخابية بحياد وعلى أساس من المساواة بين الجميع ودون تمييز. كما وأنه عليها التحقق من معاملة أي حزب، ومرشح، وناخب أو أي مشارك بأية صفة أخرى في الانتخابات بعدل وعلى قدم المساواة مع باقي المشاركين.

  • الاطار الحقوقي لتشكيل الهيئات

يحدد الاطار القانوني الذي تقرة الدول شكل ومهام وصلاحيات هيئات الادارة الانتخابية وفي الدول حديثة العهد بالنظم الديمقراطية تقم غالبا  بصياغة إطار قانوني متكامل يعمل على ضمان استقلالية ونزاهة العملية الانتخابية، ويعزز النزاهة والمساواة في إدارتها، بالإضافة إلى دفعها بالأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني والناخبين بشكل عام للمشاركة الكاملة والواعية في العمليات الانتخابية عن طرق مختلفة اهمها التوعية والتدريب باهمية وكيفية المشاركة بالعملية الانتخابية ذاتها. كما تهتم الدول ايضا ان تكون الاطر الشرعية والقانونية المنظمة لتلك الهيئات متوافقة والمواثيق والمعايير الدولية مثل

العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية

  • المادة 25 من والتي تنص على أن: “لكل مواطن، حرّ من كل أشكال التمييز المذكورة في المادة 2 ودون قيود غير معقولة وذلك من خلال
  • الحق والفرصة في المشاركة في إدارة الشؤون العامة بشكل مباشر أو من خلال ممثلين يتم اختيارهم بحرية
  • التصويت والترشّح في انتخابات نزيهة تجري دوريًا بالاقتراع العام وعلى قدم المساواة، وتتمّ بالاقتراع السري، وتضمن التعبير الحر عن إرادة الناخبين )

الميثاق الأفريقي بشأن الديمقراطية والانتخابات والحكم

  • ينص في المادة 17 على : “تؤكّد الدول الأعضاء من جديد على التزامها بأن تعقد بانتظام انتخابات شفافة وحرة ونزيهة وفقًا لإعلان الاتحاد الأفريقي بشأن المبادئ المنظمة للانتخابات الديمقراطية في أفريقيا”
  • إنشاء وتعزيز الهيئات الانتخابية الوطنية المستقلة والمحايدة المسؤولة عن إدارة الانتخابات
  • إنشاء وتعزيز الآليات الوطنية التي تعالج النزاعات ذات الصلة بالانتخابات في الوقت المناسب
  • ضمان الوصول العادل والمنصف للأحزاب والمرشحين المتنافسين إلى وسائل الإعلام التي تسيطر عليها الدولة خلال الانتخابات
  • ضمان وجود مدوّنة ملزمة لقواعد السلوك تحكم أصحاب المصلحة السياسية المعترف بهم قانونًا، والحكومة والجهات الفاعلة السياسية الأخرى، قبل الانتخابات وأثناءها وبعدها. ويتعيّن على المدوّنة أن تتضمن التزامًا من قبل أصحاب المصلحة السياسية بقبول نتائج الانتخابات أو الاعتراض عليها من خلال القنوات القانونية.

الاستعراض الدوري الشامل

اثناء خضوع مصر لآلية الإستعراض الدوري الشامل قدم لها توصية  رقم  166-251 والتي تطالب مصر   بالارتقاء بالعملية الانتخابية  وضمان تنفيذ توصيات بعثات مراقبة الانتخابات والتي نصت على :-

الارتقاء بالعملية الانتخابية وضمان تنفيذ توصيات بعثات مراقبة الانتخابات، ولا سيما فيما يتعلق بمساواة المرأة في المشاركة السياسية مع الرجل، ومشاركة المراقبين المستقلين للانتخابات، واحترام حرية الاجتماع والتعبير، وتنقيح لوائح تمويل الحملات الانتخابية وقدمتها الجمهوري التشيكية  وقد قبلتها مصر.

