تقرير تقييم منتصف المدة للاستعراض الدوري الشامل لمدى تقدم الحكومة المصرية في تنفيذ توصيات 2014

تقرير تقييم منتصف المدة للاستعراض الدوري الشامل

لمدى تقدم الحكومة المصرية في تنفيذ توصيات 2014

مارس 2015 – يناير 2017

يصدره

“تحالف منظمات المجتمع المدني المصرية من أجل الاستعراض الدوري الشامل”

في إطار مشروع

“الاستعراض الدوري الشامل كأداة لتحسين السياسات العامة خلال المرحلة الانتقالية”

(الممول من الاتحاد الأوروبي)

  “هذا الإصدار تم تنفيذه بمساعدة الاتحاد الأوروبي. مضمون هذا الإصدار هو مسؤولية مؤسسة ماعت للسلام والتنمية وحقوق الإنسان ولا يمكن بأي حال أن يعتبر انعكاسا لرؤي الاتحاد الأوروبي”

 

تمهيد

في نوفمبر 2014 خضعت جمهورية مصر العربية للاستعراض الدوري الشامل ، حيث قدمت للحكومة المصرية 300 توصية خلال جلسة الحوار التفاعلي ، وفي مارس 2015 وخلال جلسة اعتماد التقرير قبلت الحكومة المصرية بشكل جزئي وكلي 247 توصية ، وخلال الفترة من مارس 2015 وحتى يناير 2017 (22 شهر) شهدت الساحة السياسية المصرية استقرارا سياسيا عقب الموجة الثورية الثانية في 30 يونيه 2013 ، والتي توافقت خلالها القوى الوطنية على تلبية مطالب عشرات الملايين الذين احتشدوا في الشوارع مطالبين بعزل الرئيس الأسبق محمد مرسي الذي كان ينتمي لجماعة الإخوان المسلمين ، ومورست خلال فترة حكمه انتهاكات متعددة لحقوق الإنسان وعدوانا على المسار الديمقراطي عقب ثورة يناير 2011  .

وقد تم انتخاب البرلمان المصري في نهاية 2015  وانتهي دور انعقاده الأول وقرابة نصف دور انعقاده الثاني  حتى إعداد هذا التقرير ، كما شهدت ذات الفترة ضغوطا اقتصادية بالغة الصعوبة جراء تنفيذ الحكومة المصرية برنامج للإصلاح المالي والإجراءات الاقتصادية أثر على العملة الوطنية التي انخفضت كثيرا وهو ما أدى لموجة تضخمية كبيرة ، وخلف نسب عالية من البطالة وازدادت معدلات الفقراء أو المعرضين للعيش تحت خط الفقر .

خلال هذه الفترة بادرت مؤسسة ماعت للسلام والتنمية وحقوق الإنسان بالدعوة لتأسيس “تحالف منظمات المجتمع المدني المصرية من اجل الاستعراض الدوري الشامل” الذي اتسعت عضويته ليضم حتى موعد إعداد التقرير 227 منظمة ، وقد تم إجراء انتخابات ديمقراطية لانتخاب مجلس أمناء يقوم على إدارة التحالف في مايو 2016 .

المنهجية

قام تحالف منظمات المجتمع المدني من اجل الاستعراض الدوري الشامل برصد ومتابعة مدى التزام الحكومة المصرية بتنفيذ توصيات الاستعراض الدوري الشامل التي قبلتها في مارس 2015 ، وذلك حتى تاريخ يناير 2017 ، حيث اعتمدت عملية الرصد على إبراز المعلومات التالية :-

  • القضايا موضع الصلة بالتوصيات (25 موضوع ) ، وكذلك عدد التوصيات المنبثقة عن كل قضية
  • الإطار الدستوري ذي الصلة بكل قضية .
  • التطورات القانونية .
  • الثغرات الموجودة في النظام القانوني والمؤسسي .
  • أهـم الإحصائيات والوقائع ذات الصلة بالقضايا موضع التوصيات .

التقدم في تنفيذ التوصيات

  • تعزيز جهود مكافحة الإرهاب

قُدمت إلى الحكومة المصرية عدد 6 توصيات متعلقة بتعزيز جهودها في مكافحة الإرهاب ، وقد قبلت الحكومة المصرية كل هذه التوصيات:

وينص الدستور المصري في  المادة 237 ، على “تلتزم الدولة بمواجهة الإرهاب، بكافة صوره وأشكاله، وتعقب مصادر تمويله، وفق برنامج زمني محدد، باعتباره تهديدًا للوطن وللمواطنين، مع ضمان الحقوق والحريات العامة. وينظم القانون أحكام وإجراءات مكافحة الإرهاب والتعويض العادل عن الأضرار الناجمة عنه وبسببه”.

وفي 14 أغسطس 2015، صدر قانون رقم 94  لسنة 2015، والخاص بمكافحة الإرهاب، والذي تضمن تعريفا للجماعة الإرهابية والعمل الإرهابي وتمويل الإرهاب، وحدد دوائر خاصة بمحكمة الجنايات والجنح لنظر القضايا، كما نص القانون على حماية من يقومون على تنفيذ هذا القانون من الجيش والشرطة من أي تبعات قانونية إذا ما استخدموا القوة أثناء تنفيذ هذا القانون. كما يغرم القانون كل من يبث أو ينشر معلومات “غير حقيقية” عن الاعتداءات أو العمليات العسكرية بالمخالفة للرواية الرسمية من الجهات الرسمية، ويعد هذا القانون من أهـم القوانين التي اتخذتها الحكومة المصرية في ضوء مكافحتها للإرهاب، وذلك على الرغم من بعض الانتقادات التي وجُهت إلى القانون في ضوء اعتبار بعض مواده مقيدة للحقوق والحريات في البلاد.

وقد شهدت مصر خلال العامين الماضيين عدة عمليات إرهابية أودت بحياة مدنيين أبرياء ورجال شرطة وجيش وشخصيات قضائية بارزة وشخصيات عامة ، ولعل من أبرز هذه الوقائع اغتيال النائب العام المصري السابق هشام بركات ومحاولة اغتيال النائب العام المساعد، وكذلك محاولة اغتيال الدكتور علي جمعة وهو أحد أهـم الشخصيات الدينية المعتدلة ، واغتيال القس روفائيل موسى كاهن كنيسة مارجرجس بالعريش .

  • تعزيز حقوق الطفل والأسرة

تلقت الحكومة المصرية 7 توصيات تتعلق بتعزيز وحماية حقوق الطفل والأسرة،  وقد قبلتها الحكومة المصرية جميعا.

