اللامركزية … ومأزق التهميش السياسي للمرأة في مؤسسات الحكم المحلي

 تمـــــهيـــد

يبدو الحديث عن التمكين السياسي للمرأة في الوقت الراهن نغمة لم تعد تطرب كثيرا فهي عزف على وتر تم استهلاكه فلم يعد يصدر ألحان جديدة هذا من جانب ، ومن جانب آخر كان ولايزال ميدان المرأة هو الساحة التي تمارس فيها كل النظم الديكتاتورية والسلطوية هوايتها في استعراض مهاراتها في تزييف الواقع ، والادعاء بمناصرة قضاياها ومنحها بعض الحقوق حتى ولو بشكل إعلاني كان ولا يزال قناع خادع ترتديه هذه النظم لإخفاء حقيقة ممارستها القمعية والانتهاكية لسلة الحقوق الأخرى الاقتصادية والاجتماعية والمدنية والسياسية وضوء كاذب تريد أن تلفت به نظر المراقبين والمعنيين في المنظمات الدولية ودول العالم المتمدن وتلهيه عن رؤية  ممارستها القمعية في الميادين السياسية والاجتماعية والاقتصادية الأخرى .

ولو تأملنا هذه المقدمة اللازمة بشىء من التمعن لأدركنا حتمية الحديث الجاد في هذا الوقت عن التمكين السياسي الحقيقي للمرأة بأشكاله المختلفة وعلى مستوياته المتدرجة بعيدا عن حملات الدعاية الديكورية وسياسة الاصلاحات الشكلية التي تتبعها غالبية الأنظمة الحاكمة في العالم العربي .

ومن هنا فإننا نطرح في هذه الورقة بعد مهم من أبعاد التمكين السياسي للمرأة المصرية وهو تمكينها على مستوى الحكم المحلي في المحافظات والمراكز والمدن والأحياء والقرى ، ويكتسب هذا البعد أهمية متنامية في الوقت الراهن نظرا لتوجه الدولة نحو إقرار مزيد من الصلاحيات لوحدات الحكم المحلي في إطار ما تعلن عنه من رغبتها في تبني اللامركزية وتطبيقها على أرض الواقع في السنوات القليلة القادمة .

وتقوم وزارة التنمية المحلية المصرية  حاليا بإعداد وتطوير خطة عمل تنفيذية ذات جداول زمنية لتطبيق اللامركزية فهناك مرحلة التطبيق الاسترشادي وتستمر لمدة 3 سنوات في 3 قطاعات و3 محافظات  والمرحلة الثانية وهي التطبيق الشامل وتمتد لمدة تتراوح ما بين 5 إلي 10 سنوات .

وهذه الحقائق تكشف عن أن توجه الدولة للامركزية أمر يكاد يكون واقع بغض النظر عن مدى صدق النوايا في هذا الشأن ، وبغض النظر أيضا عن مدى الاستعداد الفعلي لهذا التحول التاريخي في نظام الحكم وما إذا  كانت قد أعدت العدة لمواجهة متغيراتها المختلفة بالشكل الذي يضمن نجاح التجربة والأمان في عملية التحول .

وما يهمنا في هذا الشأن هو واقع المرأة في مؤسسات الحكم المحلي بأجنحتها الشعبية والتنفيذية ، وكيف سيتفاعل هذا الواقع مع متغيرات اللامركزية ومعطياتها ؟ وما تأثير تطبيق اللامركزية على المرأة على المستوى المحلي ؟ كل ذلك مع الأخذ في الاعتبار طبيعة النظم الثقافية والاجتماعية المتمايزة في الأقاليم والمناطق الجغرافية في مصر وهو ما يصبغ نظرة مواطني هذه المجتمعات اليها بصبغات مختلفة ، كما يضع المرأة في مكانة تختلف من مجتمع لآخر .

وسنحاول في هذه الورقة الوقوف على كل هذه الأبعاد حتى نستطيع الخروج بتوصيات محددة نضعها أمام صانع القرار على المستوى الوطني والمحلي وأمام شركاء التنمية ومخططي وممولي برامج التنمية  بالداخل والخارج  علها تفيد في تحقيق التمكين السياسي المطلوب للمرأة المصرية على المستوى المحلي في ظل اللامركزية .

مواضيع

شارك !

أضيف مؤخراً

محتوى ذو صلة

القائمة
arالعربية