  • صلاحيات ومهام هيئات الانتخاب وتمويلها
  • الصلاحيات والمهام

تتمتع الهيئات الانتخابية علي مستوي العالم بمجموعة من الصلاحيات التي تتيح لها وضع كافة الضوابط الملزمة لكل المشاركين في العملية الانتخابية بمن فيهم جمهور الناخبيين والمرشحين ووسائل الاعلام والصحافة المختلفة ومتابعي العملية الانتخابية بحيث تتماهي تلك الصلاحيات مع التشريعات الدستورية والقانونية لدولة ما وقد تزيد هذه الصلاحيات او تقوض طبقا للقوانين المنظمة للعملية الانتخابية.

وبحسب ما ورد في سلسلة منشورات المؤسسة الدولية للديمقراطية[2] والانتخابات فإن في دول امريكا اللاتينية مثل الارجواي وكوستاريكا تتمتع هيئة ادارة الانتخابات بصلاحيات تنفيذية، وتشريعية وقضائية بهدف الحد من سيطرة السلطة التنفيذية وهيمنتها على باقي السلطات في ظل أنظمة الأقلية الحاكمة هناك وبذلك تعتبر هيئة ادارة الانتخابات هي السلطة الرابعة في تلك الدول حيث تمتلك وضع وتعديل واصدار القوانين و اللوائح  واستعرضها والزام الجميع بتنفيذها والخضوع لها كما ان جميع قرارتها لا تخضع لاي سلطة حكومة اخري  ، ايضا تتمتع تلك الهيئات بصلاحيات تنفيذية للدعوة للانتخابات وتنفيذها، وللتصديق على نتائجها أو إلغائها، بالإضافة إلى تسوية النزاعات الانتخابية.

 كما تتمتّع هيئات إدارة الانتخابات في دول بوتان المكسيك والبوسنة والهرسك وليبريا، ببعض الصلاحية للتحقيق وإنفاذ القوانين المتعلقة بسير الانتخابات.  فهيئة إدارة الانتخابات في دولة مثل  بوتان تمتلك صلاحيات المحكمة، كما أن هيئة إدارة الانتخابات في تايلند تمتلك الصلاحيات القانونية لوكالة إنفاذ القانون. وفي البوسنة والهرسك وليبيريا، يمكن لهيئات إدارة الانتخابات إلزام أي شخص بالمثول أمام الهيئة للتحقيق في واقعة ما . أما في الفلبين وروسيا فإن هيئة إدارة الانتخابات ملزمة بإجراء استفسارات تتعلق بشكاوى متعلقة بانتهاكات قانون الانتخابات. وفي كندا تمتلك هيئة إدارة الانتخابات صلاحية التحقيق في الانتهاكات المحتملة.

ويمكن لهيئات إدارة الانتخابات الليبيرية والمكسيكية والبرتغالية فرض الغرامات. وفي تايلند، يمكن لهيئة إدارة الانتخابات توجيه الاتهام لكل من يقوم بانتهاك قوانين الانتخابات. أما في البوسنة والهرسك فتستطيع هيئة إدارة الانتخابات أن تفرض عقوبات مدنية لعدم الخضوع لها ، ولكن يجب أن تعمل  أولًا علي تحقيق هذا الخضوع.

 كما اقرت التشريعات الكندية  لهيئة إدارة الانتخابات الدخول في اتفاق للخضوع  مع أي شخص ارتكب أو على وشك ارتكاب جريمة من الجرائم التي تمثل انتهاكا  لقانون الانتخابات.  وتتمتع هيئات الانتخاب في دولتي كمبوديا وجنوب أفريقيا بصلاحيات اكبر ، مثل اخضاع منتهكي القانون الي التحقيق تحت امرتها المباشرة وايضا تمتلك صلاحيات تسوية النزاعات ذات الطابع الإداري أو النزاعات التي لا تندرج بالضرورة ضمن اختصاص المحاكم

وفي دول مثل تايلند، تونغا، وزامبيا ، بوتان، كمبوديا، غانا، ليبيريا، روسيا، جنوب أفريقيا، تمتلك هيئتها الانتخابية صلاحيات تنفيذية تمكنها من تنفيذ كافة فاعلية العملية الانتخابية من حيث تشريع القوانين ووضع اللوائح وفرض عقوبات علي مخالفيها ولا تخضع تلك اللوائح والقوانين الا للمراجعة من قبل المحاكم المختصة فقط. وفي دولة جنوب افريقيا تحديدا يوجد محكمة تتعلق باستعراض كافة الاجراءات والقوانين واللوائح المتعلقة بالعملية الانتخابية.