وينص الدستور في المادة 10، على أن “الأسرة أساس المجتمع، قوامها الدين والأخلاق والوطنية، وتحرص الدولة على تماسكها واستقرارها وترسيخ قيمها”.

كما تنص المادة 80، على أن “تلتزم الدولة برعاية الطفل وحمايته من جميع أشكال العنف والإساءة وسوء المعاملة والاستغلال الجنسي والتجاري”.

وخلال الفترة التي يغطيها التقرير صدر قرار رئيس مجلس الوزراء بتعديل بعض أحكام اللائحة التنفيذية لقانون الطفل، تضمن القرار الصادر برقم 178 لسنة 2016 تعديل عدد من المواد باللائحة التنفيذية الصادرة في عام 2010، ما يسمح بتسليم الأطفال للأسر البديلة الراغبة في احتضانهـم بدءًا من سن 3 أشهر بدلا من سنتين، وتوسيع قاعدة الأسر البديلة التي يجوز لها كفالة الأطفال مجهولي النسب برفع سن الزوجين الراغبين في الكفالة إلى ستين عاماً بدلا من 55 عامًا كما تم تعديل الشروط الواجب توافرها في هذه الأسر على نحو يضمن للطفل النشأة داخل أسرة قادرة اجتماعيًا وماديًا وصحيًا ونفسيًا. كذلك تم إلغاء نظام كفالة الأطفال بأجر.

وخلال نفس الفترة أيضا تم إصدار قرار بإنشاء صندوق رعاية الطفولة والأمومة برئاسة الأمين العام للمجلس القومي للطفولة والأمومة في  أغسطس 2016 ، كما أطلقت وزارة التضامن الاجتماعي مشروع قومي يعالج ظاهرة أطفال الشوارع في يوليو 2016.

رغم ذلك لا تزال هناك حاجة ماسة لإصلاحات تشريعية وإجرائية أكبر للتغلب على ظواهر استغلال الأطفال ومحاصرة ظاهرة أطفال الشوارع ، فضلا عن التغلب على مشكلة عمالة الأطفال في الأعمال الخطرة ، وهو ما يستلزم تعديل قوانين الطفل ، العمل ، دور الرعاية ، العقوبات .

  • دعم الأشخاص ذوي الإعاقة

تلقت الحكومة المصرية  9توصيات تتعلق بدعم حقوق الأشخاص ذوى الإعاقة، وقد قبلت الحكومة المصرية 8 توصيات بشكل كلي، وأخذت العلم بتوصية واحدة فقط.

نص الدستور المصري في العديد من مواده على ضرورة دعم الأشخاص ذوي الإعاقة والعمل على حماية حقوقهـم وضمان عدم التمييز ضدهـم فيما يتعلق بالحقوق والحريات العامة في سياق صيانة الدستور للحقوق والحريات العامة ( المواد 53 ، 54 ، 55 ) ، كما نص  الدستور في مادته رقم 81 على أن “تلتزم الدولة بضمان حقوق الأشخاص ذوى الإعاقة والأقزام، صحيًا واقتصاديًا واجتماعيًا وثقافيًا وترفيهيًا ورياضيًا وتعليميًا، وتوفير فرص العمل لهـم، مع تخصيص نسبة منها لهـم، وتهيئة المرافق العامة والبيئة المحيطة بهـم، وممارستهـم لجميع الحقوق السياسية، ودمجهـم مع غيرهـم من المواطنين، إعمالاً لمبادئ المساواة والعدالة وتكافؤ الفرص”.

خلال الفترة التي يغطيها التقرير أطلقت وزارة التضامن الاجتماعي، الإستراتيجية القومية لحماية وتأهيل الأشخاص ذوى الإعاقة، والتي يستمر تنفيذها لمدة 3 سنوات حتى 2019 ، كما صدرت عدة قرارات وزارية تصب في اتجاه تعزيز الحقوق التعليمية للطلاب المعاقين من أبرزها ما يلي :-

  • صدور قرار وزير التعليم رقم  229 لعام 2016، بشأن دمج الطلاب ذوى الإعاقة  البسيطة بمدارس التعليم الفني
  • في يناير 2017 وافق مجلس الوزراء على مشروع قرار بتعديل بعض أحكام اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات الصادر بالقانون رقم 49 لسنة 1972، والذي يقضي بإنشاء أول كلية لعلوم ذوي الإعاقة والتأهيل بجامعة الزقازيق ، أيضا خلال نفس الفترة صدر قرار المجلس الأعلى للجامعات بإتاحة جميع الكليات الجامعية أمام الطلاب من ذوى الإعاقة في تنسيق العام الجديد للقبول بالجامعات والمعاهد العليا، بشرط موافقة اللجنة التي سيعرض عليها الطالب على إمكانية إلحاقه بالكلية التي يريدها.
  • كما صدر قرار وزارة التربية والتعليم رقم 42 لسنة 2015، بشأن قبول التلاميذ ذوي الإعاقة البسيطة بمدارس التعليم العام. الحكومية والخاصة .

وبالتزامن مع إصدار التقرير الحالي يناقش مجلس النواب المصري قانون متخصص لذوى الإعاقة، إلا إنه في المقابل لازالت هناك تحديات مؤثرة تحد من وصول ذوى الإعاقة لكثير من حقوقهـم القانونية ، فعدد المدارس المؤهلة لاستيعاب ذوى الإعاقة لا تزال غير كافية وفقيرة الإمكانيات ، بل وتم إغلاق أحد هذه المدارس بمدينة دمنهور محافظة البحيرة في سبتمبر 2016 .

ورغم أن القانون المصري ينص على تخصيص نسبة 5% من الوظائف في أي منشأة للمعاقين ، إلا أن هذا الحق غير مفعل خاصة في المنشآت الاقتصادية والخدمية الخاصة غير المملوكة للدولة ، وهو ما يؤثر سلبا على الحقوق الاقتصادية والاجتماعية لذوى الإعاقة ، كما أن نهج دمج ذوى الإعاقة غير واضح وغير مراعي في الواقع القانوني والممارسات العملية بقطاعات المجتمع المختلفة على عكس ما هو منصوص عليه في الدستور المصري ، فغالبية المرافق العامة والمؤسسات التعليمية والصحية وغيرها ليست مؤهلة.

  • مكافحة العنف ضد المرأة

تلقت الحكومة المصرية 28 توصية تتعلق بمكافحة العنف ضد المرأة ، وقد قبلت الحكومة المصرية 25 توصية قبولا كليا ، كما قبلت 3 توصيات قبولا جزئيا.

