الأسلحة الصغيرة والأسلحة الخفيفة والتعامل غير المشروع فيها

الأسلحة الصغيرة والأسلحة الخفيفة والتعامل غير المشروع فيها

دراسة حول التحديات أمام وقف استخدامهم في انتهاكات القانون الدولي الإنساني

مقدمة

منذ النصف الأول من القرن العشرين أدركت الشعوب وكذلك المجتمع الدولي خطورة أسلحة الدمار الشامل باعتبارها التهديد الأكبر للبشرية جراء استخدامها في الحروب والنزاعات المسلحة، ما دفع المجتمع الدولي بعد الحرب العالمية الأولى إلى الشروع في حظر هذا النوع من الأسلحة تدرجيًا بدايةً من بروتوكول جنيف بشأن الأسلحة الكيميائية والبيولوجية، ووصولًا إلى معاهدة حظر الأسلحة النووية، إلا أنه منذ أن وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها بدأت الأسلحة الصغيرة والأسلحة الخفيفة في الظهور كأسلحة حقيقية للدمار الشامل. فدون الانتقاص من الآثار المدمرة والكارثية للأسلحة النووية والإشعاعية والكيميائية والبيولوجية، تجدر بنا الإشارة إلى أن الأغلبية العظمى من قتلى وجرحى النزاعات المسلحة منذ ذلك الوقت وحتى يومنا هذا قد راحوا ضحايا للهجوم بالبنادق والقنابل اليدوية وقذائف الهاون وغيرها من الأسلحة الصغيرة والخفيفة الأخرى.

وبالرغم من هذه الآثار المدمرة لانتشار الأسلحة الصغيرة والأسلحة الخفيفة التي لا تقل جسامة عن الأسلحة النووية والكيميائية، إلا أن الأخيرة تصدرت اهتمام الباحثين والسياسيين والمشرعين الدوليين مع إهمال موضوع هذه الدراسة بشكل تام تقريبًا حتى نهايات القرن العشرين. وقد بدأ المجتمع الدولي خلال العقدين الأخيرين في إدارك الخطر المحتدم الناتج عن انتشار الأسلحة الصغيرة والأسلحة الخفيفة والاتجار غير المشروع بها، وأخذ هذا التوجه من جانب المجتمع الدولي في الظهور بشكل أوضح منذ عقد مؤتمر الأمم المتحدة المعني بالاتجار غير المشروع بالأسلحة الصغيرة والأسلحة الخفيفة من جميع جوانبه عام 2001، والذي اعتبر أن انتشارها بهذه الصورة بات واحدة من “أشد المشاكل إلحاحًا التي تواجه السلم والأمن الدوليين”.

وقد باتت اليوم الأسلحة التي تندرج ضمن فئة الأسلحة الصغيرة والأسلحة الخفيفة، كالبنادق الهجومية والمدافع الرشاشة والقنابل اليدوية وقذائف الهاون، هي الأكثر استخدمًا في النزاعات المسلحة الدائرة في مختلف أرجاء العالم. وليس هذا فحسب، بل هي أيضًا الأكثر استخدامًا لاستهداف المدنيين عمدًا على وجه الخصوص. وبالمقارنة بوسائل الحرب الأخرى التي أشارنا لها للتو ومعها أنظمة الأسلحة الرئيسية، يعد تقدير حجم التجارة في الأسلحة الصغيرة والخفيفة، سواء التجارة العالمية أو الاتجار غير المشروع، أمرًا أكثر صعوبة بكثير. وبالتالي يصعُب تقدير حجمها على نحو دقيق؛ ناهيك عن صعوبة السيطرة عليها أو تتبعها.

ومن هذا المنطلق، اهتمت مؤسسة ماعت للسلام والتنمية وحقوق الإنسان خلال هذه الدراسة بتناول قضية انتشار الأسلحة الصغيرة والخفيفة والتعامل فيها على نحو غير مشروع من مختلف الجوانب. وتوضح الدراسة في البداية ماهية الأسلحة الصغيرة والأسلحة الخفيفة ذاكرةً أمثلتها وسماتها (أولًا)؛ ثم تأخذ نظرة خاطفة على ظهور الأسلحة الصغيرة والأسلحة الخفيفة وانتشار استخدامها في النزاعات المسلحة حول العالم (ثانيًا)؛ وتنتقل بعدها إلى عرض وضع تلك الأسلحة اليوم والآثار المترتبة على انتشارها بشكل عام (ثالثًا)؛ ثم تتطرق إلى الإطار القانوني وتعاطي المجتمع الدولي مع هذه القضية (رابعًا)؛ وتتناول بعدها الوضع بالنسبة إلى الاتجار غير المشروع على وجه التحديد في الأسلحة الصغيرة والأسلحة الخفيفة (خامسًا)؛ كما تعرض كذلك العلاقة بين تلك الأسلحة والقانون الدولي الإنساني (سادسًا)؛ وكذلك تسلط الضوء على الانتهاكات المتركبة باستخدام تلك الأسلحة في الدول العربية التي تشهد نزاعات مسلحة (سابعًا)؛ وأخيرًا تتناول الدراسة التحديات المتبقية بالنسبة لهذه القضية (ثامنًا)؛ ونختتم الدراسة بعدها بعرض الاستنتاجات ومن بعدها التوصيات في هذا الخصوص في ضوء ما سنعرضه.

 

 

 

مواضيع

شارك !

أضيف مؤخراً

محتوى ذو صلة

القائمة
arالعربية