الاتجار في النساء…التوصيف ورؤية لسد الثغرات التشريعية

 “الاتجار في النساء…التوصيف ورؤية لسد الثغرات التشريعية”

 ورقة سياسات

تصدرها

“وحدة تحليل السياسة العامة وحقوق الإنسان”

التابعة لمؤسسة

ماعت للسلام والتنمية وحقوق الإنسان

في إطار مشروع

“الاستعراض الدوري الشامل كأداة لتحسين السياسات العامة خلال المرحلة الانتقالية”

فبراير 2017

 “هذا الإصدار تم تنفيذه بمساعدة الاتحاد الأوروبي. مضمون هذا الإصدار هو مسؤولية مؤسسة ماعت للسلام والتنمية وحقوق الإنسان ولا يمكن بأي حال أن يعتبر انعكاسا لرؤي الاتحاد الأوروبي”

 

تمهيد:

يشكل الإتجار بالبشر المظهر القديم الجديد الأكثر انتهاكاً لحقوق الإنسان، والذي يضرب بالكرامة الإنسانية في جذورها ويعتبر وصمة عار على جبين المجتمع الدولي، وتعد النساء والأطفال الأكثر تعرضا لعملية الاتجار، حيث يشير التقرير العالمي عن الإتجار بالأشخاص الصادر عن مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة إلى أن النساء والفتيات يشكلن ما نسبته حوالي 70 % من ضحايا الإتجار بالبشر، بما يؤكد على فشل الجهود العالمية في التصدي لتلك الظاهرة ويتطلب مزيدا من التعاون الدولي للتغلب عليها.

وفي ضوء اهتمام مؤسسة ماعت للسلام والتنمية وحقوق الأنسان بمتابعة التزامات الحكومة المصرية بتعهداتها الدولية في مجال مكافحة الاتجار بالبشر، في ضوء مشروعها “الاستعراض الدوري الشامل كأداة لتحسين السياسات العامة خلال المرحلة الانتقالية”، تقدم المؤسسة هذه الورقة لمحاولة العمل على تقديم المقترحات التشريعية والإجرائية للعمل على التصدي ومكافحة ظاهرة الاتجار في النساء في مصر.

وتتناول تلك الورقة القضية من خلال عدد من المحاور، أولها السياق التاريخي لظاهرة الاتجار بالنساء، ويتناول المحور الثاني ظاهرة الاتجار بالنساء في مصر، ثم الإطار الدستوري والالتزامات الدولية في إطار التصدي لظاهرة الاتجار في النساء، فضلا عن أسباب انتشار الظاهرة، وأخيرا، تتناول الورقة رؤية مقترحة للعمل على الحد من ظاهرة الاتجار في النساء في مصر ومحاولة تقديم النصح لصانعي السياسات للعمل على معالجة تلك الظاهرة.

المحور الأول: النساء والاتجار في البشر

أولا: لمحة تاريخية عن معاناة النساء من ظاهرة الاتجار بهن

إن مشكلة الاتجار بالبشر وخصوصا بالنساء ليست وليدة السنوات الأخيرة بل هي مشكلة ضاربة في القدم وعميقة جدا، فمن المعروف أنه قد سادت في عصور ما قبل الميلاد قاعدة القوي يسيطر على الضعيف ومن هنا بدأت جذور المشكلة وانقسم البشر إلى سادة وعبيد، مما أدى إلى ظهور تجارة الرقيق في القرنين السادس عشر والسابع عشر وخصوصا بين النساء والأطفال نظرا لأنهم العنصر الأضعف في المجتمع، وعرفت في ذلك الوقت مشكلة الاتجار بالبشر بتجارة الرقيق، ولقد انتشرت تجارة الرقيق وصور استغلالهم البشع إلى الولايات المتحدة الأمريكية وإلى الكثير من الدول الغربية، واستمر الحال كذلك حتى ظهرت حركات مكافحة العنصرية والاستعباد واستغلال البشر بشتى أنواعه خلال القرون الثلاث الماضية.

وعلى الرغم من ظهور هذه الحركات المناهضة للاستعباد والرق إلا أن مشكلة الاتجار بالبشر وخصوصا بين النساء والأطفال لم تنتهي بل كانت تنمو أكثر فأكثر ولكن في الخفاء الأمر الذي جعلها أسوء مما كانت عليه في العصور الوسطى إلى أن وصلت إلى ما هي عليه اليوم على الرغم من انتشار مبادئ الحرية والمساواة التي تكفلها القوانين سواء الدولية منها أو الداخلية لبعض الدول، وتجريم القوانين الدولية والداخلية لبعض الدول لظاهرة الإتجار في البشر وخصوصا بين النساء والأطفال[1].