وينص الدستور المصري في مادته رقم 11 على “وتلتزم الدولة بحماية المرأة ضد كل أشكال العنف، وتكفل تمكين المرأة من التوفيق بين واجبات الأسرة ومتطلبات العمل. كما تلتزم بتوفير الرعاية والحماية للأمومة والطفولة والمرأة المعيلة والمسنة والنساء الأشد احتياجًا”.

خلال الفترة التي يغطيها التقرير صدر القانون رقم 78 لسنة 2016 بتعديل بعض أحكام قانون العقوبات بتغليظ العقوبة ضد كل من قام بتشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية. حيث ارتفعت   عقوبة مرتكب الجريمة من الحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر ولا تتجاوز سنتين، إلى السجن مدة لا تقل عن 5 سنوات ولا تتجاوز 7 سنوات.

رغم ذلك لاتزال معدلات ختان الإناث مرتفعة ، ومعظمها يتم بالمخالفة للقانون ، وليس هناك آليات فعالة لضمان الحد من هذه الظاهرة ، كما أن ظاهرة العنف المنزلي ضد النساء تشهد رواجا كبيرا وليس هناك رادع قانوني يضمن حماية المرأة من هذه الممارسات ، فضلا عن شيوع ظاهرة التحرش الجنسي في ظل ضعف العقوبات القانونية على مرتكب الجريمة وضعف جهود التوعية المجتمعية بخطورتها .

  • ضمانات المحاكمة العادلة

تلقت الحكومة المصرية 19 توصية تتعلق بضمانات المحاكمة العادلة ، وقد قبلت منها 12 توصية بشكل كلي و 5 توصيات بشكل جزئي ، و توصيتين فقط تم أَخذ العلم بهـما.

ويوفر الدستور المصري في مواده 96 ،97 ، 98 ضمانات جيدة للحق في المحاكمة العادلة والمنصفة ، كما أن قانون الإجراءات الجنائية الحالي يضع ضمانات للمحاكمة العادلة ، إلا إنه لا يسمح بتسريع وتيرة التقاضي وصولا إلى العدالة الناجزة ، ورغم وجود دعوات حاليا لتعديل القانون ومبادرات من الوزارات المعنية لتقديم مقترحات بالتعديلات المطلوبة ، إلا أن هناك تخوف شديدة من أن تأتي هذه التعديلات على حساب ضمانات المحاكمة العادلة .

وقد  شهدت الفترة التي يغطيها التقرير جدلا كبيرا فيما يتعلق بعدم حسم عدد من قضايا قتل المتظاهرين في أعقاب ثورة يناير 2011 ، وطول أمد المحاكمات لبعض أعضاء جهاز الشرطة المتهـمين في هذه القضايا  ومن أبرز الأمثلة على ذلك عدم حسم قضية مقتل الناشطة شيماء الصباغ حتى الآن رغم مرور عامين على مقتلها .

  • حماية التجمع السلمي

قدمت للحكومة المصرية 15 توصية متعلقة بحماية الحق في التجمع السلمي قبلت 4 توصيات منها بشكل جزئي ، و 5 توصيات بشكل كلي، وأخذت العلم ب 6 توصيات.

وقد نص الدستور في المادة 73 على أنه “للمواطنين حق تنظيم الاجتماعات العامة، والمواكب والتظاهرات، وجميع أشكال الاحتجاجات السلمية، غير حاملين سلاحًا من أي نوع، بإخطار على النحو الذي ينظمه القانون. وحق الاجتماع الخاص سلمياً مكفول، دون الحاجة إلى إخطار سابق، ولا يجوز لرجال الأمن حضوره أو مراقبته، أو التنصت عليه”.

رغم ذلك فإن القانون المنظم للحق في التجمع السلمي وهو القانون رقم 107 لسنة 2013، يعد معوقا لإعمال الحق في التظاهر ، وهو ما دفع المحكمة الدستورية مؤخرا للحكم بعدم دستورية المادة العاشرة منه والتي أجازت لوزير الداخلية أو مدير الأمن المختص أن يصدر قرارا مسببا يمنع الاجتماع العام أو الموكب أو التظاهرة أو إرجائها أو نقلها إلى مكان آخر أو تغيير مسارها.

وخلال الفترة التي يغطيها التقرير شهدت الساحة المصرية وقائع متعددة لمنع التظاهرات والقبض على المشاركين فيها ومحاكمتهـم بمقتضي القانون ، وتقرير عقوبات قاسية في حق الكثير منهـم ، وربما تكون الأحكام التي صدرت بحق عدد من المتظاهرين على خلفية قضية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية من أبرز الأمثلة على ذلك .

  • حماية حقوق الأقليات

قُدمت إلى الحكومة المصرية توصيتين فيما يتعلق بضرورة حماية حقوق الأقليات والعمل على ضمانها، وقد قبلتهـما الحكومة قبولا جزئيا

وقد نص الدستور المصري في المادة الثالثة  على أن “مبادئ شرائع المصريين من المسيحيين واليهود المصدر الرئيسي للتشريعات المنظِّمة لأحوالهـم الشخصية، وشئونهـم الدينية، واختيار قياداتهـم الروحية”.

كما تنص المادة 64، على أن “حرية الاعتقاد مطلقة. وحرية ممارسة الشعائر الدينية وإقامة دور العبادة لأصحاب الأديان السماوية، حق ينظمه القانون”.

وخلال الفترة التي يغطيها التقرير صدر القانون رقم 80 لسنة 2016، والخاص بموضوع بناء وترميم الكنائس، كما أصدرت جامعة القاهرة، قرارًا بإلغاء خانة الديانة من أوراق المعاملات الرسمية بجامعة القاهرة، أو بالشهادات الصادرة عنها.

ومع ذلك لاتزال هناك ممارسات طائفية يرتكبها بعض المواطنين في حق أقرانهـم المسيحيين ، ربما كان أشهرها قيام عدد من أهالي قرية “الكرم” بمركز “أبو قرقاص” بمحافظة المنيا بالتعدي على سبع منازل لأسر مسيحية بالضرب والإهانة وتحطيم محتويات منازلهـم. كما قاموا بتعرية سيدة مسيحية مسنة من ملابسها في مايو 2016 ، وكذلك اعتداء بعض أعراب قرية العلا الشرقية بمنطقة النهضة بالعامرية بالإسكندرية،  على كنيسة السيدة العذراء ومارجرجس بالقرية وعلى بعض الأقباط من قاطني القرية في سبتمبر 2015.

وبخلاف المسيحيين يعاني بعض المواطنين من التضييق على حريتهـم في إبداء معتقدهـم الديني ، ومن ذلك القبض على 4 أشخاص ينتمون لجماعة «القرآنيين»، بقرية أبو حريز التابعة لمركز كفر صقر بمحافظة الشرقية في يوليو 2015.