وفي دولة الهند تمتلك هيئة الانتخابات صلاحية وضع جدول زمني للانتخابات وإصدار الأمر بإجراء الانتخابات ودعوة الناخبين للاقتراع ،وفي روسيا ايضا تمتلك الهيئة حق الدعوة للانتخاب حال فشل السلطة التشريعة في ذلك .

وتعطي  تشريعات بعض الدول مثل اندونيسيا  الحق للهيئات الانتخابية إعادة الاقتراع أو إعادة العد والفرز في مراكز الاقتراع الفردية حسب رؤيتها حتي تكون العملية الانتخابية صحيحة ولا تشوبها اية مشكلات.

 كما اباحت التشريعات في دولة ناميبيا  لهيئة ادارة الانتخابات إصدار أمر بإعادة الانتخابات في حالات العنف أو حالات الطوارئ. وفي بعض الحالات، كما هو الحال في بوتان، تايلند، الأوروجواي وزامبيا، تمتلك هيئة إدارة الانتخابات صلاحية أوسع نطاقًا لطلب إعادة الاقتراع إذا لم تجرِ الانتخابات بطريقة عادلة ونزيهة وفقا للقانون.

وربما لا تحدد مهام وصلاحيات هيئات ادارة الانتخاب بشكل مستقل في اطار قانوني منظم لها ، وربما تشتمل القوانين المنظمة لعمل هيئات الانتخاب في بعض الدول علي صلاحيات ومهام اوسع ويتوقف ذلك علي عوامل النظام الانتخابي داخل الدولة ونظامها الانتخابي وايضا عدد الفاعلين المشاركين في العملية الانتخابية وتتلخص مهام الهيئات الانتخابية بشكل عام في شقين اساسي وهو تحديد شروط اصحاب الحق في الاقتراع ، استلام طلبات الترشيح للمشاركين في الانتخابات والتحقق من صحتها وتوافقها والقوانين المنظمة للعملية الانتخابية ،تنسيق وتنظيم وتنفيذ عمليات الاقتراع ، عدّ وفرز الأصوات ، تجميع وإعداد نتائج الانتخابات.

كما تضلع الهيئات الانتخابية ببعض المهام غير الأساسية مثل فرز وتنقيح وتسجيل جداول الناخبين، تقسيم الدوائر الانتخابية، تنظيم ما يتعلق بالأحزاب السياسية، والنظر في النزاعات والطعون الانتخابية ، بعض الهيئات تتمتع بصلاحيات تشريع القوانين المنظمة للعملية الانتخابية ايضا ، وتخضع معظم فعاليات هيئات إدارة الانتخابات للمحاسبة وتحت اشراف السلطة القضائية أو الهيئات الأخري مثل حالات الهيئات الانتخابية الحكومية او المختلطة.

كما تضطلع بعض الهيئات الانتخابية بمسئولية اجتماعية تجاه المجتمعات التي تقوم على خدمتها، والتي قد تتعدى مسؤولياتها المحددة في الإطار القانوني للانتخابات . مثل  العمل على تعزيز المساواة بين المرأة والرجل داخل هيئة إدارة الانتخابات وفي الحياة السياسية، والتعامل بعدالة مع المسائل المتعلقة بالتنوع العرقي، وتعزيز مبادئ المساواة والإنصاف في العمليات الانتخابية، وتوفير سبل المشاركة للجميع على قدم المساواة، وخاصة للمجموعات المهمشة ولذوي الاحتياجات الخاصة، واحترام الأعراف والتقاليد التي لا تتعارض مع مبادئ الإدارة الانتخابية ، ايضا يقع علي عاتق بعض الهيئات الانتخابية دور مجتمعي في اطار التوعية بالعملية الانتخابية برمتها لجمهور الناخبين.

