الاختفاء القسري علي يد الفاعلين من دون الدول والجماعات المسلحة في إقليم الشرق الأوسط

الاختفاء القسري علي يد الفاعلين من دون الدول والجماعات المسلحة في إقليم الشرق الأوسط (اليمن– سوريا- العراق- ليبيا)

المقدمة:

تحتفل دول العالم في الثلاثين من شهر أغسطس من كل عام باليوم الدولي لضحايا الاختفاء القسري، وتأتي هذه الذكرى من أجل لفت انتباه العالم إلى مصير الأفراد الذين سجنوا في ظروف سيئة وأماكن مجهولة عن ذويهم أو ممثليهم القانونيين. ويشير الواقع الحقوقي الراهن في العديد من دول العالم إلى أن الاختفاء القسري أضحى مشكلة عالمية ولم يعد حكرًا على منطقة بعينها، حيث يمكن أن يحدث الاختفاء القسري في الوقت الحالي في ظل ظروف عديدة معقدة ولا سيما في ظل ظروف النزاعات المسلحة الدولية وغير الدولية والحروب الأهلية، كما يمكن أن يُستخدم بالأخص كوسيلة للقمع والترويع وخنق المعارضة وكأداة للضغط السياسي على الخصوم وبذريعة مكافحة الجريمة أو الإرهاب.

ويُعرف الاختفاء القسري وفقًا لما جاء في الإعلان المتعلق بحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري، والاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري، على أنه “الاعتقال، أو الاحتجاز، أو الاختطاف، أو أي شكل من أشكال الحرمان من الحرية الذي يتم على أيدي موظفي الدولة، أو من قبل مجموعة منظمة، أو أشخاص أو مجموعات من الأفراد يتصرفون بإذن أو دعم من الدولة أو بموافقتها، ويعقبه رفض الاعتراف بحرمان الشخص من حريته أو إخفاء مصير الشخص المختفي أو مكان وجوده، مما يحرمه من حماية القانون”.

وعلى الرغم من أن الاختفاء القسري محظور حظرًا تامًا بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان في جميع الظروف والحالات، بيد أنه يمارس في الوقت الراهن على نطاق واسع سواء من قبل السلطات الرسمية في الدولة أو من قبل بعض الجماعات المسلحة والفواعل من غير الدول، وهو ما يشكل تهديد صريحًا لطيف واسع من حقوق الأفراد المدنية والسياسية بما في ذلك الحق في الحياة والحرية والأمان الشخصي، والحق في الاعتراف بالشخصية القانونية، والحق في الهوية، والحق في محاكمة عادلة وفي الضمانات القضائية، والحق في معرفة الحقيقة فيما يخص ظروف الاختفاء، والحق في عدم التعرض للتعذيب أو لأي ضرب آخر من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة.

ومن ثمّ، فإن الاختفاء القسري يعد جريمة حقوقية كبرى تنطوى على العديد من الانتهاكات الجسيمة الأخرى لحقوق الإنسان بما في ذلك التعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة والعنف الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي والإعدام خارج نطاق القضاء. وعلى الرغم من أنه من الشائع أن تقع ممارسات الاختفاء القسري من قبل السلطات والأنظمة الحكومية تجاه المعارضين السياسيين والمدافعين عن حقوق الإنسان بما في ذلك المحامين والصحفيين كاستراتيجية لبث الرعب داخل المجتمع،  بيد أن مؤسسة ماعت للسلام والتنمية وحقوق الإنسان قد لاحظت في الأونة الأخيرة تفاقم ممارسات الاختفاء القسري التي تمارسها الجماعات المسلحة والفواعل من دون الدول بحق المعارضين السياسين والمدافعين عن حقوق الإنسان في العديد من دول منطقة الشرق الأوسط التي تشهد نزاعات مسلحة غير دولية وحروب أهلية كما هو الحال في ممارسات الاختفاء القسري التي ترتكبها جماعة الحوثيين في اليمن وقوات سوريا الديمقراطية في سوريا والمليشيات المسلحة والتنظيمات الإرهابية في كل من ليبيا والعراق.

وفي ضوء ما سبق،  تسعى مؤسسة ماعت للسلام والتنمية وحقوق الإنسان في هذا التقرير تزامنًا مع اليوم الدولي لإحياء ذكرى ضحايا الإختفاء القسري إلى لفت انتباه العالم إلى جرائم الاختفاء القسري التي ترتكبها الجماعات المسلحة والفاعلين من دون الدول بحق المدنيين ولاسيما المعارضين السياسيين والمدافعين عن حقوق الإنسان في مناطق النزاع بإقليم الشرق الأوسط بالتركيز على الانتهاكات التي ترتكبها جماعة الحوثيين في اليمن، وجماعات المعارضة المسلحة والجماعات الإرهابية في سوريا، والمليشيات المسلحة في كل من ليبيا والعراق، وهو ما سوف نتناوله بشيء من التفصيل على النحو التالي:

الاختفاء-القسري2 الاختفاء-القسري

مواضيع

شارك !

أضيف مؤخراً

محتوى ذو صلة

القائمة
arالعربية