  • حماية حرية التعبير

قدمت للحكومة المصرية 11 توصية متعلقة بحماية حرية التعبير ، حيث قبلت الحكومة المصرية توصية واحدة جزئيا ، و7 توصيات قبول كلي، وتم أخُذ العلم ب 3 توصيات فقط.

وينص الدستور المصري في مواده 65 ، 67 ، 70 ، 71 على كفالة أشكال حرية الرأي والتعبير والإبداع الأدبي والفني وحرية الصحافة وحرية الإعلام  وحظر فرض الرقابة على الصحف ووسائل الإعلام .

وخلال الفترة التي يغطيها التقرير صدر القانون رقم 92 لسنة 2016، بهدف التنظيم المؤسسي للصحافة والإعلام ، إلا أن هناك عدد من الثغرات القانونية الخطيرة التي تقيد حرية التعبير لعل من أهـمها الفقرة “و” من المادة ٩٨ من قانون العقوبات والتي تتعلق بعقوبة ازدراء الأديان ، فضلا عن أن أحكام بعض القوانين الأخرى تعد بمثابة تقييد لحرية الرأي  وتقبل تأويلها أو استخدامها في الانتقاص من حقوق الصحف ووسائل الإعلام ومنها المادة 35 من قانون مكافحة الإرهاب رقم 94 ل 2015  والتي تنص على “يعاقب بغرامة لا تقل عن مائتي ألف جنيه ولا تجاوز خمسمائة ألف جنيه كل من تعمد، بأية وسيلة كانت، نشر أو إذاعة أو عرض أو ترويج أخبار أو بيانات غير حقيقية عن أعمال إرهابية وقعت داخل البلاد، أو عن العمليات المرتبطة بمكافحتها بما يخالف البيانات الرسمية الصادرة عن وزرة الدفاع، وذلك كله دون إخلال بالعقوبات التأديبية المقررة.

وفي جميع الأحوال، للمحكمة أن تقضي بمنع المحكوم عليه من مزاولة المهنة لمدة لا تزيد علي سنة، إذا وقعت الجريمة إخلالاً بأصول مهنته”.

كما إنه خلال نفس الفترة واجه عدد من المبدعين والكتاب والمفكرين عقوبات بالحبس أبرزهـم الباحث إسلام بحيري ، والروائي أحمد ناجي بتهـمة ازدراء الأديان ، كما شهدت ذات الفترة القبض على بعض المصورين والصحفيين بتهـم لها علاقة بعرق قانون التظاهر أو نشر مواد إعلامية تراها بعض السلطات مخالفة للحقيقة .

  • تعزيز حقوق الشباب

قدمت للحكومة المصرية 7 توصيات متعلقة بتعزيز حقوق الشباب ، حيث قبلتها الحكومة المصرية جميعا ، وينص الدستور المصري في المادة 82، على أنه “تكفل الدولة رعاية الشباب والنشء، وتعمل على اكتشاف مواهبهـم، وتنمية قدراتهـم الثقافية والعلمية والنفسية والبدنية والإبداعيةً، وتشجيعهـم على العمل الجماعي والتطوعي، وتمكينهـم من المشاركة في الحياة العامة” ، كما تتضمن المواد 180 ، 244 تخصيص حصة للشباب لتمثيلهـم في المجالس النيابية والمحلية المنتخبة .

خلال الفترة التي يغطيها التقرير تم عقد أول مؤتمر وطني للشباب برعاية رئيس الجمهورية ، وأعقبه عقد مؤتمرات شهرية للشباب ، وقد اتسمت المناقشات في هذه المؤتمرات بسقف حرية مرتفع وتمخض عنها قرارات جيدة فيما يتعلق بالعفو عن بعض الشباب المحبوسين على ذمة قضايا مرتبطة بقانون التظاهر ، فضلا عن بعض القرارات الأخرى ذات الصلة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية للشباب.

ورغم ذلك ، فإن الشباب في مصر يعاني اقتصاديا بصورة كبيرة جدا ، فوفقا للبيانات الرسمية الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء فإن  26.7٪ من الشباب في الفئة العمرية من (18- 29 سنه) يعانون من البطالة .

كما إن الانتخابات المحلية التي ستضمن تمثيلا كبيرا للشباب لم يتم إجرائها حتى الآن رغم مرور ستة أعوام على حل المجالس المحلية ، ومرور ثلاث سنوات على إقرار الدستور المصري ، فضلا عن بروز مشكلات أخرى متعلقة بعدم قدرة الشباب على الوصول لفرص تمويل المشروعات ورعاية مبادراتهـم الاقتصادية نتيجة سوء السياسات الاقتصادية والمالية المتبعة في هذا الشأن .

  • تعزيز حقوق المرأة

قدمت للحكومة المصرية 39 توصية متعلقة بتعزيز حقوق المرأة ، وقد قبلت الحكومة منها 35 توصية بشكل كلي ، كما قبلت 3 توصيات بشكل جزئي، وأخذت العلم بتوصية واحدة فقط.

وقد تضمن الدستور المصري عدة مواد تعزز حقوق المرأة ومساواتها بالرجل كالمادة 11 التي تكفل تحقيق المساواة بين المرأة والرجل في جميع الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والمادة 180، التي تضمن تمثيلا عادلا للنساء في المجالس المحلية.

وخلال الفترة التي يغطيها التقرير أطلق المجلس القومي للمرأة حملة إعلامية لدعم وتمكين النساء المصريات تحت عنوان “التاء المربوطة.. سر قوتك”، بالاشتراك مع صندوق الأمم المتحدة للسكان وبرنامج  الأمم المتحدة الإنمائي، وهيئة الأمم المتحدة للمرأة، وحكومة السويد.

ورغم ذلك لا تزال جهود تمكين المرأة لم تؤتي ثمارها بعد ، فوفقا للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، فإن  معدل المساهـمة في النشاط الاقتصادي يظهر تفاوتا ملموسا بين كل من الذكور والإناث ، حيث بلغ معدل مساهـمة الذكور 70.5% مقابل 22.5% للإناث، وأن معدل التشغيل للذكور بلغ 63.9 % مقابل 17.0% للإناث.