  • التمويل

تعتبر العمليات الانتخابية علي مستوي العالم من اكتر العمليات انفاقا ، وهو الامر الذي يحتاج معه تمويلا مستمرا وثابتا للهيئات التي تقوم علي ادرة شئون العلميات الانتخابية في الدول المختلفة ويختلف حجم تمويل كل هيئة انتخابية بحسب حجمها والأدوار التي تقوم بها وصلاحيتها ، وايضا حسب شكل ومراحل العملية الانتخابية داخل كل دولة ومعدل تكرار العمليات الانتخابية وعددها

ويعتمد العديد من الهيئات المنوطة بادارة الانتخابات علي عدد من المانحين الدوليين المعنين بالعمليات الانتخابية علي مستوي العامل حيث تحصل على مبالغ كبيرة من المانحين بالإضافة إلى الدعم الفني، كما هو الحال بالنسبة لهيئات أفغانستان وكمبوديا وهاييتي وإندونيسيا والعراق وليبيريا وذلك علي خلفية خروجها من صراعات وازمات داخل تلك الدول.

وتعتمد بعض الدول مثل البانيا وغانا وكوسوفو والتي تمتلك هيئة مستقلة للانتخابات علي تمويل كامل من موازنة الدولة  يحول الي حساب الهيئة وتقوم هي بالتصرف به كما تشاء ، بينما تعتمد بعض  الهيئات الأخرى، خاصة الحكومية علي  موازنة  إحدى الوزارات التي يقع ضمن اختصاصها الاشراف علي العملية الانتخابية مثل دول الدانمارك وسنغافورة. وعند استخدام النموذج المختلط، فقد يتم صرف موازنة المكوِّن المستقل من هيئة إدارة الانتخابات عبر إحدى الوزارات المعنية، كوزارة الداخلية في فرنسا.

  • نظام إدارة الانتخابات في مصر

 تعاني مصر حتي اصدار هذه الورقة من عدم وجود هيئة وطنية مستقلة لادارة الانتخابات وذلك علي الرغم من  نص الدستور المصري لعام 2014 في المواد 208 ، 209 ، 210 علي تشكيل هيئة وطنية مستقلة تختص دون وغيرها بادارة العمليات الانتخابية في مصر  وقد نصت المادة  208 علي تعريف الهيئة ومهامها وهي “الهيئة الوطنية للانتخابات هيئة مستقلة، تختص دون غيرها بإدارة الاستفتاءات، والانتخابات الرئاسية، والنيابية، والمحلية، بدءا من إعداد قاعدة بيانات الناخبين وتحديثها، واقتراح تقسيم الدوائر، وتحديد ضوابط الدعاية والتمويل، والإنفاق الانتخابى، والإعلان عنه، والرقابة عليها، وتيسير إجراءات تصويت المصريين المقيمين فى الخارج، وغير ذلك من الإجراءات حتى إعلان النتيجة. وذلك كله على النحو الذى ينظمه القانون.”

كما نصت المادة 209 الشكل العام لتشكيل الهيئة والتي نصت علي ” يقوم على إدارة الهيئة الوطنية للانتخابات مجلس مكون من عشرة أعضاء يُنتدبون ندبا كليا بالتساوى من بين نواب رئيس محكمة النقض، ورؤساء محاكم الاستئناف، ونواب رئيس مجلس الدولة، وهيئة قضايا الدولة، والنيابة الإدارية، يختارهم مجلس القضاء الأعلى، والمجالس الخاصة للجهات والهيئات القضائية المتقدمة بحسب الأحوال، من غير أعضائها، ويصدر بتعيينهم قرار من رئيس الجمهورية. ويكون ندبهم للعمل بالهيئة ندباً كلياً لدورة واحدة مدتها ست سنوات، وتكون رئاستها لأقدم أعضائها من محكمة النقض. ويتجدد نصف عدد أعضاء المجلس كل ثلاث سنوات. وللهيئة أن تستعين بمن ترى من الشخصيات العامة المستقلة، والمتخصصين، وذوى الخبرة فى مجال الانتخابات دون أن يكون لهم حق التصويت. يكون للهيئة جهاز تنفيذى دائم يحدد القانون تشكيله، ونظام العمل به، وحقوق وواجبات أعضائه وضماناتهم، بما يحقق لهم الحياد والاستقلال والنزاهة.”