ثانيا: أهم الأشكال المتعارف عليها للاتجار في النساء

تتعدد صور ومظاهر الاتجار بالنساء، ولا يمكن حصرها بسب التطور التقني والتقدم العلمي، حيث يفرزان العديد من الصور والمظاهر للاتجار والاستغلال، والتي لم تكن مألوفة ولا متوقعة بمفاهيم الوقت الحاضر، ويمكن تحديد أنماط هذه الجريمة فيما يلي [2]:

  • الاتجار بالنساء لغايات جنسية: حيث يتم الإجبار على ممارسة الجنس التجاري بالقوة والخداع والإكراه أو من خلال ممارسة السلطة والتأثير على الشخص الذي أجبر على القيام بمثل هذه الأفعال إذا لم يكن قد أتم سن الثامنة عشر. ويزداد تورط العصابات الإجرامية في الاتجار بالنساء لغرض الاستغلال الجنسي بسبب الأرباح المرتفعة التي تحققها هذه التجارة والتي قد تقدر بمئات الملايين من الدولارات، وكذلك بسبب صعوبة اكتشاف أمرهم، والعقوبات الخفيفة التي تطبق عليهم في حالة القبض عليهم بسبب ضعف القوانين التي تطبق في تلك الحالات.
  • الاتجار بالنساء لغرض أعمال السخرة والاسترقاق: تتعدد صور هذا الشكل من أشكال الاتجار بالبشر، فقد يأخذ شكل أعمال السخرة، أو العبودية القسرية والعمل القسري، إضافة إلى العبودية المنزلية اللاإرادية حيث يقع خدم المنازل، في بعض الأحيان في العبودية من خلال استعمال القوة أو الإكراه، أو سوء المعاملة الجسدية أو النفسية.

ثالثا: تعامل المنظومة الحقوقية مع قضية الاتجار بالنساء

إن الخطورة الكبيرة والآثار السلبية التي ترتبت على ظاهرة الاتجار بالبشر وبخاصة بين النساء، أجبرت المجتمع الدولي على ضرورة العمل على التصدي لتلك الظاهرة والعمل على مكافحتها، ولقد ظهرت العديد من الاتفاقيات الدولية التي تعمل على التصدي لتلك الظاهرة، ومن أبرز تلك الاتفاقيات الدولية، ما يلي:

  1. الإعلان العالمي لحقوق الإنسان: التزمت الأمم المتحدة بدعم وتعزيز وحماية حقوق الإنسان لكل فرد، وينبع هذا الالتزام من ميثاق الأمم المتحدة الذي يؤكد على إيمان شعوب العالم بحقوق الإنسان الأساسية وبكرامة الإنسان وقيمته، بما يقف حائلا، أمام تجارة البشر والتي تعد نوعا من الانتقاص لكرامة الإنسان، حيث أشار الإعلان العالمي لحقوق الإنسان إلى عدم جواز استرقاق أو استعباد أي شخص، كما يحظر الاسترقاق وتجارة الرقيق بكافة أوضاعهما. كما يشير إلى أنه لا يعرض أي إنسان للتعذيب ولا للعقوبات أو المعاملات القاسية أو التي تقلل من الكرامة الإنسانية[3].
  2. العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية: يعد هذا العهد استكمالا للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والتي تقوم على أساس الحرية والعدل والسلام في العالم، ولقد كفل هذا العهد الدولي حقوق الإنسان بشكل عام بشكل متساو بالنسبة للمرأة والرجل دون تمييز بينهما، وخاصة ما يتعلق بظاهرة الإتجار بالبشر وغيرها من أشكالها، حيث نص على عدم جواز إخضاع أي أحد للتعذيب ولا للمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية. كما نص على أنه لا يجوز استرقاق أحد، وحظر الرق والاتجار بالرقيق. كما أكد على عدم إخضاع أحد للعبودية، ولا السخرة والعمل الإلزامي[4].
  3. اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة: تعد هذه الاتفاقية من أفضل الاتفاقيات التي تعمل على ضمان حقوق المرأة، وإزالة جميع أشكال التمييز ضد المرأة، باعتبار أن التمييز ضد المرأة يتنافى وكرامة الإنسان ورفاه المجتمع ويشكل عقبة في سبيل تحقيق قدرات المرأة، بالإضافة إلى ذلك، أكدت الاتفاقية وبشكل قاطع على عدم جواز الاتجار بالمرأة وتلزم الدول باتخاذ جميع التدابير لمكافحة جميع أشكال الاتجار بالمرأة واستغلال دعارة المرأة[5].
  4. الميثاق العربي لحقوق الإنسان: في ضوء عمل هذا الميثاق على وضع حقوق الإنسان في الدول العربية ضمن الاهتمامات الوطنية الأساسية، بما يجعل من حقوق الإنسان قيم أساسية توجه إرادة الإنسان في الدول العربية، أكد الميثاق على تساوي الرجل والمرأة في الكرامة الإنسانية، والحقوق والواجبات، في ظل التمييز الإيجابي الذي أقرته الشريعة الإسلامية والشرائع السماوية الأخرى والتشريعات والمواثيق النافذة لصالح المرأة. وقد أكد هذا الميثاق على حظر الرق والاتجار بالأفراد في جميع صورهما، ومنع الاسترقاق والاستعباد. كما أكد على حظر السخرة والاتجار بالأفراد من أجل الدعارة أو الاستغلال الجنسي أو استغلال دعارة الغير أو أي شكل أخر[6]. بما يؤكد على ضرورة الالتزام بهذا الميثاق والعمل على مكافحة الإتجار بالبشر وبخاصة بما يتعلق بالإتجار في النساء.
  5. قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة ديسمبر 2013: اتخذت الجمعية العامة للأمم المتحدة هذا القرار، بعد استمرار الاتجار بالأشخاص، وبخاصة النساء والأطفال، والذي يشكل جريمة وخطرا جسيما يهدد كرامة الإنسان وسلامته البدنية، وحقوق الإنسان والتنمية. حيث تطالب الجمعية للأمم المتحدة بتضافر الجهود الدولية من أجل العمل على مكافحة الاتجار بالبشر والاستمرار الفعال في خطة عمل الأمم المتحدة العالمية لمكافحة الاتجار بالأشخاص. ودعوة الدول الأعضاء إلى التصدي للعوامل الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية وغيرها من العوامل التي تجعل الناس عرضة للإتجار، مثل الفقر والبطالة، ولثقافة التغاضي عن العنف ضد المرأة والشباب والأطفال. ودعوة مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، بمواصلة تشجيع الدول وسائر أصحاب المصلحة على تقديم مساهمات لضحايا الاتجار بالأشخاص، وبخاصة النساء والأطفال[7].
  6. اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية والبروتوكولات الملحقة بها: حاولت تلك الاتفاقية العمل على مكافحة الاتجار بالبشر، وخصوصا الاتجار في النساء والأطفال، وذلك من خلال البروتوكول الاختياري الملحق بالاتفاقية والخاص بمنع وقمع ومعاقبة الاتجار بالأشخاص، وبخاصة النساء والأطفال، من خلال منع ومكافحة الاتجار بالأشخاص والاهتمام الخاص بالنساء والأطفال، مع تقديم الحماية والمساعدة للضحايا واحترام حقوقهم الإنسانية، وقد حدد هذا البروتوكول المعني بالإتجار في البشر، واتخاذ التدابير اللازمة للعمل على مكافحة الإتجار بالبشر، والعمل على حماية ضحايا الاتجار بالأشخاص وتقديم المساعدة لهم[8].

المحور الثاني: أشكال الاتجار بالنساء في مصر:

أولا: أهم أشكال الاتجار بالنساء في مصر:

تختلف أشكال الاتجار بالنساء في مصر، وفقا لعدة أنواع مختلفة، ويمكن الإشارة إلى ثلاث أنواع رئيسية حول الاتجار في النساء في مصر، ويمكن تقسيمها وفقا لما يلي[9]:

  • النوع الأول: يرتبط هذا النوع بالجنس بصورة مباشرة أو غير مباشرة: ويمكن الإشارة إلى عدة أشكال للإتجار ترتبط بالجنس بشكل مباشر أو غير مباشر، منها ما هو غير قانوني مثل (الدعارة داخل مصر، والزواج القسري -خصوصا زواج القاصرات- وعمليات الإجهاض المبكر وترقيع غشاء البكارة، واختطاف النساء لاستغلاهن جنسيا)، ومنها ما هو قانوني مثل استخدام أنوثة المرأة أثناء عملها في أنشطة تجارية عادية يقرها القانون لإغراء العملاء على التعاون أو الشراء وهذا نشاط لا يدينه القانون إلا إذا تم بغير رضا المرأة، وإذ تم برضاها يبدو متسقاً مع القانون.
  • النوع الثاني، ويرتبط بوضع الأنثى في المجتمع: لا يرتبط هذا النوع بسلوكيات جنسية، وإنما يرتبط بتدني وضع النساء الاجتماعي داخل المجتمع وقد يشمل هذا النوع 5 أشكال مثل (استغلال الزوجة لصالح الأسرة، تشغيل النساء بأجور منخفضة عن أجور الرجال، الاستيلاء على ميراث النساء، استيلاء الأزواج على عائد عمل زوجاتهم، واختطاف النساء للحصول على فدية).
  • النوع الثالث يرتبط الاستغلال السياسي: وفي هذا النوع يتم استغلال النساء في العملية الانتخابية من خلال القيام باستخدام النساء التي ينخفض وعيها، واستغلالها سياسيا مثل (استغلال أصواتهن الانتخابية، استخدامهن كدروع بشرية، استخدامهن كأدوات للضغط السياسي).