على المستوى السياسي فقد حصلت المرأة علي عدد 6 مقاعد فقط في خمسة لجان فقط من أصل 25 لجنة نوعية داخل مجلس النواب المصري، بنسبة 6% من أصل أعضاء هيئة مكاتب اللجان النوعية، ولا تزال نسبة تمثيل المرأة في المناصب السياسية والتنفيذية والقضائية محدودة للغاية ، حيث لا توجد أي امرأة تشغل منصب المحافظ ، وهناك 4 وزيرات فقط من إجمالي 34 وزير ، فضلا عن الضعف الشديد في نسبة العاملات من شاغلي الوظائف القيادية والإشرافية في المؤسسات الحكومية ، حيث بلغت على المستوى القومي 18.8% للمعينات في وظائف الإدارة العليا ، 28.8% للمعينات في وظيفة مدير عام.

  • مناهضة التعذيب

قدمت للحكومة المصرية 11 توصية متعلقة بمناهضة التعذيب  ، وقد قبلتها الحكومة المصرية جميعا ، وتنص المادة 52 من الدستور على أن “التعذيب بجميع صوره وأشكاله، جريمة لا تسقط بالتقادم”.

ورغم أن ممارسات التعذيب التي كانت شائعة قبل ثورة 25 يناير 2011 لم تعد تمارس بأسلوب منهجي واسع النطاق في الوقت الراهن ، إلا أن هناك وقائع متعددة تم الكشف عنها لازال معظمها قيد التحقيق من أشهرها مقتل المواطن طلعت شبيب بالأقصر نتيجة التعذيب وكذلك المواطن مجدي مكين بالقاهرة ، والمحامي كريم حمدي في مركز شرطة المطرية بالقاهرة ، والمواطن سيد الخزعولي في قسم شرطة رشيد بمحافظة البحيرة.

وتبقي الثغرة الجوهرية في هذه القضية عدم تعديل المواد 126 ، 129 من قانون العقوبات المصرية والتي لا تتضمن تعريفا لجريمة التعذيب يتناسب مع ما هو وارد في اتفاقية مناهضة كافة أشكال التعذيب والمعاملة القاسية والمهينة التي صدقت عليها  مصر .

  • مكافحة الفساد

قدمت للحكومة المصرية  7 توصيات متعلقة بمكافحة الفساد ، وقد قبلتها جميعا  ، وينص الدستور المصري في المادة 218، على أن “تلتزم الدولة بمكافحة الفساد، ويحدد القانون الهيئات والأجهزة الرقابية المختصة بذلك. وتلتزم الهيئات والأجهزة الرقابية المختصة بالتنسيق فيما بينها في مكافحة الفساد، وتعزيز قيم النزاهة والشفافية، ضماناً لحسن أداء الوظيفة العامة والحفاظ على المال العام، ووضع ومتابعة تنفيذ الإستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد بالمشاركة مع غيرها من الهيئات والأجهزة المعنية، وذلك على النحو الذي ينظمه القانون”.

ورغم أن هناك خطاب سياسي قوى متعلق بمكافحة الفساد ، وهناك جهود كبيرة تبذل من هيئة الرقابة الإدارية المصرية في ضبط وقائع الفساد وتقديم مرتكبيها للمحاكمة ، إلا أن البنية المؤسساتية والتشريعية لا تضمن وقاية كافية من الفساد ، وتوفر ثغرات  عديدة تسمح بإفلات مرتكبي جرائم الفساد من العقاب ، فعلي سبيل المثال لا زالت البيئة المؤسسية تخلو من وجود هيئة وطنية مستقلة لمكافحة الفساد بالشكل المنصوص عليه في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد ، كما أن البيئة التشريعية تخلو من قانون لحماية المبلغين والشهود ، وقانون لحرية تداول المعلومات ، فضلا عن وجود ثغرات خطيرة في قوانين العقوبات ، الكسب غير المشروع ، تسمح بإعفاء مرتكبي جرائم تقديم الرشوة أو التوسط فيها أو مرتكبي جرائم العدوان على المال من العقاب  .

  • الانضمام إلي المعاهدات الدولية لحقوق الإنسان والالتزام بها وسحب التحفظات

قدمت للحكومة المصرية 10 توصية متعلقة بالانضمام للمعاهدات والالتزام بها  وسحب التحفظات ، وقد قبلت منها 6 توصيات بشكل كلي ، وأخذت العلم ب 4 توصيات، وينص الدستور المصري في مادته رقم 93 على أنه تلتزم الدولة بالاتفاقيات والعهود والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان التي تصدق عليها مصر، وتصبح لها قوة القانون بعد نشرها وفقاً للأوضاع المقررة .

ولم تشهد الفترة التي يغطيها التقرير أي خطوات في سبيل التصديق على البروتوكولات الاختيارية لبعض الاتفاقيات الدولية التي انضمت إليها مصر ، كما لا تزال تحفظات مصر على بعض بنود الاتفاقيات كما هي قبل خضوعها للاستعراض الدوري الشامل في نوفمبر 2014 ، فضلا عن أن هناك بعض القوانين التي تخالف بعض الالتزامات الدولية وبعض نصوص الدستور  مثل  مواد تجريم التعذيب في قانون العقوبات ، قوانين النقابات ، قانون تنظيم العمل الأهلي ، وقانون التظاهر .

  • تعزيز ممارسات احترام حقوق الإنسان المتعلقة بجهات إنفاذ القانون

قدمت للحكومة المصرية 10 توصيات متعلقة بتعزيز ممارسات احترام حقوق الإنسان بجهات إنفاذ القانون ، وقد قبلتها الحكومة جميعا  ، وينص الدستور المصري في مادته رقم 206 على أن ” الشرطة هيئة مدنية نظامية، في خدمة الشعب، وولاؤها له، وتكفل للمواطنين الطمأنينة والأمن، وتسهر على حفظ النظام العام، والآداب العامة، وتلتزم بما يفرضه عليها الدستور والقانون من واجبات، واحترام حقوق الإنسان وحرياته الأساسية، وتكفل الدولة أداء أعضاء هيئة الشرطة لواجباتهـم، وينظم القانون الضمانات الكفيلة بذلك.” ، كما تنص المادة 51 : ” الكرامة حق لكل إنسان , ولا يجوز المساس بها، وتلتزم الدولة باحترامها وحمايتها.”

خلال الفترة التي يغطيها القانون صدر “قانون رقم 64 لسنة 2016 ، بشأن تعديل بعض أحكام قانون هيئة الشرطة، والتي ألزمت الضابط بالالتزام بأحكام هذا القانون  ” ومن أبرزها احترام الدستور والقانون ومعايير حقوق الإنسان في استخدام السلطة والقوة والالتزام بمعايير النزاهة والشفافية والشرعية الإجرائية ، حماية الحقوق والحريات والمحافظة على الكرامة الإنسانية واحترام القيم الديمقراطية وفقا للدستور والقانون، ضمان الحقوق الدستورية والقانونية ومعايير حقوق الإنسان في التعامل مع المتهـمين والمشتبه في تورطهـم بارتكاب جرائم، وقد أصدر اللواء مجدي عبد الغفار، وزير الداخلية بتاريخ 18 يناير 2017 قرارا بإنشاء اللجنة الدائمة لضبط الأداء الأمني في إطار حقوق الإنسان، لوضع الاستراتيجيات وخطط العمل بكل جهات الوزارة، اتساقا مع الدستور والقوانين والالتزامات المصرية وفقا للمعاهدات الدولية.