كما نصت المادة 210 من الدستور علي “يتولى إدارة الاقتراع، والفرز فى الاستفتاءات، والانتخابات أعضاء تابعون للهيئة تحت إشراف مجلس إدارتها، ولها ان تستعين بأعضاء من الهيئات القضائية. ويتم الاقتراع، والفرز فى الانتخابات، والاستفتاءات التى تجرى فى السنوات العشر التالية لتاريخ العمل بهذا الدستور، تحت إشراف كامل من أعضاء الجهات والهيئات القضائية، وذلك على النحو المبين بالقانون. وتختص المحكمة الادارية العليا بالفصل في الطعون على قرارات الهيئة المتعلقة بالاستفتاءات والانتخابات الرئاسية والنيابية ونتائجها، ويكون الطعن علي انتخابات المحليات أمام محكمة القضاء الاداري. ويحدد القانون مواعيد الطعن على هذه القرارات على أن يتم الفصل فيه بحكم نهائى خلال عشرة أيام من تاريخ قيد الطعن” .

و نظرا لعدم وجود مجلس نواب بعد اقرار الدستور فقد تم  تشكيل لجنة عليا لادارة الانتخابات بنص قانون تنظيم مباشرة الحقوق السياسية رقم ٤٥ لسنة ٢٠١٤ في المادة رقم ٤ على تشكيل اللجنة العليا للانتخابات برئاسة رئيس محكمة استئناف القاهرة وعضوية نائبين من نواب محكمة النقض، وأقدم نائبين لرئيس مجلس الدولة، وأقدم رئيسين بمحاكم استئناف القاهرة، كما تختار المجالس العليا للجهات القضائية عضوا إحتياطيا بمراعاة الأقدمية.

ووفقا للقانون فقد اختصت اللجنة بـ”-

  1. تشكيل اللجان العامة للانتخابات ولجان الاقتراع والفرز وتعيين أمين لكل لجنة.
  2. الإشراف على إعداد جداول الانتخابات من واقع بيانات الرقم القومي ومحتوياتها وطريقة مراجعتها وتنقيتها وتحديثها، والإشراف على القيد بها وتصحيحها.
  3. وضع و تطبيق نظام للرموز الانتخابية بالنسبة لمرشحي الأحزاب السياسية والمستقلين.
  4. تلقي البلاغات والشكاوي المتعلقة بالعملية الانتخابية والتحقق من صحتها وإزالة أسبابها.
  5. وضع القواعد المنظمة لمشاركة منظمات المجتمع المدني المصرية والدولية في متابعة كافة العمليات الانتخابية.
  6. وضع القواعد المنظمة للدعاية الانتخابية بمراعاة أحكام المادة (٤) من الإعلان الدستوري والمادة الحادية عشرة من القانون رقم ٣٨ لسنة ١٩٧٢ في شان مجلس الشعب ، على أن تتضمن هذه القواعد حظر استخدام شعارات أو رموز أو القيام بأنشطة للدعاية الانتخابية ذات الطابع الديني أو على أساس التفرقة بسبب الجنس أو الأصل.
  7. وضع قواعد توزيع الوقت المتاح خاصة في أوقات الذروة للبث التليفزيوني والإذاعي بغرض الدعاية الانتخابية في أجهزة الإعلام الرسمية والخاصة على أساس المساواة التامة.
  8. إعلان النتيجة العامة للانتخاب والاستفتاء.
  9. تحديد مواعيد الانتخابات التكميلية.
  10. إبداء الرأي في مشروعات القوانين المتعلقة بالانتخابات.

