fbpx

تداعيات بناء السدود الإيرانية على تخفيض تدفق المياه في إقليم كردستان العراق

مقدمة

يفتقد 2.1 مليار فرد في أنحاء مختلفة من العالم لخدمات مياه الشرب المأمونة، فيما يعاني 1 من كل 10 أشخاص في العالم من شُح المياه. وتعزو 90% من الكوارث الطبيعية إلى أزمات ذات صلة بالمياه وفقا للأمم المتحدة، فالطلب العالمي على المياه في ازدياد مستمر بسبب زيادة أعداد السكان وانتشار النموذج الصناعي الذي يعتمد علي 75% من المياه في انتاج الطاقة. وفي نفس الوقت، تتعرض كميات المياه النقية الصالحة للشرب المتوفرة للناس للتناقص المستمر بسبب اختلال التوازن المناخي، وارتفاع نسبة التلوث إلى مستويات غير مسبوقة، إلى جانب انتشار ظاهرة ملوحة المياه النقية.

وفي عدد كبير من الدول الفقيرة والهشة، يموت ما يزيد عن مليوني طفل سنوياً بسبب نقص المياه أو بسبب استهلاك المياه غير الصالحة للشرب، كما تتسبب المياه غير النقية في انتشار ما نسبته 80% من الأمراض المُعدية. إضافة لذلك، يؤدي نقص المياه إلى انخفاض خطير في إنتاج المواد الغذائية وانتشار المجاعات والأمراض الناجمة عن سوء التغذية. وتتأثر بعض المناطق في العالم بهذه الظاهرة أكثر من غيرها، ولا سيما المناطق الواقعة في شمال إفريقيا والشرق الأوسط.

وفي منطقة الشرق الأوسط يواجه العراق تناقصاً سريعاً ومضطرداً في الحصول على موارده المائية، حيث فقد خلال العشر سنوات الأخيرة وفقا لبيانات رسمية، ما يصل إلى 50% من معدل المياه التي كان يحصل عليها من قبل فضلا عن خسارته لنحو 80% من المياه المتدفقة إليه من إيران التي قطعت نحو 35 رافداً رئيسياً لإمداد العراق بالمياه بسبب استراتيجية الحكومة الإيرانية لبناء السدود على الأنهار التي تغذي العراق بالمياه لاسيما الأنهار التي تصب في إقليم كردستان.

وبحسب إحصاءات حكومية عراقية، يستهلك سكان العراق، البالغ عددهم أكثر من 40 مليون نسمة، 71 مليار متر مكعب من المياه سنوياً، بينما يتوقع أن يرتفع عدد السكان إلى أكثر من 50 مليون نسمة في 2035، فيما ستنخفض المياه السطحية إلى 51 مليار متر مكعب سنوياً بعد إكمال كافة مشاريع السدود خارج حدود العراق لاسيما في تركيا وإيران. كما إن 70% من مساحة العراق التي لا تزرع في الصيف بسبب شح المياه مرجح لها أن ترتفع للأسباب آنفة الذكر.

ويفقد العراق سنويا نحو 100 ألف دونم من الأراضي الصالحة للزراعة سنوياً بسبب فقدان المياه. وعليه أصبح العراق مُهدداً بأزمة جفاف غير مسبوق نتيجة قيام دول المنبع التي تتشارك معه في الأنهار وهما تركيا وإيران ببناء السدود التي تحد من تدفق المياه، وتسريب المياه المالحة غير الصالحة للشرب أو للري، فبناء سد إليسو التركي الذي بدأ تشغيله رسميا في 24 ديسمبر 2020، خفض تدفق المياه الواردة إلى نهر دجلة بنحو 60% أي خفض حصته من 20 مليار متر مكعب إلى 6 مليار متر مكعب، ما هدد وصول المياه إلى محافظات جنوب ووسط العراق.

أما إيران وبشروعها في بناء السدود على الأنهار التي تصب في العراق، ومن بينهم نحو 16 سداً بنتهم الحكومة الإيرانية على نهري الزاب الصغير وسيروان اللتان يمدا إقليم كردستان بالمياه، فقد أثرت على حق إقليم كردستان في الحصول على المياه فمعظم الأنهار التي تمر عبر إقليم كردستان تنبع أما من تركيا وإيران، وخفضت إيران بتشييدها لهذه السدود من منسوب المياه المتدفق إلى الإقليم ما أثر على مشروعات الري الخاصة بالزراعة والمياه الصالحة للشرب، ونجم عنه أيضا نفوق الثروة السمكية وتدمير مشاريع الصيد، وهو ما أثر علي الأمن الغذائي للإقليم، بجانب مخاطر أخري لا حصر لها وأصبحت حقوق المواطنين في إقليم كردستان العراق تتعرض يوما تلو الآخر  لانتهاكات جسيمة فيما يتعلق بحقهم المشروع في الحصول على مياه نظيفة ومأمونة.

لذلك أعدت مؤسسة ماعت للسلام والتنمية وحقوق الإنسان هذا التقرير والذي يتضمن الممارسات الإيرانية المتعلقة ببناء السدود وأثرها علي حق تمتع إقليم كردستان العراق بالحق في الحصول على المياه، وهو الحق التي أقرته المواثيق والاتفاقيات الدولية سواء المتعلقة بتنظيم تقاسم المياه فيما يخص الأنهار المشتركة أو الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان، كما إن الحصول على المياه هو جوهر الهدف رقم 6 من أهداف التنمية المستدامة، وسنركز  في هذا التقرير على وجه التحديد على السدين الأهم والأكبر والتي انتهت إيران من بناءهما وهما سد داريان وسد كولَسه أو زردشت، وهما السدان اللتان أثرا بالغ الأثر على المياه المتدفقة إلى نهري الزاب الصغير ونهر سيروان والتي يعتمد عليهما إقليم كردستان في وفرة المياه الصالحة للشرب وفي ري الأراض الزراعية بالإضافة إلي انتاج الطاقة الكهرومائية، لكن قبل ذلك نتناول الإطار القانوني للحق في المياه.

 

 

مواضيع

شارك !

أضيف مؤخراً

محتوى ذو صلة

القائمة
arالعربية