ثانيا: الإطار الدستوري وتوصيات الاستعراض الدوري الشامل فيما يتعلق بالإتجار في النساء

الدستور ومكافحة الإتجار في النساء:

 أكد الدستور المصري في عدد من المواد الدستورية بشكل مباشر وغير مباشر على تجريم الاتجار في البشر بشكل عام، حيث أكد الدستور على أن الكرامة حق لكل إنسان، ولا يجوز المساس بها، وتلتزم الدولة باحترامها وحمايتها[10]. كما أكد على أن لجسد الإنسان حرمة، والاعتداء عليه، أو تشويهه، أو التمثيل به، جريمة يعاقب عليها القانون. وحظر الاتجار بأعضائه[11]. كما حظر الدستور كل صور العبودية والاسترقاق والقهر والاستغلال القسري للإنسان، وتجارة الجنس، وغيرها من أشكال الاتجار في البشر[12].

توصيات الاستعراض الدوري فيما يتعلق بمكافحة الاتجار بالنساء[13]:

قدمت إلى الحكومة المصرية في الاستعراض الدوري الشامل الأخير، عدة توصيات تتعلق بمكافحة الإتجار بالبشر بشكل عام وضرورة أن تعمل الحكومة على تنفيذ الخطة الوطنية لمكافحة الاتجار بالأشخاص، وتكثيف الجهود والتعاون مع المجتمع الدولي في سبيل مكافحة الاتجار بالبشر، ووافقت الحكومة المصرية على جميع تلك التوصيات، وبالتالي تلتزم الحكومة بتنفيذها.  وهي: –

التوصية رقم 166-169 والتي نصت على “تكثيف الجهود الرامية إلى مكافحة الاتجار بالأشخاص، بالتعاون مع المجتمع الدولي” وتقدمت بها دولة (رواندا)؛

التوصية رقم 166-170 والتي نصت على “توسيع نطاق فهم تعريف الاتجار بالأشخاص، وإدماج النهج القائم على حقوق الإنسان في السياسات التي تستهدف القضاء على الاتجار بالأشخاص” وتقدمت بها دولة (سلوفينيا)؛

التوصية رقم 166-171 والتي نصت على “ضمان التنفيذ الفعال للخطة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر وتقدمت بها (إسرائيل)؛

التوصية رقم 166-172 والتي نصت على “مواصلة جهودها الوطنية الرامية إلى مكافحة الاتجار بالأشخاص، بطرق منها التعاون الدولي والإقليمي” وتقدمت بها دولة (كازاخستان)؛

التوصية رقم 166-173 والتي نصت على “ضمان إنشاء قاعدة بيانات وطنية عن الاتجار بالأشخاص” والتي تقدمت به دولة (الفلبين)؛

التوصية رقم 166-174 والتي نصت على “مواصلة تعزيز الجهود الرامية إلى القضاء على الاتجار بالأشخاص وفقاً للخطة الوطنية” وتقدمت بها دولة (ملديف)؛


ثالثا: الإطار القانوني تجاه مكافحة الإتجار في النساء:

في ضوء الأشكال والصور المختلفة لظاهرة الاتجار في النساء في مصر، يمكن القول أن هناك مجموعة من القوانين التي تتعامل مع ظاهرة الإتجار بالنساء، والتي تجرمها بشكل كلي وقاطع، وخصوصا ما يتعلق بأشكال الاستغلال الجنسي للنساء مثل: الدعارة، والزواج القسري والمبكر للإناث، وعمليات ختان الإناث، وعمليات الإجهاض المبكر وترقيع غشاء البكارة، واختطاف النساء لاستغلاهن جنسيا[14]. أما فيما يتعلق بالنوع الثاني فمنها ما هو غير مجرم قانونيا مثل : (استغلال الزوجة لصالح الأسرة، استيلاء الأزواج على عائد عمل زوجاتهم)، ومنها ما هو مجرم قانونيا مثل (تشغيل النساء بأجور منخفضة عن أجور الرجال، والاستيلاء على ميراث النساء)[15].ويعد قانون مكافحة الاتجار بالبشر من أهم القوانين التي تتعامل مع قضية الإتجار في النساء في مصر، حيث منع القانون الاتجار بالبشر بكافة صوره وأشكاله وذلك من خلال تعريف الاتجار بالبشر في المادة 2 من القانون. كما أشار القانون إلى عدة عقوبات رادعة تتطبق على من يقوم بفعل الاتجار في البشر، وبالتالي يعد هذا القانون رادعا أمام عملية الاتجار بالبشر[16].

