طمس الهوية تزايد التمييز العنصري تجاه الأقليات العرقية والدينية منطقة الشرق الأوسط

مقدمة

يصادف 21 مارس من كل عام اليوم العالمي للقضاء على التمييز العنصري والذي يشكل مناسبة للتفكر في التقدم المحرز لمكافحة خطابات الكراهية والتمييز العنصري ضد الأقليات العرقية والدينية في محاولة لتعزيز ثقافة عالمية من التسامح والمساواة ومناهضة التمييز فضلاً عن نبذ التحيزات العنصرية، وعلى هذا النحو تشهد بعض الدول في منطقة الشرق الأوسط مؤشرات أو مظاهر انتهاكات لحقوق الأقليات لاعتبارات تتعلق بتصورات متخذي القرار لهذه الأقليات على أنها تهديد للنسق الاجتماعي والإيديولوجية الشاملة الذي تحاول الحكومات فرضها على المجتمع للتحكم في الجوانب العامة للحياة الاجتماعية والسياسية الخاصة بالمواطنين الهادفة إلى فرض السيطرة الكاملة لضمان عدم تهديد سلطة النخبة والفئة الحاكمة وقد تكون هذه الإيديولوجية دينية أو عرقية أو كلاهما.

وبالتالي  فهي ترى أن التنوع الثقافي والاجتماعي الناتج عن تعدد الأقليات العرقية يهدد هذا الإطار الشامل، فبدل من الاعتراف بالحقوق الثقافية والاجتماعية للأقليات سواء كانت عرقية أو دينية تحاول فرض إطار ثقافي يخدم أهداف الدولة ويشمل لغة معينة وتعليم موحد وفى بعض الأحيان توجهات دينية واحدة يأتي هذا بالإضافة إلي مجموعة من انتهاكات حقوق الإنسان التي  تشمل القتل خارج إطار القانون وقمع المدافعين عن حقوق الإنسان وحالات التعذيب والإهمال الطبي وغيرها من الانتهاكات المختلفة، وتقوم الحكومات بتبرير هذه الانتهاكات تحت شعارات شعبوية تمثل المحافظة على الأمن القومي للدولة بتصدير خطابات تتناول خطورة هذه الأقليات على الوحدة الجغرافية لإقليم الدولة.

وفى هذا الإطار ينص القانون الدولي والمعاهدات الدولية على حق الأقليات العرقية أو الدينية أو اللغوية في التمتع بثقافتها أو في المجاهرة بدينها وممارسة شعائره أو في استخدام لغتها مثل المادة الثانية من الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، ومن ثم وخلال التطورات الأخيرة في منطقة الشرق الأوسط من صعود لمشروعات إيديولوجية معينة تتجاهل حقوق الأقليات العرقية والدينية ولا تعترف بها إلا تحت ضغط من المجتمع الدولي والمنظمات الدولية الحكومية وغير الحكومية العاملة في مجال حقوق الإنسان.

ومن ثم؛ تلقى هذه الدراسة الضوء على انتهاكات حقوق الأقليات في منطقة الشرق الأوسط في ثلاثة دول أساسية تمثل بؤرة لصعود مشروعات إيديولوجية قومية ودينية تتجاهل حقوق الأقليات، الدولة الأولى هي الجمهورية الإسلامية الإيرانية والتي تجمع الهوية الإسلامية الشيعية والثقافة التاريخية الفارسية في مواجهة حقوق الأقليات من الشعوب الأصلية غير الفارسية والتي لا تعتمد الإسلام الشيعي كمصدر للدين مثل الأحواز العرب وجماعة البهائيين، بينما تعتبر الجمهورية التركية هي الدولة الثانية والتي تتبني القومية الأتاتوركية  في مواجهة حقوق الشعب الكردي في جنوب شرق تركيا مع بعض المناوشات مع الأقليات الدينية الأخرى مثل المسيحيين، في حين تعتبر دولة الاحتلال الإسرائيلي هي النموذج الثالث بسبب تبنيها لنمط الدولة اليهودية القومية والتي تناهض حقوق عرب 48 داخل المجتمع الإسرائيلي وحقوق اليهود الأثيوبيين بينما تتجاهل الدراسة الخلافات ما بين اليهود الاشكناز واليهود الفلاشة باعتبارها مناوشات لنفس الجماعة العرقية اليهودية المكونة للمجتمع.

