تمهيد

إن تحديد مشروعية الأسلحة من حيث استخدامها يبدأ بالموازنة بين الضرورة العسكرية والاعتبارات الانسانية التي طرحها إعلان بطرسبرغ منذ قرابة قرن ونصف مضت. وأصبح ذلك المبدأ يتلخص في ثلاث دواعي أساسية للحظر، تتمثل في حظر الأسلحة التي تسبب معاناة أو اصابات لا داعي لها، والاسلحة ذات الأثر والضرر البيئي واسع النطاق أو طويل الأجل بدرجة تستوجب حظرها في نظر القانون الدولي، فضلا عن حظر الاسلحة ذات الاثر العشوائي. فالأسلحة التي تصيب أهدافا عسكرية ومدنيين أو أهدافا مدنية بدون تمييز هي أسلحة محظورة وفقا للفقرة الرابعة من المادة51 من البروتوكول الاضافي لاتفاقيات جنيف المعقودة في 12 أغسطس 1949 والمتعلق بحماية ضحايا النزاعات المسلحة الدولية.

ومن ثم فإن الاعتراض على فكرة الذخائر العنقودية واستخدامها في الحرب يكمن في عشوائيتها وعدم التمييز بين المدنيين والمقاتلين فاستخدامها يؤدي إلى قتل المئات من الملايين المدنيين نظراُ لعدم قدرتها على التمييز. وأيضاُ فهي تترك ورائها قدراُ كبيرا من المخلفات غير المنفجرة والتي تؤدي عشوائياُ إلى قتل العديد من المدنيين بالخطأ ما أدى إلى تزايد قلق المجتمع الدولي من استخدام هذه الذخائر العنقودية ولاسيما بعد استخدام اسرائيل لهذه الذخائر في هجومها على دولة لبنان في عام 2006 حيث استخدمت اسرائيل هذه الذخائر بكميات هائلة وطبقا لإحصائيات مركز تنسيق ازالة الألغام التابع للأمم المتحدة في جنوب لبنان فمن المقدر أن اسرائيل قد أطلقت حوالي أربعة ملايين متفجرة عنقودية في 962 غارة منفصلة. مما جعل المجتمع الدولي يتكاتف من أجل وضع قواعد تمنع استخدام الذخائر العنقودية في النزاعات المسلحة وتدمير مخزون ما يتبقى منها لدى الدول فظهرت الاتفاقية الدولية بشأن الذخائر العنقودية في مايو 2008 والتي تهدف إلى تحريم استخدام هذه القنابل العنقودية في النزاعات المسلحة وتدمير مخزونات الذخائر العنقودية لدى الدول لمنع استخدامها في النزاعات.

انطلاقًا من خطورة هذه الاسلحة وفي إطار اهتمام مؤسسة ماعت بقضايا نزع السلاح وخاصة الأسلحة ذات الاثر العشوائي على المدنيين تقدم مؤسسة ماعت للسلام والتنمية وحقوق الإنسان من خلال هذه الورقة قراءة لاتفاقية حظر الذخائر العنقودية وأهم الالتزامات التي فرضتها على الدول وواقع تنفيذ الاتفاقية فضلا عن تقديم رؤيتها لما يجب أن يتم لحظر هذه الذخائر.