fbpx

قتل وتشريد ونزوح- حصيلة التدخل العسكري التركي

مقدمة

تستغل الدولة التركية حالة الفوضى في المنطقة للهجوم على الدول المجاورة والتي تشهد نزاعات داخلية، حيث تُظهِر العديد من المؤشرات أن تركيا تعتزم مواصلة تمدُّدها في المنطقة، وأن هذا التمدُّد بات جزءاً من عقيدتها السياسية والاستراتيجية لترسيخ النفوذ الإقليمي، في ظل حكومة حزب العدالة والتنمية، بقيادة رجب طيب أردوغان.

فالدولة التركية، وعبر مشروع واستراتيجية “العثمانية الجديدة”، باتت تتدخل في العديد من الدول العربية، عبر دعم أحزاب ومليشيات وأنظمة خارجة عن القانون، وذلك بهدف بث الفوضى والنيل من سيادة تلك الدول وتقسيم الأوطان. ومن يتابع التدخلات العسكرية والاقتصادية التركية في المنطقة، سيكتشف حضورا وتمددا تركيا في كل من سوريا ولبنان وليبيا واليمن والصومال وقطر الأمر الذي ينتج عنه الكثير من انتهاكات حقوق الإنسان.

ففي أواخر أغسطس 2020، نشر النائب السابق بالبرلمان التركي عن حزب “العدالة والتنمية” الحاكم متين جلونك، خريطة لـ “تركيا الكبرى”، تعود إلى عهد السلاجقة، وتضم مساحات واسعة من شمال اليونان وجزر بحر إيجة الشرقية، ونصف بلغاريا، وقبرص، وأرمينيا في مجملها، ومناطق واسعة من جورجيا والعراق وسوريا. وشهدت تركيا في الفترة الأخيرة تصاعداً في الحديث حول ما يُسمَّى “الوطن الأزرق”، وهو مشروع تحدَّث عنه الجيش التركي ووزير الدفاع خلوصي أكار، مراراً، يقوم على فرض تركيا سيطرتها في البحار المحيطة بها (شرق البحر المتوسط، وبحر إيجة، والبحر الأسود).

وقد شهدت السنوات القليلة الماضية قيام تركيا بشن ثلاث عمليات توغُّل عسكرية في سوريا، وأرسلت إمدادات ومقاتلين إلى ليبيا، ونشرت قواتها البحرية في شرق المتوسط لتأكيد مزاعمها بشأن حقوقها في المنطقة، ووسَّعت عملياتها العسكرية ضد مُسلَّحي حزب العمال الكردستاني شمال العراق، وأرسلت تعزيزات عسكرية إلى آخر معاقل المعارضة السورية في إدلب، وأخيراً، قَدَّمت مساعدات عسكرية وعناصر مرتزقة سوريين لدعم أذربيجان في حربها ضد أرمينيا من أجل استعادة إقليم ناغورني قره باغ. ولدى تركيا اليوم وجود عسكري مباشر في قطر والصومال وأفغانستان، وقوات لحفظ السلام في البلقان، ويعتبر وجودها العسكري العالمي في الوقت الحالي الأكبر منذ أيام الإمبراطورية العثمانية.

وتعتبر التدخلات الخارجية العسكرية أحد أهم الأدوات التركية لرسم هذه السياسات والتي أسفرت عن جملة انتهاكات لحقوق الإنسان نتيجة الغارات الجوية التي استهدفت المدنيين بالإضافة إلى تدمير البنية التحتية السكنية والمباني الخدمية ناهيك عن استخدام الأسلحة المحرمة دوليًا وتأثيرها على المدنيين.

وفى هذا الإطار قامت الحكومة التركية بشن العديد من العمليات العسكرية خارج أراضيها خاصة في شمال شرق سوريا لتحقيق أهداف سياسية وعسكرية واقتصادية، وذلك بالمخالفة للعديد من المواثيق والمعاهدات الدولية القانونية التي تنص على عدم التدخل في الشئون الداخلية للدول والتي من بينها إعلان عدم جواز التدخل بجميع أنواعه في الشئون الداخلية للدول والذي تم اعتماده طبقًا لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 36/103 ، والمادة الثانية الفقرة السابعة من ميثاق الأمم المتحدة والتي تنص على عدم التدخل الخارجي في شئون الدولة أي كان نوعه، ومن ثم تلقى هذه الورقة الضوء على انتهاكات حقوق الإنسان المرتبطة بالعمليات العسكرية التركية التي قامت بها الحكومة التركية في شمال شرق سوريا خلال السنوات الأخيرة، بالتركيز على استهداف المدنيين والبنية التحتية في الشمال السوري مع توضيح الآثار الإنسانية الناتجة عن هذه التدخلات العسكرية والتي توضح معاناة المدنيين في شمال شرق سوريا.

 

مواضيع

شارك !

أضيف مؤخراً

محتوى ذو صلة

القائمة
arالعربية