وعلي الرغم من هذه الاختصاصات الكبيرة التي اعطت للجنة الا انه ثمة مشكلات متعددة عانت منها العملية الانتخابية برمتها نتيجة وهو ما ادي الي عدم قدرتها في بعض الاحيان علي  اخراج الانتخابية بشكلها الامثل  مثل:

عدم اكتمال هيمنة اللجنة المشكلة علي كامل العملية الانتخابية خاصة مرحلة التسجيل وذلك لطبيعة تشكيل اللجنة المؤقت والذي يتم اصدار قرار بتشكيلها من رئيس الجمهورية.

ايضا عانت اللجان المشكلة لإدارة الانتخابات من عدم وجود امانات فنية مؤسسة يعمل بها العدد الكافي من الخبراء والباحثين والموظفين مما ادي الي ظهور بعض القصور في اداء اللجنة اجمالا.

ايضا يعتر من ابرز المشكلات التي تواجه اللجنة هي التغيرات الحادثة في تشكيلها نتيجة طبيعيتها الوقتية مما يؤدي الي غياب الخبرات المؤسسة والفنية عن اللجنة.

عدم تناسب عدد القضاة المشرفين علي العملية الانتخابية وعدد الدوائر ومراكز الاقتراع مما ادي الي اجراء العملية الانتخابية علي عدة مراحل .

ايضا من أكبر المشكلات التي قابلت اللجنة المشرفة كان بسبب نقص عدد القضاة، الأمر الذي يجعل اللجنة في حيرة من أمرها ، فلا يجوز إجراء الانتخابات إلا بإشراف قاضٍ على كل لجنة في الوقت هناك دولة مثل السعودية بها نحو 300 ألف ناخب، وهو ما يتطلب إرسال 300 قاضٍ للإشراف عليهم، علاوة على تكاليف ونفقات السفر لكل قاضٍ، الأمر الذي سبب مشكلة كبيرة نتيجة غياب الهيئة .

ايضا ضعف التنسيق بين اللجان المشرفة علي الانتخابات والوزارت المعنية المشاركة في العملية الانتخابية مثل وزارة الداخلية خاصة قطاع الاحوال المدنية والذي كان منوط بتوفير قوائم  الناخبين حتي تتمكن .

نقص الحبر الفسفوري وغياب السواتر  وهو ما ادي الي تعطيل بعض لجان الاقتراع عن العمل لفترات ،  مما اي الي زيادة الازدحام وعزوف البعض عن التصويت ، وايضا ادي الي ضم بعض اللجان داخل مقار الاقتراع نتيججة نقص بعض المواد اللوجستية والتي كان منوط بها وزارة الداخلية تحت اشراف اللجنة.

تأخر القضاة عن الوصول الي اماكن الاقتراع نتيجة عدم توافر وسائل نقل تابعة للجنة وتدخل القوات المسلحة في نقل القضاة الي مقار الاقتراع عبر طائرات حربية للاماكن البعيدة كما شهدت بعض مقار الاقتراع ضم بعض اللجان الفرعية في مقر واحد  نتيجة غياب القاضي.

كما ادى اسناد العملية الانتخابية في السابق الي هيئات يتم تشكيلها بقرار من رئيس الجمهوري الي عدم تطرق قرار الانشاء الي حق اللجنة في محاسبة المخالفين لقراراتها امامها وهو ما ادي الي انتشار ظواهر انتخابية متعددة منها الرشاوي ، الدعاية المخالفة ، والتأثير علي ارادة الناخبين، واستغلال دور العبادة .

 نحو هيئة فاعلة ومستقلة لللاشراف على الانتخابات

أعلن قسم التشريع بمجلس الدولة، انتهاءه من مراجعة مشروع قانون إنشاء الهيئة الوطنية للانتخابات، المرسل له من قبل الحكومة، والمكون من 37 مادة، بعد دراسته فى ضوء النصوص الدستورية والقانونية ذات الصلة، والمبادئ التى أرستها المحكمة الدستورية العليا والمحكمة الإدارية العليا فى شأن الاستفتاءات والانتخابات.