في البداية تناقش الدراسة وضع الأقليات في القانون الدولي الإنساني والمعاهدات الدولية، في حين تعرض القوانيين التي تعمل على التمييز بين الأقليات في إيران وإسرائيل وتركيا وهي قوانيين تعمل على شرعنه الانتهاكات والانتقاص من الحقوق الثقافية والاجتماعية لهذه الأقليات فيتم تدريس اللغة الفارسية إجبارياً في إيران للأقليات العرقية والدينة مثل (الاحواز والبلوش والتركمان والاكراد وغيرهم)، في حين لا تسمح القوانين في تركيا للأقليات مثل الغجر والأكراد بعدم استخدام اللغة الأم أو الدراسة بها، وتتجاهل التاريخ الثقافي لهم، وفى إسرائيل لا يتم الاعتراف في القوانين إلا بالهوية والقومية اليهودية، بينما يدافع أعضاء هذه الأقليات عن حقوقهم الثقافية والاجتماعية ويتعرضوا لمجموعة من الانتهاكات المختلفة مثل الاعتداء على بعض حقوقهم في الحياة والاعتقالات التعسفية وقمع التجمعات السلمية والتعذيب وغيرها من الانتهاكات المختلفة ذات الصلة، وبالأخير تعرض الدراسة مجموعة من التوصيات لمعالجة وضع هذه الأقليات الحقوقي في الدول سابقة الذكر في محاولة للاعتراف بحقوقهم الثقافية والاجتماعية المختلفة.

عنصرية ممنهجة: إطار قانوني يسمح بممارسة التمييز ضد الأقليات

على الرغم من أن القوانين والمواثيق الدولية تنص على ضمان حقوق الأقليات والشعوب الأصيلة، حيث ينص العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية في المادة الأولى منه على حق الشعوب في تقرير المصير مع ضرورة احترام حقوق الأقليات الثقافية والاجتماعية وضمان إدراجها في المجتمع وممارسة شعائره أو في استخدام لغتها، وتعزز المادة 27 من ذات العهد الحقوق الثقافية واللغوية والاجتماعية للأقليات المختلفة، في حين تنص المادة الخامسة من الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري إلى احترام عدم التمييز بين المواطنين  بسبب العرق أو اللون أو الأصل القومي أو الإثني، وهي دعوة صريحة لضرورة احترام حقوق الأقليات الدينية والعرقية، بينما ينص الإعلان العالمي بشأن حقوق الأشخاص المنتمين إلى أقليات قومية أو إثنية وإلى أقليات دينية ولغوية لمجموعة من المبادئ التي يتوجب على الدول اتباعها لاحترام حقوق الأقليات والتي من بينها ضرورة احترام الحقوق الثقافية والتعليمية للأقليات وإلزام الدول بتوفيرها للمواطنين من هذه الأقليات، إلا ان القوانين في إيران وتركيا وإسرائيل تعمل على تكريس التمييز والعنصرية ضد الأقليات.

ففي تركيا بالرغم من تصديقها على المواثيق الدولية المختلفة التي تضمن حقوق الأقليات الدينية والعرقية مثل العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري والاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، إلا أن الدستور والقوانين التركية تحتوي على مجموعة من المواد المختلفة التي تكرس لحالة التمييز والتهميش الذي يعاني منها العديد من الأقليات، هذا مع عدم وجود مواد قانونية ودستورية كافية تضمن حماية الأقليات من التمييز العنصري علي أساس الدين أو العرق أو تحارب الممارسات السلبية المختلفة التي تشجع على الاضطهاد أو التميز.

إذ تنص المادة 42 من الدستور التركي على عدم جواز تدريس أي لغة أخرى غير التركية كلغة أم للمواطنين الأتراك في أي من مؤسسات التدريب أو التعليم بينما يحدد القانون اللغات الأجنبية التي يتم تدريسها في مؤسسات التدريب والتعليم والقواعد الواجب اتباعها في المدارس التي تجري التدريب والتعليم بلغة أجنبية، وتسمح هذه المادة للحكومة التركية بالتحكم في تعليم اللغة الأرمنية واللغة الكردية بما يشكل قيود على الحقوق التعليمية للأقليات المختلفة.

للحصول علي نسخة كاملة من التقرير برجاء استكمال البيانات التالية :-

مواضيع

شارك !

أضيف مؤخراً

محتوى ذو صلة

القائمة
arالعربية