وربما يكون من المبكر الحكم على مدى جدوى هذه الإجراءات ، إلا أن الممارسات التي تم سردها في محاور سابقة والمتعلقة بوقائع التعذيب المتهـم فيها ضباط شرطة ، وكذلك حالات التعامل العنيف مع المتظاهرين تتناقض مع جوهر هذه التعديلات القانونية ، وتفرض على اللجنة المشار إليها تبني رؤية وإجراءات واضحة للحد من هذه الممارسات وضمان عدم تكرارها .

  • تعزيز المؤسسات الوطنية في مجالات الديمقراطية وحقوق الإنسان

قدمت للحكومة 2 توصيات في هذا الشأن وقد قبلتهـما الحكومة المصرية جميعا ، وينص الدستور المصري في المادة 214 على أنه   ” يحدد القانون المجالس القومية المستقلة، ومنها المجلس القومي لحقوق الإنسان، والمجلس القومي للمرأة، والمجلس القومي للطفولة والأمومة، والمجلس القومي للأشخاص ذوى الإعاقة، ويبين القانون كيفية تشكيل كل منها، واختصاصاتها، وضمانات استقلال وحياد أعضائها، ولها الحق في إبلاغ السلطات العامة عن أي انتهاك يتعلق بمجال عملها. وتتمتع تلك المجالس بالشخصية الاعتبارية والاستقلال الفني والمالي والإداري، ويُؤخذ رأيها في مشروعات القوانين، واللوائح المتعلقة بها، وبمجال أعمالها”.

ويشهد الواقع خلال الفترة التي يغطيها التقرير عن بطء إجراءات تعديل قانون المجلس القومي لحقوق الإنسان ليضمن استقلال المجلس عن السلطة التنفيذية ، كذلك لم يتم حتى الآن إنشاء الهيئة الوطنية للانتخابات وإصدار القانون المنظم لعملها .

  • ضمان الحق في الوصول لخدمات مياه الشرب والصرف الصحي

قدمت للحكومة المصرية توصية واحدة في هذا الشأن وقد قبلتها الحكومة بالفعل ، ولا يتضمن الدستور المصري مواد صريحة فيما يتعلق بحق المواطنين في الحصول على خدمات  مياه الشرب والصرف الصحي إلا إن هذا الحق مكفول ضمنا في مادتي 18 المتعلقة بالحق في الرعاية الصحية ، 78 المتعلقة بكفالة الحق في السكن  ومواجهة مشكلة العشوائيات .

وخلال الفترة التي يغطيها التقرير هناك جهود تبذل من اجل توسيع نطاق التغطية بشبكات الصرف الصحي ، كما أنه يجري حاليا مناقشة أول قانون لتنظيم قطاع مياه الشرب والصرف الصحي في مصر ، ورغم ذلك لا يزال 50% من المواطنين المصريين لا يتمتعون بخدمات الصرف الصحي المأمونة ،  وأكثر من 80% من المناطق الريفية ليس بها شبكات صرف صحي ، كما ن هناك شكاوى متكررة من نوعية مياه الشرب وتلوثها .

  • التعاون مع الآليات الدولية لحماية حقوق الإنسان

قدمت لمصر 15 توصية متعلقة بالتعاون مع الآليات الدولية لحماية حقوق الإنسان ، وقد قبلت الحكومة المصرية 7 توصيات منها، وقبلت توصية واحدة بشكل جزئي  وأخذت علم ب 7 توصيات .

خلال الفترة التي يغطيها التقرير تقدمت مصر ببعض التقارير لبعض هيئات معاهدات حقوق الإنسان ، ولكن لازال التعاون مع المقررين الخواص ليس على المستوى المطلوب ، حيث أن المقرر المعني بالتعذيب  يطلب زيارة مصر دون تلقي موافقة الحكومة المصرية ، كما إنه لم يتم حتى الآن اتخاذ خطوات في شأن إنشاء مقر للمفوضية السامية لحقوق الإنسان بمصر .

فيما يتعلق بالمستوى المؤسسي ، فليس هناك هيئة دائمة معنية بالتواصل مع الآليات الدولية لحماية حقوق الإنسان ، وقد طالب التحالف بإنشاء لجنة وطنية مستديمة تكون مهـمتها متابعة كافة التوصيات وإعداد كافة التقارير لآليات حماية حقوق الإنسان ، إلا أنه حتى الآن لا توجد سوى لجنة غير دائمة معنية بالاستعراض الدوري الشامل ، ولا تحرص اللجنة على إطلاع الرأي العام بنتائج عملها ودورية اجتماعاتها وليس هناك آلية واضحة لتواصل هذه اللجنة مع قوى المجتمع المدني .

  • مكافحة الاتجار بالبشر والهجرة غير الشرعية

قدمت لمصر 12 توصية في إطار قضية مكافحة الهجرة غير الشرعية والاتجار في البشر ، حيث قبلتها الحكومة المصرية جميعا ، وتنص “المادة 89 من الدستور على  حظر كل صور العبودية والاسترقاق والقهر والاستغلال القسري للإنسان، وتجارة الجنس، وغيرها من أشكال الاتجار في البشر، كما أن المادة   60 تحظر الاتجار بالأعضاء البشرية .

خلال الفترة التي يغطيها التقرير صدر قانون رقم 82 لسنة 2016 ، لمكافحة الهجرة غير الشرعية وتهريب المهاجرين”، حيث قام بتغليظ العقوبات علي كل من ساهـم وشارك في عملية هجرة بطريقة غير مشروعة كما يعاقب بالسجن أيضًا كل من هيأ أو أدار مكانًا لإيواء المهاجرين المهربين أو جمعهـم أو نقلهـم أو سهّل أو قدّم لهـم أي خدمات ، وبمقتضي القانون أنشأت بمجلس الوزراء لجنة تسمى: “اللجنة الوطنية التنسيقية لمكافحة ومنع الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر” ، وتختص اللجنة بالتنسيق على المستوى الوطني والدولي بين السياسات والخطط والبرامج الموضوعة لمكافحة ومنع الهجرة غير الشرعية وتقديم أوجه الرعاية والخدمات للمهاجرين المهربين وحماية الشهود في إطار الالتزامات الدولية الناشئة عن الاتفاقيات الدولية الثنائية أو متعددة الأطراف النافذة في جمهورية مصر العربية.

