تفاقٌم عمالة الأطفال بين النازحين داخليا واللاجئين في الدول المٌضيفة

مقدمة

يصادف 12 يونيو من كل عام اليوم العالمي لمناهضة عمالة الأطفال، والذي يشكل مناسبة لتذكير الحكومات والمنظمات الدولية والوطنية بهذه المشكلة العالمية، حيث تؤثر عمالة الأطفال علي طفل واحد من بين كل عشرة أطفال في العالم، وتشير التقديرات الدولية إن 218 مليون طفل في الفئة العمرية من 5 إلى 17 عاماً، منخرطون في عمالة الأطفال، 73 مليون منهم يعملون في أعمال خطرة، ونظرا لإن الأطفال هم الضحية الأولي للنزاعات المسلحة، والتشريد الداخلي، بقت ظاهرة عمالة الأطفال لصيقة بشكل غير متناسب بالأطفال اللاجئين في البلدان المٌضيفة، وبالأطفال الذين تقطعت بهم السٌبل في دولهم، واضطروا إلى النزوح داخليا بين مدينة وأخري، بسبب النزاعات المسلحة وفي بعض الأحيان الكوارث الإنسانية، مثل المجاعات، والكوارث الطبيعية مثل تغير المناخ، لذلك يميل عمل الأطفال إلي الارتفاع بين اللاجئين والنازحين داخليا أكثر من غيرهم، ونظراً لإن هذه الظاهرة أخذت في الانتشار على نطاق واسع وغير مسبوق، خصصت منظمة العمل الدولية في عام 2002 يوم 12 يونيو من كل عام يوما عالميا لمكافحة عمل الأطفال، لإيلاء الأهمية بهذه الظاهرة وكبح جماحها بما يضمن للأطفال حياة تخلو من الانتهاكات المتعلقة بالعمل.

وقد حظي إنهاء عمل الأطفال بتأييد المجتمع الدولي، وحدد له هدفاً للقضاء على هذه الظاهرة في 2025، ومع ذلك فإن جهود القضاء على هذه الظاهرة تسير بوتيرة متباطئة للغاية، وجاءت جائحة كورونا لتؤخر الجهود المبذولة في هذا السياق. فما فتأت ظاهرة عمالة الأطفال، تشكل تهديداً لمصالح الطفل الفضلي، واستشرت هذه الظاهرة بشكل أساسي في مناطق النزاعات المسلحة لاسيما في مناطق النزوح الداخلي، وبين اللاجئين في البلدان المٌضيفة، حيث يجد الأطفال انفسهم مضطرين للعمل لتغطية جزء من نفقات الأسرة، ولأنه بدون العمل قد لا يبقي علي قيد الحياة، وتدفع بعض الأسر أطفالها للانخراط في أسوء أشكال العمل التي قد يرقي إلى نوع من أنواع العبودية الحديثة والرق المعاصر المنهي عنه بموجب اتفاقيات منظمة العمل الدولية، حيث 4.5 مليون طفل يعملون بالسخرة وهم يشكلون ما يصل إلى 18% من الأطفال ضحايا العمل الجبري الذي يبلغ عددهم 25 مليون طفل في العالم. 

يتعارض كل ما سبق، مع الغاية السابعة من الهدف الثامن من أهداف التنمية المستدامة، الذي تنص على ضرورة اتخاذ تدابير فورية للقضاء على العمل الإجباري وإنهاء العبودية الحديثة والاتجار بالبشر والقضاء على أسوأ اشكال عمل الأطفال، حتى لا يتخلف هؤلاء الأطفال عن الركب، وحتى لا يُستخدموا كمطية للاستغلال الجنسي أو من قبل الكبار في أعمال غير مشروعة في طيف من الحالات، ويمكن ان يكون هناك فئات معينة من الأطفال اللاجئين والمشردين داخليا أكثر عرضة للانتهاكات من غيرهم مثل الأطفال غير المصحوبين والمنفصلين عن ذويهم والأيتام وأطفال الشوارع، فغالبا ما يكون الأطفال النازحون ضعفاء وأكثر هشاشة من غيرهم نظراً لوضعهم في مخيمات مزدحمة وملاجئ طارئة ومستوطنات في أكثر الأحوال تكون غير رسمية. ما ينطبق على الأطفال النازحين داخليا، ينطبق بدرجة أقل على الأطفال اللاجئين في البلدان المٌضيفة في الشرق الأوسط الذين هم هدف لطيف واسع من الانتهاكات الممنهجة أيضا. 

وعليه قررت مؤسسة ماعت للسلام والتنمية وحقوق الإنسان، أن تعمل على هذا التقرير بمناسبة اليوم العالمي للقضاء على عمالة الأطفال، وباعتبار إن عام 2021 هو السنة الدولية للقضاء على عمالة الأطفال، وهو ما جعل المؤسسة تولي أهمية خاصة لهذه القضية الحيوية، التي تتطلب جهوداً مضاعفة من الحكومات والمنظمات والهيئات الدولية ودوراً توعياً من منظمات المجتمع المدني، وبدون تكاتف الحكومات ومنظمات المجتمع المدني والهيئات الدولية سيتخلف الأطفال عن الركب، ولا تنجح خطط القضاء على عمالة الأطفال بحلول عام  2025، كما هو مخطط له.

 ويركز التقرير في طياته على الإطار القانوني لمكافحة عمالة الأطفال، وتفاقم عمل الأطفال بين النازحين داخليا، والعوامل التي تساهم في تنامي هذه الظاهرة، بالإضافة إلى الارتفاع المُطرد في عمالة الأطفال بين اللاجئين في الدول المُضيفة في الشرق الأوسط مع آخذ “حالة اللاجئين السوريين” كنموذج علي تنامي هذه الظاهرة. وفي النهاية يورد التقرير الآثار المترتبة على عمالة الأطفال لاسيما اسوء أشكال العمل المنصوص عليه في الاتفاقية رقم 182 بشأن أسوا أشكال العمل لعام 1992.

 

 

 

مواضيع

شارك !

أضيف مؤخراً

محتوى ذو صلة

القائمة
arالعربية