تأثير النزاعات المسلحة على عمليات التهجير القسري وأشكال الرق المعاصر

الاتجار بالأشخاص هو جريمة خطيرة وانتهاكاً صارخاً لحقوق الإنسان، يسم الآلاف من الرجال والنساء والأطفال ممن يقعون فريسة في أيدي المتاجرين سواءً في بلدانهم وخارجها. ويتأثر كل بلد في العالم من ظاهرة الاتجار بالبشر، سواء كان ذلك البلد هو المنشأ أو نقطة العبور أو المقصد للضحايا. وتتيح اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الحدود الوطنية والبروتوكولات الملحقة بها، المساعدة للدول في جهودها الرامية إلى تنفيذ بروتوكول منع الاتجار بالبشر ومعاقبة المتاجرين بالأشخاص.

وتعرّف المادة 3، الفقرة (أ) من بروتوكول الاتفاقية، الاتجار بالأشخاص بأشكاله المختلفة، والتي من ضمنها تجنيد الأشخاص أو نقلهم وتحويلهم أو إيواءهم بدافع الإستغلال أو حجزهم للأشخاص عن طريق التهديد أو استخدام القوة أو أي من أشكال القسر أو الاختطاف أو الاحتيال أو الخداع أو الإبتزاز أو إساءة استخدام السلطة أو استغلال مواقف الضعف أو إعطاء مبالغ مالية أو مزايا بدافع السيطرة على شخص آخر لغرض الاستغلال. ويشمل الحد الأدنى من الاستغلال، استغلال الأشخاص في شبكات الدعارة وسائر أشكال الاستغلال الجنسي أو العمالة المجانية والسخرة أو العمل كخدم أو الاسترقاق أو الممارسات الشبيهة بالرق، أو استعباد الأشخاص بهدف الاستخدام الجسماني ونزع الأعضاء.

وقد أقرّت الجمعية العامة للأمم المتحدة اعتبار يوم 30 يوليو من كل عام اليوم العالمي لمكافحة الاتجار بالأشخاص في قرارها رقم 192/68. وفي عام 2015 قد تعهد المجتمع الدولي من خلال أهداف التنمية المستدامة بمعالجة التحديات العالمية لتحقيق مستقبل أفضل وأكثر استدامة للجميع. ويهدف الهدف 8.7 من أهداف التنمية المستدامة إلى القضاء على العبودية الحديثة والاتجار والسخرة وأسوأ أشكال عمل الأطفال بحلول عام 2030 وإنهاء عمل الأطفال بحلول عام 2025.

وفي ظل انتشار النزاعات والحروب على المستوى الدولي والتي أدت إلى نزوح وتهجير ملايين البشر الذين فروا من الموت فانتشرت صورا جديدة للرق تمثلت في الزواج القسري والعمل الجبري واستغلال الاطفال وخاصة تجنيدهم في الحروب فضلا عن تفشي الاستغلال الجنسي للنساء والفتيات.

إن العبودية ليست مجرد ظاهرة من التاريخ، فلا يزال أكثر من 40 مليون شخص في جميع أنحاء العالم ضحايا للرق الحديث. وعلى الرغم من أن الاسترقاق الحديث غير معرف في القانون، فإنه يستخدم كمصطلح شامل يشمل ممارسات من قبيل العمل الجبري واستعباد المدين والزواج القسري والإتجار بالبشر وغيرها من حالات الاستغلال التي لا يمكن للشخص أن يرفضها أو يغادرها بسبب التهديدات والعنف والإكراه والخداع أو إساءة استعمال السلطة. وبالإضافة إلى ذلك يتعرض أكثر من 150 مليون طفل لعمل الأطفال، وهو ما يمثل قرابة 1 من كل 10 أطفال في جميع أنحاء العالم.

ونظرا لتفشي النزاعات المسلحة في المنطقة العربية وما نتج عنها من ملايين المهجرين والنازحين والضحايا الذين سقطوا في براثن عصابات الاتجار بالبشر والاستغلال بكافة اشكاله، اهتمت مؤسسة ماعت للسلام والتنمية وحقوق الانسان بأن تقدم هذه الدراسة لإيضاح الربط بين التهجير والنزوح القسري الناتجين عن النزاعات المسلحة وأشكال الرق المعاصرة وخاصة الاستغلال الجنسي للنساء والفتيات وتجنيد الاطفال والزواج القسري والاتجار بالبشر، وذلك بمناسبة اليوم الدولي لمكافحة الاتجار بالأشخاص.

مواضيع

شارك !

أضيف مؤخراً

محتوى ذو صلة

القائمة
arالعربية