ومع ذلك فإن ظاهرة الهجرة غير الشرعية  كانت بارزة خلال الفترة التي يغطيها التقرير ، حيث تعتبر مصر محطة رئيسية لعصابات تهريب المهاجرين غير الشرعيين، إذ تغادر مراكب صيد متهالكة موانئ دمياط أو الإسكندرية وعلى متنها مهاجرون باتجاه إيطاليا أو اليونان ، وقد دفع آلاف الشباب حياتهـم ثمنا لهذه العمليات غير المشروعة في السفر ، ربما كان أبرز الحوادث  واقعة غرق مركب هجرة غير شرعية قبالة سواحل مدينة رشيد  راح ضحيته حوالي 200 شخص في سبتمبر 2016 .

وبحسب بيانات المنظمة الدولية للهجرة فقد تزايد المهاجرين المصريين، الذين وصلوا إيطاليا بين يناير ومايو2016 ، حيث بلغ عددهـم 1815 مهاجرا غير شرعيًا، بينهـم 1147 طفلا “غير مصحوب” (78 %)، لتحتل بذلك مصر المرتبة العاشرة، بين الدول المصدرة للمهاجرين غير الشرعيين إلى إيطاليا، كما أن عدد المهاجرين غير الشرعيين المصرين، الذين وصلوا اليونان بلغ 1000 شخص عام 2015.

خلال نفس الفترة التي يغطيها التقرير تفجرت قضايا متعلقة بالاتجار في الأعضاء البشرية ، حيث ضبطت هيئة الرقابة الإدارية في ديسمبر 2016 ، أكبر شبكة دولية للاتجار بالأعضاء البشرية، تضم مصريين وعرباً. ووفقاً لبيان هيئة الرقابة الإدارية، تبين أن أعضاء الشبكة استغلوا حاجة عدد من المواطنين البسطاء للأموال وأغروهـم بمبالغ مالية زهيدة مقابل الحصول على أعضائهـم والاتجار بها .

  • تعزيز برامج التربية علي حقوق الإنسان

قدمت لمصر 11  توصيات في إطار قضية تعزيز التربية على حقوق الإنسان، حيث قبلت الحكومة المصرية بشكل كلي 10 توصيات، وأخذت علم بتوصية واحدة فقط ، وتنص المادة 24 من الدستور على  أن ” تعمل الجامعات على تدريس حقوق الإنسان”.

حتى موعد  إعداد التقرير لم يتم إقرار منهج تدريسي في مجال حقوق الإنسان للمراحل التعليمية المختلفة ، وليس هناك أي خطط وطنية تتخذ طابع مؤسسي ومستديم متعلق بالتربية على حقوق الإنسان .

  • تعزيز الحق في الضمان الاجتماعي

قُدمت لمصر 3 توصيات متعلقة بالحق في الضمان الاجتماعي وقد قبلتهـما الحكومة المصرية ، وينص الدستور المصري في المادة 8 على أن “يقوم المجتمع على التضامن الاجتماعي. وتلتزم الدولة بتحقيق العدالة الاجتماعية وتوفير سبل التكافل الاجتماعي، بما يضمن الحياة الكريمة لجميع المواطنين، على النحو الذي ينظمه القانون.”

خلال الفترة التي يغطيها التقرير طرأت عدة تعديلات إيجابية على قانون الضمان الاجتماعي سمحت لمجلس الوزراء أن يستحدث أنماط مختلفة من المعاشات الضمانية للمستحقين ، وبناءا على هذا التعديل القانوني صدر  قرار مجلس الوزراء  رقم 540 لسنة 2015 ، بشأن برنامج تكافل وكرامة، لتقديم دعم نقدي مشروط للأسر والأفراد “، يعد برنامج تكافل وكرامة من أبرز انجازات الضمان الاجتماعي رغم ضعف قيمة المعاش، ففي برنامج تكافل، تحصل الأسرة المستحقة للدعم مبلغ 325 جنيهاً، وللتلاميذ بين 60-100 جنية إضافية علي حسب المرحلة التعليمية، أما برنامج كرامة فهو استحقاق فردي، يختص بالمسنين فوق 65 عام، والمعاقين غير قادرين علي العمل، حيث يمنح الفرد مبلغ 350 جنيهاً، كما يجوز الجمع بين البرنامجين لبعض الأفراد وفقاً لأحكام القانون ، وجدير بالذكر أن هذا البرنامج يستهدف الأسر الأشد فقراً وبحاجة إلي دعم نقدي.

في المقابل ، لا يزال المستفيدين من المساعدات والمعاشات الضمانية أقل بكثير من المستحقين الفعليين لها من الفئات منعدمة أو منخفضة الدخل ، حيث تشير التقديرات إلى أن قرابة ثلث الأسر المصرية تعيش دون حد الفقر ، فضلا عن أن القيمة المقدرة للمعاشات الضمانية ضعيفة للغاية مقارنة بالتضخم الشديد الذي تشهده الأسواق المصرية في الشهور الأخيرة .

  • احترام التسامح الديني والتنوع الثقافي

قدمت لمصر 11 توصيات متعلقة باحترام وتشجيع مبادرات الحوار والتسامح الديني وقد قبلتها الحكومة المصرية جميعا ، ويتضمن الدستور المصري مواد متعددة ترسخ لفكرة المواطنة والمساواة بين المواطنين بغض النظر عن ديانتهـم ، إلا أنه لا يتضمن مواد محددة ترسخ  لتعزيز دور الدولة في دمج قيم الحوار والتسامح الديني وتشجيع المبادرات ذات الصلة ، وإن كان الخطاب السياسي الرسمي يؤكد على هذه القضايا بشكل متكرر .

خلال الفترة التي يغطيها التقرير  أثيرت أكثر من مرة وفي مناسبات متعددة الدعوة لتجديد وإصلاح الخطاب الديني ، خاصة في ظل استغلال الجماعات المتطرفة للفهـم الخاطئ لعديد من النصوص الدينية وممارسة التكفير والعنف اللفظي والمادي بوحي هذا الفهـم  ، إلا أن  الواقع  يشهد بأنه لم تتخذ أي خطوات جادة في سبيل إصلاح الخطاب الديني خلال الفترة التي يغطيها التقرير ، ولم تتبني الدولة أي مبادرات جادة لإدارة حوار ايجابي وبناء بين منتسبي الأديان المختلفة ، ولم تقم بخطوات ملموسة في سبيل تعزيز قيم التسامح الديني .