 

رابعا: أسباب انتشار ظاهرة الاتجار في النساء في مصر:

تتعدد الأسباب التي تؤدي إلى انتشار ظاهرة الاتجار بالنساء في مصر، ويمكن تقسيم تلك الأسباب وفقا لما يلي[17]:

  • الأسباب الاقتصادية:

تأتي الأسباب الاقتصادية علي رأس الدوافع التي تؤدي إلي انتشار ظاهرة الاتجار في النساء في كثير من المناطق في مصر مثل انتشار الفقر وما يترتب عليه من نزوح من الريف إلى المدن، ما يدفع النساء إلى العمل للتغلب على الأوضاع الاقتصادية ومساعدة الأسرة وهو ما يجعلهم أكثر عرضة للوقوع في براثن عمليات الاتجار بالبشر، وذلك عن طريق استغلال النساء الفقيرات بتقديم وظائف كبائعات أو نادلات أو خادمات ، ثم يجدن أنفسهن في براثن شبكات دعارة  محلية أو دولية ،  أو إجبارهن علي العمل بأجر زهيد،  أو عن طريق قيام بعض الآباء بإجبار الفتيات -خاصة القاصرات- علي  الزواج من الأثرياء العرب لمدد قصيرة مقابل مبالغ مالية ثم إعادة تزويجهن مرات متعددة.

  • الأسباب الاجتماعية:

تعد ظاهرة إجبار الفتيات علي ترك التعليم خاصة في المناطق الريفية، وفي صعيد مصر، أحد اهم أسباب استغلال النساء اجتماعيا وسياسيا خاصة في الحملات الانتخابية، عن طريق شراء أصواتهن نتيجة عدم وعيهم.

 كما يحدث في بعض القري خاصة في الصعيد إجبار النساء التنازل عن ميراثهن كنوع من التقاليد الاجتماعية التي لا تعترف بتوريث السيدات.

  • الأسباب الدينية:

في بعض الأحيان يتم استخدام الدين كأحد العوامل في الاتجار في النساء في مصر، حيث يلجأ الآباء إلى تزويج بناتهن في سن مبكر، بحجة الستر والحفاظ على عفة البنات، وبالتالي يستفيد الآباء من تزويج بناتهن في سن مبكر، وينتشر هذا النوع بشكل كبير في المناطق غير الحضرية وفي الأرياف، وبالتالي انتشار ظاهرة الزواج المبكر بشكل كبير في المجتمع المصري.

 

بعض الإشكاليات القانونية التي تؤدي إلى انتشار الظاهرة

على الرغم من تعدد التشريعات المصرية التي تحمي حقوق النساء من عمليات الاتجار بهن إلا أن تلك القوانين تم تشريعها منذ فترات طويلة ما أدي إلى ضعف البنية القانونية التي تتعلق بتجريم ظاهرة الاتجار في النساء، وجعلها لا تفي بالغرض المطلوب في تجريم الظاهرة ومنها: –

