الرقابة الشعبية على الانتخابات عبر الإعلام الشعبي

مقدمة

عندما تتاح المعلومات المبنية على الإيمان بأهمية قيمة المعرفة وتتاح العدالة في الوصول إلى تلك المعلومات و وتتوفر المهارات اللازمة لاستخدام تكنولوجيا المعلومات يمكن عنده القول بان هذا المجتمع مجتمعا معلوماتي وهو أمر شديد الأهمية لتحديث المجتمع وتطوير موارده بما ينعكس إيجابا على حالة الفرد والمواطن في المجتمع

ويمكن القول دون الخوض في التفاصيل أن المقصود بالإعلام الجديد ” هو دمج أدوات الإعلام القديمة مع الرقمية وشبكة المعلومات العالمية مما يسهل عملية نشر المعلومات والأخبار بسرعة فائقة ويوفر عملية تفاعلية بين المرسِل والمستقبِل ؛ حيث يستطيع المرسل التواصل مع المستقبِل ومعرفة وجهات النظر حول أي موضوع ” أن تكنولوجيا الإعلام هي جزء من التكنولوجيا العامة وظيفتها المساهمة في إنتاج وتطوير وسائل الإعلام الجماهيرية المعروفة.

ولا شك أن تجربة مراقبة الانتخابات في مصر التي بدأت  ولأول مرة عام 1995 أحدثت تطورا ملحوظا في مجال المشاركة السياسية ووضعت العملية الانتخابية في مصر في صدر المشهد السياسي هذا على الرغم من أن مراقبة الانتخابات في السابق كان يتم تناولها من قبل الإعلام بصورة المختلفة  إلا أن الإعلام في الماضي كان قاصرا على البث التلفزيوني والإذاعي ؛ مما يجعل الأخبار والمعلومات محدودة وفي نطاق ضيق بسبب الاعتماد الكامل على تواجد المراسل أو الصحفي في موقع الدائرة الانتخابية  ليقوم بأخذ الصور عن طريق كاميراته وبعض المعلومات عن سير العملية الانتخابية من الأشخاص المتواجدين في موقع الحدَث ، وقد تأخذ المعلومات والأخبار وقتًا طويلاً كي تصل إلى المواطنين في محافظات مصر وقد تأخذ شهورا لتصل إلى خارج مصر .

أما الآن وبوجود شبكة المعلومات العالمية ( الانترنت ) ؛ لم تعُد كتابة الأخبار أيا كان نوعها وبخاصة تلك المتعلقة بسير العملية الانتخابية  حِكرًا على المراسلين أو القنوات الإخبارية ، حيث أصبح بإمكان أيّ شخص عادي أن ينشر الأخبار والمعلومات ويمررها للآخرين مُرفِقًا الصور أو مقاطع الفيديو المناسبة ، ومع الطفرة التكنولوجية الحديثة أصبح بالإمكان نشر الأخبار والمعلومات في دقائق معدودة لكل الأشخاص في مختلف البلدان والأقطار ، وصار بالإمكان أخذ وجهات النظر في نفس اللحظة ، وذلك بوجود الوسائط المتعددة التي تسهل عملية انتقال المعلومات ، وهذا ما يسمى بـ الإعلام الجديد New Media

هذا ا لإعلام الذي أعاد لمفهوم الحق في الاتصال اعتباره وهو ما حدا بمنظمة اليونسكو أن تصدر  إعلان الحق في الاتصال، في الدوحة مايو 2009 ونصت مادته بضرورة ممارسة حرية الرأي والتعبير وحرية الإعلام كجزء من حقوق الإنسان وحرياته العامة والأساسية،وضمان حصول الجمهور على المعلومات عن طريق تنوع مصادر ووسائل الإعلام المهيأة له،ليحق الفرد التأكد من الوقائع وتكوين رأيه بصورة موضوعية.