 وقد نص مشروع القانون على عدم جواز التدخل فى أعمال الهيئة أو اختصاصاتها،  كما نص علي ان يقوم على إدارة الهيئة مجلس مكون من 10 أعضاء، ذو تشكيل قضائى كامل ويمثل جميع الهيئات القضائية، يتم انتدابهم لمدة 6 سنوات بحد أقصى، ويجرى تجديد نصفى للمجلس كل 3 سنوات، بنظام القرعة.

وقد حدد مشروع القانون 10 سنوات للإشراف القضائى الكامل كفترة انتقالية، حسب النص الدستورى، على أن يباشر أعمال الاقتراع والفرز عقب تلك المدة من بين العاملين المدنيين بالدولة، وحرص المشروع على الاستفادة بذوى الخبرات والشباب، على أن تحدد اللائحة التنفيذية آلية اختيارهم.

كما تضمن مشروع القانون نصوصًا من شأنها الاهتمام بالعنصر البشرى للهيئة،  حيث  نص علي ان تكون هناك مراكز تدريب للعاملين خلال الفترة الانتقالية، لنقل الخبرات إليهم من خلال الدورات التدريبة المكثفة للعاملين بالهيئة.

ووفقا للنص الدستوري فقد نض مشروع القانون على اختصاص المحكمة الإدارية العليا بالفصل فى الطعون على قرارات الهيئة المتعلقة بالاستفتاءات والانتخابات الرئاسية والنيابية ونتائجها، فيما يكون الطعن على انتخابات المحليات أمام محكمة القضاء الإدارى.

ولفت المستشار مجدى العجاتى، إلى أن مشروع القانون نص على أن ميزانية الهيئة الوطنية للانتخابات مستقلة، لافتًا إلى أنه وفقًا لقانون الجهاز المركزى للمحاسبات، فإنها تخضع لرقابته، ومن ثمّ لا يستلزم ذلك النص عليه داخل القانون، منوّهًا إلى أن مشروع القانون تضمن نصوصًا من شأنها التأكيد على مراعاة الشفافية والنزاهة والحيدة فى عمل الهيئة.

ومما سبق تقترح  الورقة الاتي

الاستقلالية

  • عدم اعفاء او اقالة رئيس أو اعضاء الهيئة او مديرها ونوابه نهائيا الا في حالات الاستقالة او فقدان احد شروط صلاحية العضوية وفقا لشروط العضوية.
  • نص مشروع القانون علي عدم جوز التدخل فى اعمال الهيئة  أو اختصاصاتها، وتعمل فى هذا الإطار على ضمان حق الاقتراع ، والمساواة بين الناخبين والمترشحين خلال عملية الاستفتاء أو الانتخاب وفقا للمواثيق والمعاهدات الدولية ووفقا للدستور.
  • يجب ان تختص الهيئة وحدها بفتح باب الترشح وتحديد المواعيد الخاصة به والإجراءات والمستندات والأوراق المطلوب تقديمها عند الترشح، وتلقى طلبات الترشح وفحصها والتحقق من استيفاءها للشروط المطلوبة والبت فيها وإخطار المترشحين بذلك، ووضع قواعد وإجراءات وآليات سير عملية الاستفتاء والانتخاب بما يضمن سلامتها وحيدتها ونزاهتها وشفافيتها. وايضا تختص الهيئة ايضا بتقديم مقترحات تقسيم الدوائر أو تعديلها وذلك بالتنسيق مع الجهات المعنية، وتحدد الهيئة ايضا مقار الاقتراع المناسبة لإجراء عملية الاستفتاء أو الانتخاب
  • كما يجب ان ينص القانون علي ان يتم اتخاذ رأي الهيئة في اي من تعديلات او اقرار مشاريع قوانين تتعلق بالاستفتاءات والانتخابات الرئاسية والنيابية والمحلية علي ان يكون رأيها محل اعتبار كامل من كافة الجهات المعنية.
  • يجب ان ينص القانون علي ان تخصص وزارة المالية ميزانية تقديرية سنوية للانتخابات والاستفتاءات تتولى اللجنة الاشراف عليها وحدها دون غيرها.