  • قانون مكافحة الدعارة: والذي نص على عقوبة غير رادعة سواء كانت الغرامة أو مدة الحبس التي لم تزد عن ثلاث سنوات للمحرض على الفعل سواء كان برضا الضحية أو عن طريق التحايل. وأيضا نص علي في مواده على عقوبة جالب النساء لاستخدامهم في الدعارة من الخارج بعقوبة لا تزيد عن خمس سنوات وغرامة لا تزيد عن 500 جنيها.
  • قانون العقوبات: يعد قانون العقوبات المصري من اهم القوانين التي وضعت عقوبات رادعة للعديد من الجرائم إلا أن القانون في مادته 227 لم يضع عقوبة رادعة لحالات تزويج القاصرات حيث نصت المادة على أن “يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز سنتين أو بغرامة لا تزيد على ثلاثمائة جنيه كل من أبدى أمام السلطة المختصة بقصد إثبات بلوغ أحد الزوجين السن المحددة قانونا لضبط عقد الزواج أقوالا يعلم أنها غير صحيحة أو حرر أو قدم لها أوراقا كذلك متى ضبط عقد الزواج على أساس هذه الأقوال أو الأوراق. ويعاقب بالحبس أو بغرامة لا تزيد على خمسمائة جنيه كل شخص خوله القانون سلطة ضبط عقد الزواج وهو يعلم أن أحد طرفيه لم يبلغ السن المحددة في القانون” وتعتبر هذه العقوبات ضعيفة جدا سواء على مستوي الحبس أو مستوي القيمة النقدية للغرامة.
  • قانون الاتجار بالبشر: علي الرغم من إقرار مجلس الشعب المصري في العام 2010 قانون يجرم ويعاقب عمليات الاتجار بالبشر لكنه لم يوضح صور الاتجار فيما يخص استغلال النساء فى أعمال الدعارة، أو الخدمة أو غير ذلك من صور الاستغلال، والذى يتضمن زواج الصفقة، الزواج المبكر فى حالة المنفعة، الزوجة الخادمة، تجارة الأعضاء، والإجبار على الأعمال غير المشمولة بالحماية القانونية مثل «عاملات المنازل – عاملات التراحيل»، والاستيلاء على دخل الزوجة أو الابنة ضد رغبتهم، وتشغيل النساء بأجر أقل من أجر السوق، والجنس التجاري، واستغلال اللاجئات، والتسول، والحرمان من الميراث، واختطاف النساء للحصول على فدية، واستغلال أصواتهن الانتخابية، واستخدام النساء كدروع بشرية، والتهديد باستخدام صور وفيديوهات إباحية ونشرها للحصول على منفعة، هذا بخلاف عمليات النصب التي تقع فيها النساء نتيجة الإعلان عن توفير فرص عمل خارج البلاد يكتشفن بعدها أنهن أسيرات شبكات دعارة دولية.
  • قانون العمل: علي الرغم من أن قانون العمل أنصف المرأة في كثير من مواده إلا  أنه استثنى من تطبيق أحكام الفصل الثاني (الخاص بتشغيل النساء العاملات فى الفلاحة)، وهي فئة تمثل نسبة كبيرة من العمالة على مستوى محافظات الجمهورية وهى النساء العاملات فى قطاع الزراعة ينطوي هذا الاستثناء علي ظلماً بيناً لهذه الفئة  مما يعبر عن عدم الاعتراف بالحقوق الواجبة للنساء العاملات فى قطاع الزراعة ، أيضا  المواد المتعلقة بأجازة الوضع للنساء والتي تم تخفيض عدد مرات حصول المرأة العاملة عليها من ثلاث مرات إلى مرتين طوال مدة خدمتها .وفى هذا انتقاص من حقوقها المستقرة .


 

المحور الثالث: رؤية مقترحة للحد من ظاهرة الاتجار في النساء

نظرا لانتشار ظاهرة الاتجار في النساء بشكل كبير في الوقت الراهن، يمكن تقديم مجموعة من التوصيات والمقترحات والتي قد تساعد صانع القرار المصري في التصدي للظاهرة، ومن أهم تلك المقترحات ما يلي:

 

أولا: المقترحات التشريعية:

تري مؤسسة ماعت في ضوء انتشار ظاهرة الاتجار بالنساء والنتائج السلبية المترتبة على ذلك، انه ينبغي أن تقوم مؤسسات الدولة والبرلمان على العمل بشكل أكبر لمناهضة هذه الظاهرة عن طريق تعديل بعض التشريعات ومنها: –

  • تشديد العقوبات الواردة بقانون مكافحة الدعارة خاصة فيما يتعلق بعمليات التحريض على الفجور أو التحايل على النساء للإيقاع بهن في ممارسة الدعارة أو استخدامهن في أعمال منافية للآداب لتصل إلى الحبس المشدد مدة لا تقل عن عشر سنوات وغرامة لا تقل عن مليون جنية.
  • إضافة مادة شاملة إلى قانون الاتجار بالبشر تجرم كل صور الاتجار بالنساء فيما يخص استغلال النساء في أعمال الخدمة، زواج الصفقة، الزواج المبكر فى حالة المنفعة، الزوجة الخادمة، تجارة الأعضاء، والإجبار على الأعمال غير المشمولة بالحماية القانونية مثل «عاملات المنازل – عاملات التراحيل»، والاستيلاء على دخل الزوجة أو الابنة ضد رغبتهم، وتشغيل النساء بأجر أقل من أجر السوق، والجنس التجاري، واستغلال اللاجئات، والتسول، واستغلال أصواتهن الانتخابية، واستخدام النساء كدروع بشرية.
  • تشديد العقوبة في المادة 227 من قانون العقوبات لتصبح “يعاقب بالحبس المشدد مدة لا تقل عن خمس سنوات أو بغرامة لا تقل على مليون جنيه كل من أبدى أمام السلطة المختصة بقصد إثبات بلوغ أحد الزوجين السن المحددة قانونا لضبط عقد الزواج أقوالا يعلم أنها غير صحيحة أو حرر أو قدم لها أوراقا كذلك متى ضبط عقد الزواج على أساس هذه الأقوال أو الأوراق. ويعاقب بالحبس المشدد مدة مماثلة أو بنفس الغرامة كل شخص خوله القانون سلطة ضبط عقد الزواج وهو يعلم أن أحد طرفيه لم يبلغ السن المحددة في القانون”
  • حذف الاستثناء الوارد بالفقرة الفرعية (ب) من المادة الرابعة الذي يبعد عمال الخدمة المنزلية عن حماية ذلك القانون، وتفعيل ما أجازه قانون النقابات العمالية رقم 35 لسنة 1976 لخدم المنازل بإنشاء منظمات نقابية تدافع عن مصالحهم.
  • حذف المادة 97 من قانون العمل والتي تستثني العاملات في الفلاحة البحتة من كافة حقوق العمال وفقا للقانون مع قيام المشرع بوضع مواد قانون تنظم عمالة النساء في الفلاحة.