  • تعزيز المسئولية الاجتماعية للشركات

تلقت مصر 4 توصيات في إطار هذه القضية وقد قبلتها جميعا ، وتنص “المادة 36 من الدستور على أن  تعمل الدولة على تحفيز القطاع الخاص لأداء مسؤوليته الاجتماعية في خدمة الاقتصاد الوطني والمجتمع”.

ورغم ذلك  فإن الفترة التي يغطيها التقرير لم تشهد صدور أي تشريعات أو قرارات من شأنها تحفيز مؤسسات الأعمال على تطبيق نهج المسئولية الاجتماعية ، بل إن عدد لا بأس به من الشركات التي كانت تخصص موازنة معقولة لأنشطة المسئولية المجتمعية  خفضت موازناتها بسبب الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تعيشها مصر .

وبشكل عام فإن الحكومة المصرية لا تتبني إستراتيجية واضحة المعالم فيما يتعلق بتعزيز المسئولية الاجتماعية للشركات ، ولا تقدم إعفاءات ضريبية أو تسهيلات يعتد بها لتشجيع الشركات على  تبني هذا المدخل .

  • ضمان الحق في التنمية الاقتصادية

قدمت لمصر 11 توصية في هذا الشأن وقد قبلتها جميعا ، وتنص المادة 236 من الدستور على أن  “تكفل الدولة وضع وتنفيذ خطة للتنمية الاقتصادية، والعمرانية الشاملة للمناطق الحدودية والمحرومة، ومنها الصعيد وسيناء ومطروح ومناطق النوبة”، كما تنص المادة 238 على غايات النظام الضريبي التي تتمحور حول تحقيق التنمية الاقتصادية .

  • تحسين بيئة عمل المنظمات الأهلية

قدمت لمصر 20 توصية في إطار قضية تحسين بيئة العمل الأهلي وقد قبلت الحكومة المصرية 6 توصيات بشكل جزئي ، كما قبلت 12 توصية بشكل كامل، وتوصيتين تم أخذ العلم بهـما

وينص الدستور المصري في المادة 75 على أن “للمواطنين حق تكوين الجمعيات والمؤسسات الأهلية على أساس ديمقراطي، وتكون لها الشخصية الاعتبارية بمجرد الإخطار. وتمارس نشاطها بحرية، ولا يجوز للجهات الإدارية التدخل في شئونها، أو حلها أو حل مجالس إداراتها أو مجالس أمنائها إلا بحكم قضائي. ويحظر إنشاء أو استمرار جمعيات أو مؤسسات أهلية يكون نظامها أو نشاطها سريًا أو ذا طابع عسكري أو شبه عسكري، وذلك كله على النحو الذي ينظمه القانون.”

رغم ذلك ، فإن الفترة التي يغطيها التقرير لم تشهد الانتهاء من إقرار قانون جديد للعمل الأهلي بديلا عن القانون 84 لسنة 2002 الذي يعد مقيدا وينتقص من حقوق المنظمات الأهلية ويتناقض مع جوهر النص الدستوري وتوصيات الاستعراض الدوري الشامل ، ورغم أن البرلمان بادر بإقرار قانون معيب للعمل الأهلي  في ديسمبر 2016 ، إلا أن ضغوط المنظمات الأهلية والجهد الذي بذله تحالف منظمات المجتمع المدني المصرية من أجل الاستعراض الدوري الشامل دفع السيد رئيس الجمهورية لمطالبة البرلمان بإعادة النظر في القانون بمقتضي الصلاحية الدستورية الممنوحة للرئيس بالاعتراض على القوانين ، وحتى الآن يبقي مصير القانون الجديد مجهولا.

كما شهدت ذات الفترة تضييقا شديدا على حق المنظمات في تلقي التمويل من أجل تنفيذ  تدخلاتها التنموية ، فضلا عن تعرض  عدد من النشطاء للمحاكمة بتهـمة تلقي تمويل بطريقة غير مشروعة على خلفية القضية المعروفة إعلاميا بقضية التمويل الأجنبي .

  • ضمان الحق في الصحة والتعليم

قدمت لمصر 5 توصيات في إطار هذه القضية وقد قبلتها جميعا ، وهناك عدد من المواد الدستورية التي تؤكد على ضرورة صيانة الحق في التعليم والصحة ومنها المادة 18 التي تنص على أن  لكل مواطن الحق في الصحة وفي الرعاية الصحية المتكاملة وفقاً لمعايير الجودة، وتلزم الدولة بتخصيص نسبة من الإنفاق الحكومي للصحة لا تقل عن 3 % من الناتج القومي الإجمالي تتصاعد تدريجيًا حتى تتفق مع المعدلات العالمي ، كما تلزمها  بإقامة نظام تأمين صحي شامل لجميع المصريين يغطى كل الأمراض ، كما أن المادة 219  تنص على أن التعليم حق لكل مواطن، وتلتزم الدولة بتخصيص نسبة من الإنفاق الحكومي للتعليم لا تقل عن 4% من الناتج القومي الإجمالي، والمادة 20 تلزم  الدولة بتشجيع التعليم الفني والتقني والتدريب المهني وتطويره، والمادة 21 تلزم الدولة بتخصيص نسبة من الإنفاق الحكومي للتعليم الجامعي لا تقل عن 2% من الناتج القومي الإجمالي.

رغم ذلك لا يزال التعليم في مصر يعانى بشدة من انخفاض جودته، حيث أن حالة المدارس سيئة، ومعدلات التكدس في الفصول مرتفعة للغاية، والتعليم الفني منفصل عن الحاجة الفعلية لسوق العمل، والأوضاع المهنية والمادية للمدرسين متدنية للغاية.

فيما يتعلق بالصحة ، فإن الحكومة لم تصدر حتى الآن قانون التأمين الصحي الشامل للمواطنين ، ورغم الانجاز الكبير الذي حققته الحكومة في القضاء على فيروس الالتهاب الكبدي سي ، إلا أن معدلات الإصابة بالإمراض المتوطنة الأخرى والسرطانات مرتفعة للغاية ، وتتسم الخدمات الحكومية التي تقدمها الدولة من خلال مستشفياتها بانخفاض شديد في مستوى جودتها ، وهناك نقص في الأدوية عقب الإجراءات المالية التي أدت لانخفاض قيمة الجنيه المصري .

[foogallery id=”21509″]

 

مواضيع

شارك !

أضيف مؤخراً

محتوى ذو صلة

القائمة
arالعربية