البناء المؤسسي

  • يجب علي الهيئة تعزيز التعاون مع الهيئات الانتخابية من اجل تبادل المعلومات الخبرات لتطوير العمليات الانتخابية.
  • تنفيذ برامج تدريبية  لبناء المهارات اللازمة لفريق العمل بهدف تحسين قدرته علي اداء مهام الاشراف والرقابة وتطوير العمليات الانتخابية.
  • انشاء معهد مستقل تابع للهيئة للتدريب وبناء قدرات المتعاملين في الانتخابات، وتخريج دفعات تقوم بتوعية وتثقيف الناخبين ، ايضا يجب ان يكون تابع للمعهد وحدة للبحث والتوثيق، والتعاون الدولي بهدف تقييم وتطوير العمليات الانتخابيات بشكل مستمر والاعتماد علي خريجي المعهد فقط في الاشراف علي ادارة العمليات الانتخابية.

علاقات الهيئة مع الاحزاب ومنظمات المجتمع المدني والافراد

  • يجب ان تضطلع الهيئة بتوعية وتثقيف الأحزاب والائتلافات السياسية بأهمية المشاركة فى الاستفتاء أو الانتخاب وحقوقهم وواجباتهم، وذلك بالتعاون مع المجالس القومية ومنظمات المجتمع المدنى والنقابات المهنية والعمالية ووسائل وأجهزة الإعلام وغيرها.
  • يجب علي الهيئة إعلام الناخبين بأنشطتها وبرامجها، واستطلاع آرائهم فيما تقوم به من عمليات ، كما يجب ان تنظم الهيئة حملات توعية عامة تضمن تعريف الناخبين علي التقنيات الحديثة التي قد تستخدمها الهيئة في اجراء العمليات الانتخابية عن طريق حملات اعلانية في كافة وسائل الاعلام وايضا بالتعاون مع منظمات المجتمع المدني عن طريق التواصل المباشر مع الناخبين.

صلاحيات الهيئة العقابية

  • يجب ان يوفر القانون لهيئة إدارة الانتخابات صلاحيات عقابية خاصة فيما يتعلق بانتهاك اللوائح المنظمة للعمليات الانتخابية ، وذلك بعد خضوع هذه اللوائح للمراجعة القضائية حتى تكون متسقة دستوريا وقانونيا ، بهدف سرعة الفصل في الانتهاكات والحد من الظواهر التي شابت العمليات الانتخابية السابقة مثل عدم الالتزام بحجم الانفاق الدعائي ، خرق الصمت ، الرشاوي الانتخابية ، وحالات التزوير من المرشحين او الناخبين وذلك في الحالات التي تطمئن الهيئة الي قوعها مع عدم الاخلال بحق القضاء في الفصل في النزاع الواقع بين الهيئة والطرف الواقع عليه الجزاء.

المراجع

  • أشكال الإدارة الانتخابية دليل المؤسسة الدولية للديمقراطية والانتخابات ، سلسلة منشورات المؤسسة الدولية للديمقراطية والانتخابات
  • كتاب الديمقراطيات المبكرة لجان شارل ده بوردا
  • كتاب منظر مبكر للانتخابات لماركي ده كوندورسيه
  • مركز البحوث الدستورية والقانونية باليمن محاضرة مقدمة إلى مؤسسة السعيد
  • موقع شبكة المعرفة الانتخابية
  • منشور : نصوص حول الديمقراطية والمشاركة المحلية صادر عن مجموعة عمل الديمقراطية لسوريابدعم من  ifa معهد العلاقات الخارجية
  • الموقع الرسمي للجنة العليا للانتخابات بمصر
  • سلسة ندوات أنظمة الحكم في الدول العربية للكاتب قائد طربوش
  • النظم الإنتخابية ومعايير وضعها – مقال للكاتب الصحفي مجدي حلمي
  • [2]http://www.un.org/ar/globalissues/democracy/pdfs/Electoral-Management-Design-The-International-IDEA-Handbook-Arabic-PDF.pdf

مواضيع

شارك !

أضيف مؤخراً

محتوى ذو صلة

القائمة
arالعربية