          ثانيا: المقترحات المجتمعية:

  • وضع استراتيجية للنهوض بالمرأة   معتمدة في ذلك على التجارب الدولية تعمل على دعم وتعزيز ثقافة التكافؤ والمساواة ومناهضة التمييز ونبذ العنف واستغلال النساء برعاية المجلس القومي للمرأة.
  • دمج محتويات تعلمية خلال مراحل الدراسة في التعليم ما قبل الجامعي تدعم مكافحة التمييز ضد المرأة وتعمل على غرس ثقافة المساواة ومنع استغلال المرأة.
  • قيام صندوق الخدمات لاجتماعية بوضع برامج تأهيلية ودراسات جدوى اقتصادية للفتيات خاصة في القري الأكثر فقرا للتدريب على إنشاء وإدارة مشاريع صغيرة ومتناهية الصغر تساعدهم في الابتعاد عن الوقوع في براثن استغلال النساء بكافة صوره.
  • اضطلاع المجتمع المدني بدورة في حث الحكومة على الالتزام بمواعيد تقديم التقارير الدورية الخاصة بمدى التزام مصر بتطبيق اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة ومناقشة هذه التقارير مع الجهات الدولية والاستعانة بالخبراء وذوي الاختصاص في إعدادها وتقبل المساعدات والاستشارات الدولية للنهوض بواقع المرأة وتعزيز حقوقها وحرياتها واحترامها.
  • قيام المجتمع المدني بتوفير مؤسسات رعاية وتأهيل ومراكز إيواء للنساء المتعرضات لانتهاك لحقوقهن بأي شكل من أشكال الانتهاك، فضلا عن تقديم الخدمات الطبية والنفسية والقانونية وغيرها مجانا وتقديم أية مساعدة أخرى تقتضيها حالة المرأة.
  • اعتماد برامج توعية تدريب لشرائح المجتمع خاصة في المدن والقري الأكثر فقرا بإشكالية الاتجار بالنساء، والأضرار الجسيمة الناتجة عن الظاهرة خاصة الآثار السلبية لزواج القاصرات المؤقت.

[1]: أ. على ناصر الجعلي، ظاهرة الاتجار بالبشر: أبعادها الاجتماعية والاقتصادية والدينية، (مركز مناورات، اليمن، أغسطس 2010)، مزيد من التفاصيل على الرابط التالي: http://www.felixnews.com/news-6429.html

[2]: أمل الدبيات، مشاكل الاتجار بالنساء في العالم العربي، (الأكاديمية السورية الدولية: بحث مقدم لنيل درجة الدبلوم في الشؤون الدولية والدبلوماسية، 2010)، صــ4- 7.

[3]: الإعلان العالمي لحقوق الإنسان 1948، المادة 4، تنص على “لا يجوز استرقاق أو استعباد أي شخص. ويحظر الاسترقاق وتجارة الرقيق بكافة أوضاعهما. المادة 5، تنص على “لا يعرض أي إنسان للتعذيب ولا للعقوبات أو المعاملات القاسية أو الوحشية أو الحاطة بالكرامة.

[4]: العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، ديسمبر 1966، المادة 7، تنص على “لا يجوز إخضاع أحد للتعذيب ولا للمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو الحاطة بالكرامة. وعلى وجه الخصوص، لا يجوز إجراء أية تجربة طبية أو علمية على أحد دون رضاه الحر. المادة 8، تنص على “لا يجوز استرقاق أحد، ويحظر الرق والاتجار بالرقيق بجميع صورهما. ولا يجوز إخضاع أحد للعبودية. ولا يجوز إجبار أحد على السخرة أو العمل الإلزامي.

[5]: اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة لعام 1979، المادة 6 تنص على ” تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير المناسبة، بما في ذلك التشريع، لمكافحة جميع أشكال الاتجار بالمرأة واستغلال دعارة المرأة.