  • وقد قررت سلسلة من الاجتماعات تسعى للبحث عن تعريف محدد لمفهوم الحق في الاتصال، فهو حاجة إنسانية أساسية وأساس لكل مواطن اجتماعي،ويثبت الحق في الاتصال للأفراد،كما يثبت للمجتمعات التي تتكون منهم.
  • كما أدرك العرب مفهوم الحق في الاتصال بما يتضمن من ضرورة الحرية في الحصول على المعلومات،وحرية تداولها والاستفادة منها واعتبار ذلك حقا لكل فرد في المجتمع وحق الفرد في حرية التعبير،وفي أن يعلم وفي حماية خصوصيته وحركته،وحقه في الاجتماع،والانتفاع بموارد المعلومات وحق المؤسسات الإعلامية في الانتفاع بموارد المعلومات وحرية التعبير،وفي النشر وحرية الحركة،وعلى النطاق الدولي،حق كل الدول في أن تعلم،وحقها في ضمان التدفق الحر والمتوازن للمعلومات وفي حماية ذاتيتها الثقافية.
  • وبحسب ما يرى راسم الجمال  (أستاذ الإعلام الدولي بكلية الإعلام جامعة القاهرة) فإن السير نحو حق الاتصال بمفهومه العام وما يتضمنه من حريات يرتبط بالمناخ الديمقراطي العام،إذ هو في الواقع إقرار بالحق الكامل للفرد والجماعة في اختيار النسق الديمقراطي وإدارته.
  • أو هو حق الفرد في الحصول على المعلومات والمعارف والاطلاع على تجارب الآخرين و حقه في التعبير و إيصال الحقيقة للآخرين و الاتصال بهم و مناقشتهم والتأثيرات في القيادات الاجتماعية و السياسية بما يخدم الفرد والجماعة وهو في الوقت نفسه الحق في الاجتماع والمناقشة والمشاركة و الحوار، لفهم ظروف المجتمع و إمكانياته الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و لحق الاتصال علاقة متينة بتكوين الفرد و تطور الجماعة وبالحرية والديمقراطية واختيار النظام السياسي و الاجتماعي.
  • وهناك من يلخص مفهوم الحق في الاتصال بأنه متجاوز للحق في تلقي الرسالة الإعلامية أو الحصول على المعلومات فهو متعلق بالمشاركة في العملية الاتصالية.
    ويمكن للإعلام الجماهيري أو الشعبي أن يعوض   من ناحية النقص الواضح في التشريع المصري الذي لا يسمح بمراقبة الانتخابات على عكس دول أخرى كفلسطين والعراق

ومن ناحية أخرى يمكن للإعلام البديل أن يلعب دور في ظل غياب الإشراف القضائي على العملية الانتخابية ولكن يجب القول إن تجربة استخدام تقنيات الإعلام البديل في مراقبة الانتخابات المصرية لا زالت تتسم بالخجل والتواضع الشديدين وتحتاج من المنظمات المعنية بالمراقبة إلى بذل الجهد قبل الانتخابات البرلمانية والشورى القادمة حتى تؤتى ثمارها

فالآن عندما يتسلّح أي مواطن بمجموعة من آلات الاتصال الالكترونية الصغيرة (كاميرا رقمية ، حاسب محمول ، مسجل صوتي صغير ….. الخ ) وينطلق إلى الميدان يقتنص الأخبار ؛ فإنّ هذه التقنية الذكية تمكّنه من أن يتحوّل إلى صحفي ، وعندما يقوم أي مواطن بإعداد حديث صحفي مع شخصيّةٍ عامّة وينشر تفاصيله على مدونته الالكترونية فإنّ هذا العمل يخوّله أن يصبح صحفيًا محترفًا ، وعندما ينشر أي مواطن أخبارًا ومعلوماتٍ لم تسبقه إليها المؤسسات الإعلامية التقليدية العريقة فإنّ هذا السبق الصحفي يضفي عليه صفة الصحفي ، إذا يمكن للمنظمات الحقوقية أن تعتمد على كوادرها من غير الصحفيين لتدريبهم على استخدام وسائل الاتصال الحديثة لمتابعة ما يدور في مراحل العملية الانتخابية بمراحلها الثلاثة ، حيث  أن الإعلام وسيلة من وسائل الضبط الاجتماعي وهو بتعريف بسيط كل ما من شأنه أن يعد أو يوصل معلومات إلى المواطن؛ وهذا هو جوهر العملية الانتخابية.

إلا أن المنظمات الحقوقية في سعيها للاستفادة بالإعلام الجديد في عملية المراقبة يجب أن تعي بوجود تحديات لا زالت تمنع الاستفادة الكاملة من تلك الوسائل .

مواضيع

شارك !

أضيف مؤخراً

محتوى ذو صلة

القائمة
arالعربية