[6]: الميثاق العربي لحقوق الإنسان 2004، المادة 10، تنص على “يحظر الرق والاتجار بالأفراد في جميع صورهما ويُعاقب على ذلك. ولا يجوز بأي حال من الأحوال الاسترقاق والاستعباد. تحظر السخرة والاتجار بالأفراد من أجل الدعارة أو الاستغلال الجنسي أو استغلال دعارة الغير أو أي شكل أخر أو استغلال الأطفال في النزاعات المسلحة”.

[7]: قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة ديسمبر 2013، رقم 68/192، بعنوان “تحسين تنسيق الجهود المبذولة لمكافحة الإتجار بالأشخاص.

[8]: اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية والبروتوكولات الملحقة بها، وخصوصا بروتوكول منع وقمع ومعاقبة الاتجار بالأشخاص، وبخاصة النساء والأطفال، المكمل لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية، صـ41- 48.

[9]: بسمة مصطفى، دراسة مسحية ترصد 16 شكل للإتجار مرتبط بالجنس، (موقع مصريات، 30 نوفمبر 2015)، مزيد من التفاصيل على الرابط التالي: http://masreiat.com/organizations/2015/11/30/27841

[10]: الدستور المصري 2014، الباب الثالث الحقوق والحريات العامة، المادة 51، تنص على “الكرامة حق لكل إنسان، ولا يجوز المساس بها، وتلتزم الدولة باحترامها وحمايتها”.

[11]: الدستور المصري 2014، الباب الثالث الحقوق والحريات العامة، المادة 60، تنص على “لجسد الإنسان حرمة، والاعتداء عليه، أو تشويهه، أو التمثيل به، جريمة يعاقب عليها القانون. ويحظر الاتجار بأعضائه، ولا يجوز إجراء أية تجربة طبية، أو علمية عليه بغير رضاه الحر الموثق، ووفقا للأسس المستقرة في مجال العلوم الطبية، على النحو الذى ينظمه القانون”.

[12]: الدستور المصري 2014، الباب الثالث الحقوق والحريات العامة، المادة 89، تنص على “تُحظر كل صور العبودية والاسترقاق والقهر والاستغلال القسري للإنسان، وتجارة الجنس، وغيرها من أشكال الاتجار في البشر، ويجرم القانون كل ذلك”.

[13]: نتائج تقرير الاستعراض الدوري الشامل 2014، مزيد من التفاصيل على الرابط التالي: http://bit.ly/1YGQDSg 

[14]: قانون مكافحة الدعارة رقم 10 لسنة 1961، المادة 14، بخصوص تجريم الدعارة، قانون العقوبات المصري، الباب السادس عشر “التزوير”، المادة 227، وقانون الأحوال المدنية رقم 143 لسنة 1994، مادة 31 مكرر بخصوص تجريم الزواج القسري والمبكر، قانون العقوبات المصري، المادة 242 مكرر، بخصوص تجريم ختان الإناث ومعاقبة من يقوم بهذا الفعل، قانون العقوبات المصري، المادة 260 إلى المادة 265، المتعلقة بتجريم الإجهاض ومعاقبة من يقوم بعمليات الإجهاض. قانون العقوبات المصري، المادة 290، تتعلق بتجريم خطف الأنثى، ومعاقبة من يقوم بهذه الجريمة بعقوبة قد تصل إلى الإعدام.

[15]: قانون العمل المصري، المادة 88، تنص على “مع عدم الإخلال بأحكام المواد التالية تسري على النساء العاملات جميع الأحكام المنظمة لتشغيل العمال، دون تمييز بينهم متى تماثلت أوضاع عملهم”. قانون المواريث المصري رقم 77 لسنة 1943، باب العقوبات، بشأن معاقبة كل من امتنع عمداً عن تسليم أحد الورثة نصيبه الشرعي من الميراث. مزيد من التفاصيل على الرابط التالي http://www.youm7.com/2526146

[16]: قانون رقم 64 لسنة 2010، بشأن مكافحة الاتجار بالبشر، مزيد من التفاصيل، المادة 2 بشأن تعريف الاتجار بالبشر. والمواد من 4- 15، بشأن العقوبات التي تطبق على جريمة الاتجار بالبشر. مزيد من التفاصيل على الرابط التالي : http://bit.ly/2l7l7QD

[17]: أمل الدبيات، مشاكل الاتجار بالنساء في العالم العربي، مرجع سابق، ذكره، صــ10- 11.

الاتجار في النساء…التوصيف ورؤية لسد الثغرات التشريعية

مواضيع

شارك !

أضيف مؤخراً

محتوى ذو صلة

القائمة
arالعربية